كشفت الدكتورة ناتيا تشيخويفا، أخصائية أمراض الجهاز الهضمي، عن حقائق مثيرة للاهتمام حول تلك الرغبة الملحة التي تنتاب الكثيرين لتناول الحلويات، مؤكدة أن هذا الشعور لا يعني بالضرورة الإصابة بمرض السكري، كما يظن البعض بشكل خاطئ.
وفي تصريحاتها العلمية، أوضحت أن هذا المفهوم الشائع يفتقر إلى دعم علمي قوي، مشيرة إلى أن الرغبة المتكررة في السكريات تنبع من عوامل متنوعة تشمل العادات الغذائية، نقص العناصر الغذائية الأساسية، اضطرابات النوم، وحتى الضغوط النفسية التي تواجهها الأفراد في حياتهم اليومية.
وأضافت الدكتورة ناتيا أن مرض السكري، في جوهره، هو اضطراب في عملية استقلاب الجلوكوز داخل الجسم، وليس نتيجة مباشرة لشغف الشخص بالحلويات. وبدلاً من ذلك، قد يكون شعور الإنسان بنقص الطاقة أو انخفاض مستوى السكر في الدم مرتبطًا بنظام غذائي غير متوازن، أو انخفاض في السعرات الحرارية المستهلكة، أو حتى مجرد حالة من الإرهاق البدني والذهني.
وفي سياق متصل، أشارت إلى أن تخطي الوجبات أو الإفراط في تناول الكربوهيدرات البسيطة يمكن أن يتسبب في تقلبات حادة بمستويات السكر في الدم؛ حيث يرتفع بسرعة ثم يهبط بشكل مفاجئ، مما يدفع الجسم إلى المطالبة بجرعات إضافية من السكر لتعويض هذا الانخفاض.
وفي تحليل أعمق، أوضحت ناتيا أن السكر يتم هضمه وامتصاصه بسرعة فائقة في مجرى الدم، ما يمنح الجسم دفعة طاقة فورية ولكنها قصيرة الأمد.
هذا التأثير السريع يشبه إلى حد كبير عمل المنبهات مثل الكافيين أو النيكوتين، حيث يشعر الشخص بالجوع مجددًا بعد فترة وجيزة، مما قد يمهد الطريق لنوع من الاعتماد النفسي والجسدي على الحلويات كمصدر رئيسي للطاقة. ومع تكرار هذا النمط، يعتاد الجسم على السكر، ليصبح الابتعاد عنه تحديًا حقيقيًا.
ولم تتوقف الدكتورة عند هذا الحد، بل سلطت الضوء على عوامل أخرى قد تكمن وراء هذه الرغبة، مثل نقص المغنيسيوم الذي يؤدي إلى الشعور بالإجهاد وضعف في الإشارات العصبية، مما يدفع الجسم إلى البحث عن “تعزيز” سريع عبر السكريات.
وفي نصيحة عملية، أوصت بتغيير العادات الغذائية تدريجيًا، مثل تقليل كمية السكر المضافة إلى المشروبات كالشاي، واللجوء إلى بدائل طبيعية مثل العسل بكميات معتدلة، أو حتى الامتناع الكلي عن التحلية كخطوة أولى نحو حياة أكثر صحة.
وفي تحذير مهم، أكدت ناتيا أن الإفراط المستمر في تناول الحلويات قد يشكل خطرًا على المدى الطويل، حيث يرهق البنكرياس ويجبره على إفراز كميات كبيرة من الإنسولين لمواجهة السكر الزائد في الدم.
وبمرور الوقت، تفقد الأنسجة حساسيتها لهذا الهرمون، مما يمهد الطريق للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني بشكل تدريجي، غالبًا دون ظهور أعراض واضحة في المراحل المبكرة، ما يجعل الوقاية والاعتدال أمرين لا غنى عنهما.