في تطور مثير يضع النجم الفرنسي كيليان مبابي تحت مجهر القضاء، كشفت تقارير صحفية فرنسية عن فتح السلطات تحقيقًا رسميًا مع مهاجم ريال مدريد، على خلفية شبهات تتعلق بدفع أموال طائلة لعناصر من الشرطة المركزية، كانوا مكلفين بتأمين تحركاته خلال مشاركته مع منتخب فرنسا.
وأكد مكتب المدعي العام في باريس في تصريحات لوكالة الأنباء الفرنسية “فرانس برس”، أن التحقيق تم فتحه بناء على تقرير مفصل وصل من جهاز الاستخبارات المالية الفرنسي المعروف باسم “تراكفين”، أشار إلى وجود تدفقات مالية مثيرة للشبهات من حسابات مبابي إلى خمسة من ضباط الشرطة وثلاثة من رجال الأمن الخاص.
ملفات مالية غير مشروعة على طاولة القضاء
القضية التي بدأت في يوليو 2024 تأخذ منحى تصعيديًا مع توالي التحقيقات، خاصة أن الاتهامات تتعلق بشبهات “خدمات غير معلنة” وعمليات “غسل أموال ناتجة عن أنشطة مالية غير قانونية”، وهو ما دفع مفتشية الشرطة الوطنية لفتح ملف تحقيق داخلي، تزامنًا مع إحالة القضية إلى النيابة العامة في باريس للتحقيق القضائي.
ووفقًا لما أوردته الجهات القضائية، فإن السلطات تتحرى عن ملابسات التحويلات المالية، مع محاولة تحديد طبيعة الخدمات التي حصل عليها الضباط مقابل هذه المبالغ الكبيرة.
مبالغ ضخمة دفعت مقابل “خدمات سرية”
صحيفة “لو كانار أونشينيه” الفرنسية نشرت تحقيقًا موسعًا أكدت فيه أن مبابي دفع ما يتراوح بين 180 ألف إلى 300 ألف يورو لبعض عناصر الشرطة، مقابل ما وُصف بـ”خدمات خاصة” لم يتم التصريح بها رسميًا.
وأشارت الصحيفة إلى أن أحد قادة الأمن كان يرافق مبابي خلال رحلات خاصة داخل فرنسا وخارجها، أبرزها رحلات إلى الكاميرون ومنطقة بروفانس، في ترتيبات لم تكن تخضع لأي رقابة مؤسسية رسمية.
رد حاسم من معسكر مبابي
في المقابل، سارع ممثلو مبابي بإصدار بيان رسمي ينفي أي تجاوزات قانونية من قبل اللاعب، مؤكدين أن جميع المعاملات المالية الخاصة بمبابي كانت “شفافة وتمت وفق الأطر القانونية”.
وأوضح البيان أن مبابي، منذ انضمامه للمنتخب الفرنسي، دأب على التبرع بجميع مكافآته المالية من المباريات الدولية لصالح جهات خيرية، كما تم توزيع بعض هذه الأموال على طاقم الحماية الخاص بالمنتخب، والبالغ عددهم ثمانية أفراد بينهم عناصر من الشرطة.
إجراءات تأديبية مرتقبة بحق مسؤولين في الشرطة
بحسب ما نقلته الصحيفة الأسبوعية، فإن مفتشية الشرطة الوطنية تستعد لعقد جلسات تأديبية لعدد من عناصر الأمن المتورطين، وعلى رأسهم قائد أمني بارز، حيث تقرر إلزامه بإعادة جزء من الأموال التي حصل عليها بطريقة “غير مستحقة”، حسب التحقيقات الأولية.
كما يُتوقع أن يشهد خريف 2025 تصعيدًا في القضية مع بدء جلسات استماع مغلقة واستدعاء الأطراف كافة، وسط تكتم رسمي من الاتحاد الفرنسي لكرة القدم، الذي لم يعلّق حتى الآن على المستجدات.
مبابي يواجه تحديًا مزدوجًا في مدريد وباريس
القضية تأتي في توقيت حرج بالنسبة لكيليان مبابي الذي بدأ موسمه الأول بقميص ريال مدريد، بعد انتقاله التاريخي خلال فترة الانتقالات الصيفية، حيث تسعى إدارة الملكي لحماية اللاعب من أي تشويش خارج الملعب.
لكن مصادر قانونية فرنسية تؤكد أن مسار القضية قد يستمر لفترة طويلة بالنظر إلى تشعب المعاملات البنكية، واحتمالية ظهور أسماء أخرى قد تكون متورطة في ملف غسل الأموال والخدمات غير المعلنة.
أزمة تتصدر وسائل الإعلام الفرنسية
منذ اللحظات الأولى لتسريب التحقيقات، تصدرت أزمة مبابي المشهد الإعلامي في فرنسا، وسط حالة جدل واسعة بين جماهير الكرة، بين من يرى أن اللاعب تعرض لحملة تشويه بسبب نجوميته وشهرته، ومن يطالب بكشف الحقيقة كاملة حول الأموال المدفوعة لعناصر أمن الدولة.
وينتظر الشارع الرياضي الفرنسي ما ستسفر عنه التحقيقات خلال الأسابيع المقبلة، في واحدة من أكثر القضايا التي تمس لاعبًا بحجم كيليان مبابي منذ بداية مسيرته الكروية.
واتخذ كيليان مبابي، نجم منتخب فرنسا وريال مدريد الحالي، قرارًا شخصيًا بعد بطولة كأس العالم قطر 2022، بالتبرع بمبالغ مالية لعناصر الشرطة الفرنسية الذين تولوا مهمة تأمين بعثة “الديوك” خلال فترة البطولة.
وبحسب تقارير إعلامية فرنسية، جاء قرار مبابي تقديرًا للجهود الكبيرة التي بذلها رجال الأمن في حماية اللاعبين والجهاز الفني خلال تواجدهم في قطر، وسط أجواء جماهيرية صاخبة وضغوطات أمنية كبيرة.
وحرص مبابي على التعبير عن امتنانه بشكل مباشر لعناصر الشرطة الذين سافروا مع المنتخب ورافقوه خلال جميع تنقلاته داخل المعسكرات وخارجها، معتبرًا أن دورهم كان محوريًا في توفير الأجواء الآمنة التي ساعدت اللاعبين على التركيز داخل الملعب.
هذا التبرع جاء ضمن تقاليد اللاعب بدعمه للعديد من المبادرات الإنسانية والخيرية، حيث يُعرف مبابي بتبرعه بكامل مكافآته الدولية في أغلب البطولات التي شارك بها، في خطوة لاقت احترامًا وتقديرًا داخل الأوساط الرياضية الفرنسية.