في أجواء تتباين الأمل والحذر، أسفرت قمة شرم الشيخ لاتفاق السلام عن توقيع اتفاق أولي لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، يمثل المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المكونة من 20 نقطة لإنهاء الحرب التي امتدت لأكثر من عامين. ومع ذلك، سرعان ما برز غياب أبرز الجهات الفلسطينية الرسمية عن الاجتماعات، مما أثار مخاوف بشأن شرعية الاتفاق وتمثيل الشعب الفلسطيني ككل.
خلفية القمة وتفاصيل الاتفاق
انعقدت الاجتماعات في المدينة المصرية الساحلية على البحر الأحمر يومي 6-8 أكتوبر الماضي، تحت رعاية وسطاء إقليميين، وسط تصاعد الضغوط الدولية لإنهاء النزاع الذي أودى بحياة أكثر من 67 ألف فلسطيني، بما في ذلك 20 ألف طفل، وفق إحصاءات وزارة الصحة في غزة.297ce5 يأتي الاتفاق بعد مفاوضات غير مباشرة مكثفة، حيث أكدت حماس وإسرائيل التوصل إلى اتفاق يشمل:
إطلاق سراح الأسرى: تبادل 48 أسيرًا إسرائيليًا (20 منهم أحياء) مقابل إطلاق سراح 250 فلسطينيًا يقضون أحكامًا بالسجن المؤبد، بالإضافة إلى 1700 محتجز من غزة، وجميع النساء والأطفال الفلسطينيين المعتقلين.
انسحاب جزئي للقوات الإسرائيلية: سحب تدريجي من 40% إلى 70% من القطاع، مع الاحتفاظ بسيطرة إسرائيلية على أجزاء استراتيجية، وفتح ممرات إنسانية للإغاثة.
ضمانات أمريكية: التزام الولايات المتحدة بضمان عدم عودة القتال، مع إشراف مصري وقطري وتركي على التنفيذ.
وصف الرئيس ترامب الاتفاق بأنه “قريب جدًا من الصفقة”، مشيرًا إلى أنه سيحضر حفل التوقيع المرتقب في مصر، بينما أعرب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن “ترحيب واسع”، معتبرًا اللحظة “انتصارًا لإرادة السلام”.e67605 ومع ذلك، أكد مسؤولون إسرائيليون استمرار الهجمات حتى التنفيذ الكامل، مما أسفر عن مقتل 29 فلسطينيًا يوم 9 أكتوبر.
أبرز الغائبين: منظمة التحرير وغياب الإطار الوطني
رغم مشاركة وفود من حماس والفصائل المقاومة الأخرى مثل الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، برز غياب منظمة التحرير الفلسطينية (PLO) ورئيسها محمود عباس كأبرز الغائبين، مما أثار انتقادات حادة لعدم تمثيل “الشرعية الوطنية”.
المنظمة، التي تعترف بها الأمم المتحدة كممثل شرعي للشعب الفلسطيني منذ 1974، لم تُدعَ أو شاركت في الاجتماعات، رغم تقديمها “خطة اليوم التالي لغزة” التي حظيت بدعم الجامعة العربية والإتحاد الأوروبي.
يُعتبر هذا الغياب “مسًّا بجوهر التمثيل الفلسطيني”، حيث يُختزل النقاش إلى فصائل ميدانية دون الإطار الجامع، مما يحول قضية غزة من وطنية إلى إنسانية منفصلة عن الضفة الغربية.
كما غابت السلطة الوطنية الفلسطينية تمامًا، رغم مطالبها السابقة بإدارة ما بعد الحرب، مما يُثير تساؤلات حول كيفية ربط غزة بالدولة الفلسطينية الموعودة.
من الغائبين الآخرين، لم ترسل دول خليجية مثل السعودية والإمارات وروسيا وإسرائيل وفودًا رفيعة المستوى، رغم ترحيبها الرسمي بالاتفاق، بينما شاركت قطر وتركيا بشكل نشيط كوسطاء.
أما على الصعيد الدولي، فغاب الاتحاد الأوروبي ككل، مع تركيز الجهود على الوسطاء الإقليميين.