شهد سعر الدولار الأمريكي تراجعًا ملحوظًا أمام الجنيه المصري خلال شهر يوليو 2025، حيث هبط إلى أقل من 49 جنيهًا لأول مرة هذا العام، مسجلًا أدنى مستوى له منذ نوفمبر 2024. هذا الانخفاض، الذي جاء مدعومًا بمجموعة من العوامل الاقتصادية والسياسية، أثار اهتمام المحللين والمستثمرين، وسط توقعات باستمرار تحسن أداء الجنيه المصري خلال النصف الثاني من العام.
ميجا نيوز تستعرض الأسباب الرئيسية وراء هذا التراجع، استنادًا إلى بيانات البنك المركزي المصري وآراء خبراء اقتصاديين.
أسباب تراجع سعر الدولارزيادة تدفقات النقد الأجنبي
قال الدكتور محمد عبد الوهاب الخبير المالي أسهمت زيادة التدفقات النقدية الأجنبية في تعزيز احتياطي مصر من العملات الصعبة، مما دعم استقرار الجنيه. وفقًا لبيانات البنك المركزي المصري، ارتفع احتياطي النقد الأجنبي إلى 48.7 مليار دولار بنهاية يونيو 2025، مقارنة بـ 47.1 مليار دولار في ديسمبر 2024.
وأوضح عبد الوهاب في تصريحات خاصة لـ ميجا نيوز هذه الزيادة جاءت مدعومة بارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج، التي قفزت إلى 32.6 مليار دولار خلال الفترة من مارس 2024 إلى فبراير 2025، بنمو سنوي بلغ 72.4%. كما ساهمت عوائد السياحة، التي سجلت رقمًا قياسيًا بـ 3.9 مليون سائح في الربع الأول من 2025، في تعزيز هذه التدفقات.
تحسن مؤشرات الاقتصاد المصري
وتابع الدكتور محمد عبد الوهاب أن الاقتصاد المصري شهد تحسنًا ملحوظًا في مؤشراته الرئيسية، بما في ذلك زيادة صافي الأصول الأجنبية لدى القطاع المصرفي إلى 14.7 مليار دولار في مايو 2025، مقارنة بـ 13.6 مليار دولار في أبريل.
وأكد عبد الوهاب أن الاستثمارات الأجنبية الجديدة، مثل صفقة استثمارية متوقعة من الصندوق السيادي القطري بقيمة 4 مليارات دولار في مشروعات سياحية بالساحل الشمالي، ساهمت في تعزيز الثقة بالسوق المصري. هذه العوامل قللت من الضغط على الجنيه وزادت من استقراره.
تراجع الطلب على الدولار
من جانبه كشف الدكتور علي الإدريسي خبير الاقتصاد انخفاض الطلب على الدولار في السوق المصري بسبب عوامل موسمية، مثل تراجع طلبات الاستيراد، بالإضافة إلى اختفاء المضاربة في السوق السوداء. مشيراًإلى أن تحسن احتياطي النقد الأجنبي وتدفقات الاستثمارات الأجنبية ساهما في تقليص الطلب على العملة الأمريكية، مما أدى إلى تراجع سعرها.
دعم خارجي وتمويلات دولية
وتابع الإدريسي في تصريحات خاصة لـ ميجا نيوز ان مصر تلقت دعمًا ماليًا كبيرًا من مؤسسات دولية وشركاء إقليميين، مما عزز من سيولة النقد الأجنبي. على سبيل المثال، وافق البرلمان الأوروبي على تقديم قرض بقيمة 4 مليارات يورو لمصر، بأجل سداد يمتد إلى 35 عامًا.
وأضاف أن مصر تلقت أيضا 1.2 مليار دولار من صندوق النقد الدولي في مارس 2025 بعد المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، مع خطط لدمج المراجعتين الخامسة والسادسة في سبتمبر 2025، مما يعزز فرص الحصول على تمويلات إضافية.
تراجع الدولار عالميًا
ولفت الدكتور علي الإدريسي أن الدولار شهد تراجعًا عالميًا أمام العملات الرئيسية، مدفوعًا بسياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاقتصادية، بما في ذلك فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على الواردات من اليابان وكوريا الجنوبية، مما أضعف جاذبية الأصول بالدولار.
صرح الإدريسي أن المخاوف من العجز المالي الأمريكي وتراجع عوائد سندات الخزانة الأمريكية طويلة الأجل إلى أقل من 4.4% أثرت في تقليل الطلب على الدولار عالميًا، مما انعكس إيجابيًا على السوق المصري.
تحليل الأثر على السوق المصري
أشار تقرير لبنك “جولدمان ساكس” إلى أن الجنيه المصري لا يزال مقومًا بأقل من قيمته الحقيقية بنسبة 30%، مما يعزز من الميزة التنافسية للصادرات المصرية والسياحة.
ومع ذلك، تأتي التحذيرات من عدم استجابة السوق المصري بسرعة لانخفاض سعر الدولار، حيث يميل التجار إلى الاحتفاظ بأسعار مرتفعة لتعويض الخسائر السابقة يأتي ذلك مع توقعات استمرار تحسن أداء الجنيه خلال النصف الثاني من 2025، مع توقعات بتراوح سعر الدولار بين 45 و50 جنيهًا، مدعومًا بحوافز استثمارية جديدة للمصريين العاملين بالخارج وزيادة عوائد السياحة.
توقعات المستقبل
وتتفاوت توقعات الخبراء بشأن استمرار تراجع الدولار. في حين يرى صندوق النقد الدولي أن متوسط سعر الصرف سيبلغ 49.6 جنيه خلال العام المالي الحالي، توقعت مؤسسة “إي إف جي هيرميس” تقلبات محتملة قد ترفع سعر الدولار إلى 51.75 جنيه. ومع ذلك، يبقى استقرار السوق مرهونًا باستمرار تدفقات النقد الأجنبي وزيادة الإنتاج الصناعي والزراعي لتقليل الاعتماد على الواردات.