مع تصاعد الصراع بين إيران وإسرائيل، الذي دخل أسبوعه الثاني في يونيو 2025، تتجه الأنظار نحو الولايات المتحدة، وسط مخاوف متزايدة من تدخل عسكري أمريكي قد يغير قواعد اللعبة في المنطقة. تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي أشار فيها إلى احتمال شن ضربات على المنشآت النووية الإيرانية خلال أسبوعين، أثارت حالة من القلق العالمي.
تحرك مقاتلات “بي-2” الشبحية الأمريكية نحو المحيط الهادئ، وفقًا لتقارير أخبارية، يعزز التكهنات بأن إيران قد تكون على شفا مواجهة عسكرية مباشرة مع الولايات المتحدة. هذا التقرير يستعرض الأوضاع الحالية، أسباب التصعيد، والسيناريوهات المحتملة، استنادًا إلى تصريحات رسمية وتحليلات إقليمية.
خلفية الصراع: جذور التوتر
بدأت الجولة الحالية من التصعيد في 13 يونيو 2025، عندما شنت إسرائيل حملة جوية استهدفت منشآت عسكرية ونووية إيرانية، بما في ذلك مواقع إنتاج الصواريخ ومركز أبحاث نووية في طهران، وفقًا لتقارير إسرائيلية. ردت إيران بضربات صاروخية وطائرات مسيرة على مدن إسرائيلية مثل حيفا وبيت شيآن، مما أسفر عن مقتل 24 مدنيًا إسرائيليًا و430 شخصًا في إيران، بينهم قادة عسكريون وعلماء نوويون، وفقًا لإحصاءات الطرفين.
يأتي هذا التصعيد وسط توترات نووية مستمرة. رفضت إيران، بقيادة الرئيس مسعود بزشكيان، وقف تخصيب اليورانيوم، مؤكدة أن برنامجها النووي سلمي. في المقابل، يصر الرئيس ترامب على أن إيران تمتلك القدرة على تطوير أسلحة نووية، متجاهلاً تقييمات مجتمع الاستخبارات الأمريكية التي تنفي ذلك. فشل المفاوضات النووية، التي كان من المقرر استئنافها في جنيف، زاد من حدة التوتر، حيث اشترطت إيران وقف الضربات الإسرائيلية كشرط للعودة إلى طاولة الحوار.
تصريحات إيرانية وأمريكية: لهجة التحدي
أثارت تصريحات وزير الدفاع الإيراني العميد عزيز نصيرزاده الجدل، حيث هدد باستهداف القواعد الأمريكية في المنطقة إذا اندلع صراع عسكري مع الولايات المتحدة، مشيرًا إلى اختبار صاروخ بوزن رأس حربي يبلغ طنين. من جانبه، حذر المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي من أن التدخل الأمريكي سيؤدي إلى “أضرار لا يمكن إصلاحها”. في المقابل، أعرب ترامب عن قلقه بشأن استهداف الأمريكيين في إيران، مؤكدًا أنه سيضطر لاتخاذ إجراءات قوية إذا حدث ذلك.
وأشار ترامب إلى أنه سيحدد موقفه خلال أسبوعين، مع إمكانية استخدام قنابل “Bunker-Busting” لتدمير المنشآت النووية الإيرانية، وهي خطوة قد تؤدي إلى تصعيد خطير. تحرك مقاتلات “بي-2” الشبحية إلى غوام، وفقًا لتقارير شبكة ABC، يعزز التكهنات بأن الولايات المتحدة تستعد لخيار عسكري محتمل.
جهود دبلوماسية متعثرة
حاولت دول أوروبية، بما في ذلك بريطانيا وفرنسا وألمانيا، التوسط لتهدئة الصراع، حيث عُقد اجتماع في جنيف يوم 20 يونيو 2025 بمشاركة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي. لكن الجهود لم تسفر عن اختراق، حيث أصر ترامب على أن الدبلوماسية الأوروبية لم تحقق تقدمًا، وأن إسرائيل “تحقق نجاحات عسكرية” تجعل وقف الضربات أمرًا صعبًا.
في الوقت نفسه، دعا الأمين العام للأمم المتحدة إلى ضبط النفس، بينما حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أن استخدام الأسلحة النووية التكتيكية من قبل الولايات المتحدة سيكون “كارثيًا”.
تداعيات محتملة: سيناريوهات الصراع
1. تدخل أمريكي مباشر: إذا قرر ترامب الانضمام إلى إسرائيل في استهداف المنشآت النووية الإيرانية، فقد يؤدي ذلك إلى حرب إقليمية شاملة تشمل وكلاء إيران في لبنان (حزب الله) واليمن (الحوثيون)، مما يهدد استقرار دول الخليج والقواعد الأمريكية في المنطقة.
2. استمرار الصراع الإسرائيلي-الإيراني: في حال عدم التدخل الأمريكي، قد يستمر الصراع في شكل هجمات متبادلة، لكنه سيظل محصورًا نسبيًا، مع تركيز إسرائيل على إضعاف القدرات العسكرية والنووية الإيرانية.
3. حل دبلوماسي: يبقى الحل الدبلوماسي ممكنًا إذا وافقت إيران على تجميد أنشطتها النووية مقابل وقف الضربات الإسرائيلية، لكن تصريحات المسؤولين الإيرانيين تشير إلى صعوبة هذا السيناريو في الوقت الحالي.
التأثيرات الإقليمية والدولية
أدى الصراع إلى نزوح مئات الأمريكيين من إيران، وسط تقارير عن تعرضهم لمخاطر متزايدة. كما أثارت الضربات الإسرائيلية على منشآت مدنية، بما في ذلك مستشفيات، إدانات عربية ودولية، مع اتهامات لإسرائيل بانتهاك القانون الدولي. في المنطقة، عبرت دول مثل قطر وتركيا عن قلقها من احتمال تصعيد الصراع إلى نزاع إقليمي أوسع، مما قد يؤثر على الاقتصادات العربية الهشة.
من ناحية أخرى، أعلنت الولايات المتحدة عن عقوبات جديدة تستهدف برامج إيران الصاروخية والنووية، في محاولة للضغط اقتصاديًا على طهران. ومع ذلك، يرى محللون أن هذه العقوبات قد تزيد من تصلب الموقف الإيراني بدلاً من دفعها نحو التفاوض.
تحليل: هل إيران على شفا الحرب؟
رغم التصريحات المتشددة، يبدو أن إيران تسعى لتجنب مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة. فقد أظهرت استعدادًا للحوار غير المباشر مع واشنطن عبر وسطاء، كما سحبت بعض مستشاريها العسكريين من اليمن لتخفيف التوترات. ومع ذلك، فإن استمرار الضربات الإسرائيلية، بدعم أمريكي محتمل، يضع إيران في موقف دفاعي قد يدفعها للرد بقوة، خاصة إذا استُهدفت قواعدها النووية الحيوية مثل فوردو.
في المقابل، يواجه ترامب ضغوطًا داخلية من قاعدته المناهضة للتدخل العسكري في الشرق الأوسط، إلى جانب معارضة بعض أعضاء الكونجرس مثل السيناتور تيم كين، الذي قدم قرارًا لمنع استخدام القوات الأمريكية دون موافقة الكونجرس. هذه الديناميكيات تجعل قرار التدخل العسكري محفوفًا بالمخاطر سياسيًا ودوليًا.