أثار التشكيل الجديد للمجلس الأعلى للثقافة، ، جدلًا واسعًا في الأوساط الثقافية المصرية، بعد أن ضم غالبية من الأسماء التي تجاوزت أعمارها السبعين والثمانين عامًا، ما أثار تساؤلات حول غياب الوجوه الشابة واستمرار “حرس قديم” في قيادة المشهد الثقافي الرسمي ، مع الإعلان عن الأسماء، انطلقت موجة انتقادات غير مسبوقة، حيث رصد متابعو الشأن الثقافي قائمة تكاد تخلو من الشباب، بينما سيطر على المجلس رموز ثقافية كبيرة في السن بعضها ابتعد عن العمل الميداني لسنوات طويلة.
وفيما يلي أبرز الأسماء والأعمار في التشكيل الجديد:
أحمد عبد المعطي حجازي – 90 سنة: الشاعر الكبير وأحد رموز الثقافة القومية الذي ظل لعقود من الأسماء الثابتة في المشهد الأدبي الرسمي.
مفيد شهاب – 89 سنة: الأكاديمي والقانوني البارز، ووزير سابق، يعود مجددًا في التشكيل الجديد.
علي الدين هلال – 84 سنة: أستاذ العلوم السياسية ووزير الشباب الأسبق، اسم ظل حاضرًا في لجان الفكر السياسي بالمجلس لعقود.
يوسف القعيد – 81 سنة: الأديب والكاتب الشهير بعضوية نيابية سابقة، لا يزال ضمن تشكيلة المجلس رغم ابتعاده النسبي عن الحراك الثقافي.
مشيرة خطاب – 81 سنة: الدبلوماسية السابقة التي لعبت دورًا بارزًا في الدفاع عن حقوق الإنسان، مستمرة ضمن المجلس.
مصطفى الفقي – 80 سنة: الدبلوماسي والمفكر السياسي المعروف، تولى إدارة مكتبة الإسكندرية لسنوات، ولا يزال من الشخصيات المؤثرة بالمجلس.
علي بدرخان – 79 سنة: المخرج السينمائي المخضرم، ممثل لجنة السينما، ما أثار تساؤلات حول تمثيل الأجيال الأحدث في مجال الفن السابع.
درية شرف الدين – 77 سنة: الإعلامية والوزيرة السابقة، مستمرة في لجنة الإعلام الثقافي بالمجلس.
راجح داوود – 70 سنة: المؤلف الموسيقي الكبير، أحد أعضاء لجنة الموسيقى.
نيفين أصغر أعضاء المجلس – 61 سنة: أصغر الأعضاء ضمن التشكيل، لتؤكد الأرقام فجوة عمرية واضحة بين المجلس وبين قطاع كبير من الشباب المثقف.
انتقادات حادة: “المجلس الأعلى أم مجلس المُخضرمين؟”
سرعان ما اشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي بتعليقات ناقدة للتشكيل، أبرزها تركز على أن المجلس الجديد يعيد إنتاج أزمة سيطرة “جيل فوق السبعين”، بينما تتجاهل وزارة الثقافة قطاعًا كبيرًا من المبدعين الشباب والفاعلين الجدد على الساحة.
من التعليقات الرائجة:
“مجلس أعلى للثقافة أم مجلس أعلى للمُخضرمين؟”
“أين الشباب من مشهد تشكيل الثقافة الرسمية؟”
“هؤلاء رموز لا خلاف على تاريخهم، لكن هل يمثلون حاضر ومستقبل الثقافة؟”
“90 سنة ويدير الثقافة! هذا ليس احترام خبرة بل تجاهل أجيال كاملة”
مطالب كثيرة برزت بإعادة النظر في تركيبة المجلس، خاصة مع تصاعد الاحتجاجات من أوساط الشباب المثقف، الذين اعتبروا أنفسهم خارج معادلة صنع القرار الثقافي الرسمي.
