هل يؤثر تعاطي الحشيش على زيادة معدل الانفصام الاجتماعي؟ الأمر الذي كشفته دراسة حديثة نُشرت في مجلة JAMA Network Open عن ظاهرة مثيرة للقلق تتعلق بارتفاع معدلات الإصابة بالفصام المرتبطة بتعاطي الحشيش، حيث تضاعفت هذه المعدلات خلال السنوات الأخيرة، بشكل خاص بين الفئات الأصغر سنًا.
وأظهرت الدراسة، التي أجراها باحثون كنديون، أن تعاطي الحشيش لم يعد مجرد عادة ترفيهية، بل أصبح عاملًا رئيسيًا في ظهور أمراض نفسية خطيرة، وعلى رأسها الفصام.
**زيادة ملحوظة في الحالات المرتبطة بالحشيش**
وفقًا للباحثين، ارتفعت نسبة حالات الفصام التي يُعتقد أن تعاطي الحشيش ساهم بشكل كبير في ظهورها، من 4% في عام 2006 إلى أكثر من 10% بحلول عام 2022. وقد ركزت الدراسة على تحليل بيانات سكان مقاطعة أونتاريو الكندية، الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و64 عامًا، والذين زاروا أقسام الطوارئ بسبب اضطرابات نفسية ناجمة عن تعاطي الحشيش.
البيانات أظهرت أن 10,583 شخصًا عانوا من اضطراب تعاطي الحشيش (بنسبة 9%) تم تشخيصهم لاحقًا بالفصام، مقارنة بـ 80,523 شخصًا (0.6%) لم يكن لديهم تاريخ في تعاطي الحشيش.
**تحذيرات الباحثين من المخاطر الصحية للحشيش**
الدكتور دانيال مايران، الباحث في الصحة العامة بجامعة أوتاوا وأحد المشاركين في الدراسة، أكد أن هذه النتائج تسلط الضوء على التحديات الصحية المتزايدة الناتجة عن تعاطي الحشيش، خاصة مع تزايد استخدامه بشكل منتظم. وأوضح مايران أن “الاستخدام المنتظم للحشيش يرتبط ارتباطًا وثيقًا بزيادة خطر الإصابة بالفصام. تضاعف الحالات خلال 17 عامًا يعكس ضرورة وضع استراتيجيات وقائية مستهدفة، لا سيما بين الشباب الأكثر عرضة للخطر”.
وأشار مايران إلى أن الحشيش الحديث يحتوي على تركيزات أعلى من مادة THC، مما يزيد من احتمالات الإصابة باضطرابات نفسية ويؤدي إلى تفاقم أعراض الأمراض العقلية لدى المستخدمين.
**زيادة حادة في الحاجة إلى العلاج بسبب الإدمان**
إلى جانب ارتفاع حالات الفصام، سجل الباحثون زيادة بنسبة 270% في أعداد المرضى الذين احتاجوا إلى رعاية طبية نتيجة اضطراب تعاطي الحشيش منذ إضفاء الشرعية عليه في كندا عام 2015. كما ارتفعت نسبة المصابين الجدد بالفصام الذين سبق أن عولجوا من اضطراب تعاطي الحشيش، من 7% إلى 16% خلال نفس الفترة.
**الوضع في المملكة المتحدة: مخاوف متزايدة**
أما في المملكة المتحدة، وعلى الرغم من تخفيف القيود على استخدام الحشيش لأغراض طبية منذ عام 2018، فإن عدد الوصفات الطبية لعلاج الأمراض المستهدفة ظل محدودًا، حيث لم تتجاوز 110 وصفات في السنوات الخمس الماضية.
وفي المقابل، شهدت البلاد ارتفاعًا قياسيًا في أعداد كبار السن الذين أدخلوا إلى المستشفيات بسبب تعاطي الحشيش، حيث تم نقل أكثر من 2,700 شخص تجاوزوا سن 65 عامًا إلى المستشفيات بين أبريل 2023 ومارس 2024 بسبب آثار جانبية شديدة أو جرعات زائدة، وهو ما يمثل قفزة بنسبة 650% مقارنة بعقد مضى.
الحشيش: المخدر الأكثر شيوعًا بين الشباب
بحسب مكتب الإحصاءات الوطنية البريطاني، لا يزال الحشيش أكثر المخدرات استخدامًا بين البالغين في الفئة العمرية 16 إلى 59 عامًا، حيث كانت نسبة التعاطي الأعلى بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و24 عامًا.
تلك النتائج تبرز أهمية تكثيف الجهود التوعوية والوقائية للتقليل من المخاطر الصحية المرتبطة بتعاطي الحشيش، خاصة في ظل تزايد استخدامه بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.