شهدت أسعار الذهب خلال النصف الأول من عام 2025 تقلبات ملحوظة، مدفوعة بعوامل اقتصادية وسياسية عالمية، مما عزز مكانته كملاذ آمن للمستثمرين وسط حالة عدم اليقين الاقتصادي.
وفقًا لبيانات الأسواق العالمية، سجل الذهب مستويات قياسية جديدة، لكنه واجه تصحيحات سعرية حادة، مما يعكس التوازن الدقيق بين العرض والطلب والسياسات النقدية.
بدأت أسعار الذهب عام 2025 بزخم صعودي قوي، حيث وصل سعر الأونصة إلى حوالي 2894 دولارًا في فبراير، مدعومًا بخفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في ثلاث جلسات متتالية بنهاية 2024، مما أضعف الدولار وشجع المستثمرين على التوجه نحو الذهب.
ارتفاع قوي مع بداية العام كما ساهمت التوترات الجيوسياسية، خاصة في الشرق الأوسط وبين روسيا وأوكرانيا، في زيادة الطلب على المعدن النفيس كأصل آمن.
وأشارت تقارير مجلس الذهب العالمي إلى أن البنوك المركزية في دول مثل الصين، الهند، تركيا، وبولندا كثفت مشترياتها من الذهب، مما دعم الارتفاع بنسبة تقارب 26% منذ بداية 2024.
رغم الاتجاه الصعودي العام، شهدت الأسواق تصحيحًا سعريًا ملحوظًا في يونيو 2025، حيث تراجع سعر الذهب من ذروته عند 3396 دولارًا إلى حوالي 3295 دولارًا للأونصة في غضون يومين، بانخفاض تجاوز 100 دولار.
جاء هذا التراجع نتيجة تخفيف التوترات الجيوسياسية وتوقعات بتباطؤ وتيرة خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، مما عزز من قوة الدولار حيث جاء هذا الهبوط مدعومًا بتداخل عوامل أساسية وفنية، بما في ذلك كسر خط الاتجاه الصاعد على المدى القصير.
توقعات بصعود محتمل مع استمرار التقلبات توقع بنك جولدمان ساكس أن يصل سعر الذهب إلى 3300 دولار للأونصة بحلول نهاية 2025، بدعم من مشتريات البنوك المركزية والمخاوف من حرب تجارية محتملة تتعلق بالرسوم الجمركية.
من جانبه أشار الدكتور محمد عبد الوهاب المستشار المالي و خبير الاستثمار إلى أن سعر الذهب قد يتجاوز 3000 دولار عالميًا، مما يرفع سعر الجرام عيار 21 في مصر إلى نطاق 4300 إلى 4500 جنيه خلال الأشهر المقبلة.
ومع ذلك، حذرت مصادر مثل Citi بنك الاستثمار الأمريكي وشركة خدمات مالية من احتمال تراجع الأسعار إلى ما دون 3000 دولار في الربعين المقبلين إذا فقد الذهب زخمه الحالي، خاصة مع تشديد السياسة النقدية.
ارتفاعات محلية ملحوظة في السوق المصري
وفي مصر، شهدت أسعار الذهب المحلية ارتفاعًا كبيرًا، حيث قفز سعر الجرام عيار 21 بأكثر من 300 جنيه منذ بداية العام، مدفوعًا بارتفاع الأسعار العالمية وتقلبات سعر الصرف.
وكشف عبد الوهاب أن الذهب قد يحقق مكاسب إضافية تصل إلى 500 جنيه خلال النصف الأول من 2025، مما يعزز جاذبية الذهب كاستثمار آمن للأفراد وسط التضخم المحلي.
صادرات مصر من الذهب تقفز 194%
وشهدت مصر نمو قياسي في صادرات القطاع بنسبة 194% خلال النصف الأول من عام 2025، لتسجل 3.93 مليار دولار، مقابل 1.34 مليار دولار في نفس الفترة من العام الماضي وفقاً لبيانات الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات.
وجاءت الإمارات في صدارة الدول المستوردة للحُلي والمعادن الثمينة المصرية، بقيمة 3.2 مليار دولار، تلتها سويسرا بـ 705 ملايين دولار، ثم كندا بـ 6.3 ملايين دولار، وتركيا بـ 5.3 ملايين دولار، إضافة إلى لبنان، إيطاليا، والسعودية.
تأثير العوامل الاقتصادية والجيوسياسية وأوضح عبد الوهاب في تصريحات خاصة لـ ميجا نيوز أن أسعار الذهب تأثرت خلال هذه الفترة بعوامل متعددة، منها التضخم العالمي، تحركات أسعار الفائدة، قوة الدولار، والتوترات الجيوسياسية.
وأكد عبد الوهاب أن الطلب القوي من البنوك المركزية، إلى جانب ضعف الدولار والمخاطر السياسية، يدعم التوقعات الإيجابية للذهب، مع استهداف سعر 3500 دولار بنهاية العام.
ومع ذلك، أشار عبد الوهاب إلى أن الذهب قد يواجه ضغوطًا هبوطية إذا أدت السياسات النقدية الأكثر تشددًا إلى تقليل جاذبيته مقارنة بالأصول ذات العائد مثل السندات.
وتابع عبد الوهاب أنه مع اقتراب النصف الثاني من 2025، يظل الذهب محط أنظار المستثمرين كأداة للتحوط ضد عدم اليقين الاقتصادي والسياسي.
ومع في ظل توقعات باستمرار الطلب من البنوك المركزية وزيادة اهتمام المستثمرين الأفراد، خاصة في أسواق مثل مصر، منوها أن الذهب س يحافظ على مكانته كأصل استثماري رئيسي ورغم ذلك يحذر المحللون من أن التقلبات المستقبلية قد تعتمد على قرارات الاحتياطي الفيدرالي، التطورات الجيوسياسية، وأداء الدولار.