رد الوزير أحمد هنو: “نحتاج الخبرة.. لكن التغيير قادم”
من جانبه، حاول وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو امتصاص موجة الانتقادات، موضحًا أن الاختيارات تمت وفق معايير “الخبرة والمكانة العلمية والثقافية” وأن المجلس يمثل مرجعية فكرية للدولة، مؤكدًا: “نحن في مرحلة دقيقة، تحتاج إلى حكماء الثقافة وخبرات التراكم، ولا يعني هذا إقصاء الشباب إطلاقًا، بل سيتم فتح مسارات أخرى موازية لمشاركة الشباب”.
وأضاف الوزير خلال كلمته الرسمية عقب التشكيل:
“المجلس الأعلى للثقافة هو مجلس سياسات وتوصيات، أما التنفيذ على الأرض فستقوده المؤسسات الثقافية التي تضم شبابًا في مواقع الإدارة والعمل الميداني”.
وأشار إلى أنه سيتم تفعيل لجان شبابية استشارية موازية لعمل المجلس.
دعم مبادرات الأقاليم الشبابية الثقافية.
إطلاق مسابقة وطنية لاختيار أعضاء شباب بلجان مساعدة ضمن المجلس.
مشهد متكرر أم بداية لتغيير قادم؟
عدد من المثقفين اعتبروا تصريحات الوزير بمثابة “مسكنات وقتية”، مشيرين إلى أن الأسماء المعينة تعكس اتجاها واضحًا للإبقاء على الحرس القديم، وهو ما قد يؤثر على آليات تجديد الخطاب الثقافي ومواكبة المتغيرات الفكرية والفنية.
أبرز مخاوفهم تركزت حول:
عجز هذا التشكيل عن مواكبة التحولات الرقمية.
غياب المبدعين الذين تفاعلوا مع الجمهور خلال السنوات الأخيرة.
ترسيخ حالة المركزية الثقافية في العاصمة.
البعض دافع عن التشكيل: “الخبرة أولًا”
في المقابل، دافع عدد من النقاد عن تشكيل المجلس مؤكدين أن المرحلة الحالية من التغيرات المجتمعية الحادة تحتاج لعقول حكيمة ذات رؤية طويلة الأمد.
من أبرز الآراء المدافعة:
“لا مانع من وجود شيوخ الثقافة إذا تفاعلوا مع الشباب”.
“التشكيل ليس مجلس تنفيذي.. المهم تأثير السياسات على الأرض”.
“هناك رموز كبار السن لا تزال قادرة على العطاء والتوجيه”.
إلى أين يتجه المجلس؟
الوزير أحمد هنو أكد خلال تصريحاته أن لائحة المجلس الجديدة المنتظر إصدارها قريبًا ستشمل:
إتاحة الفرصة لضخ دماء جديدة داخل اللجان المتخصصة.
السماح بانتداب أعضاء من جيل الشباب بشكل دوري.
تفعيل لجان تخصصية جديدة تلائم العصر مثل لجنة الذكاء الاصطناعي.
كما أوضح أن المجلس في شكله الجديد سيكون مجلسًا مرنًا في تركيبته، مع صلاحيات أوسع لرئيس المجلس في تكليف كوادر جديدة لدعم الأنشطة النوعية.
وفي ظل هيمنة أسماء تخطت الثمانين والتسعين عامًا، يبقى السؤال الأهم مطروحًا: هل يمكن لـ”مجلس الكبار” أن يقدم حلولًا واقعية لمستقبل الثقافة المصرية، أم سيظل في نظر كثيرين مجرد إطار رمزي بلا قدرة تنفيذية فعلية؟
الأيام القادمة، وتحديدًا جلسة جوائز الدولة المقبلة نهاية يوليو، قد تكون اختبارًا حقيقيًا لمصداقية التصريحات الحكومية بخصوص “تجديد الدماء” في العمل الثقافي المصري.