في لفتة إنسانية تعكس مدى اهتمام القيادة السياسية بالرموز الوطنية التي أثرت الحياة العامة، وجّه الرئيس عبد الفتاح السيسي بتوفير الرعاية الصحية الكاملة والشاملة للكابتن حسن شحاتة، المدير الفني التاريخي للمنتخب الوطني الأسبق، وذلك بعد تعرضه لوعكة صحية خلال الفترة الأخيرة استدعت تدخلاً طبيًا دقيقًا تمثل في تركيب دعامة على القناة المرارية.
التوجيه الرئاسي حمل في مضمونه رسالة وفاء وتقدير لشخصية قدمت الكثير للكرة المصرية، ليس فقط كلاعب أسطوري في سبعينيات القرن الماضي، ولكن كمدرب نجح في صناعة جيل ذهبي من الفراعنة، حصد ثلاث بطولات متتالية في كأس الأمم الإفريقية أعوام 2006 و2008 و2010، وهو إنجاز لم يتحقق لأي مدرب آخر في القارة حتى اليوم.
الوعكة الصحية.. تفاصيل الحالة واستجابة الدولة
كشفت مصادر طبية أن حسن شحاتة، البالغ من العمر ٧٨ عامًا، كان قد تعرض خلال الأسابيع الماضية لآلام حادة في البطن تبين لاحقًا أنها ناجمة عن انسداد في القناة المرارية، وهو ما تطلب تدخلاً عاجلاً بتركيب دعامة لتسهيل عملية التصريف الطبيعي للعصارة الصفراوية.
وقد تم تنفيذ هذا الإجراء بنجاح داخل أحد المراكز الطبية المتخصصة في القاهرة، وبدأ المعلم بعد ذلك رحلة التعافي وسط رعاية طبية دقيقة، لكن حالته الصحية ما زالت تتطلب متابعة مستمرة، وهو ما دفع الرئيس السيسي للتدخل شخصيًا لضمان حصوله على أعلى مستوى من الرعاية الصحية.
القيادة السياسية تكرّم الرموز الوطنية
لم يكن هذا التوجيه مفاجئًا، فالرئيس عبد الفتاح السيسي لطالما شدد على أهمية رد الجميل للرموز الوطنية في شتى المجالات، سواء في الرياضة أو الثقافة أو الفنون أو الأمن، خاصة من قدّموا خدمات ملموسة للمجتمع وأسهموا في رفع اسم مصر عاليًا في المحافل الدولية.
ويأتي دعم الدولة لحسن شحاتة امتدادًا لهذه السياسة، حيث اعتبره الكثيرون بمثابة تكريم معنوي لرجل ترك بصمته في الذاكرة الكروية المصرية والعربية، وكان سببًا في إدخال الفرحة على ملايين المصريين في فترة ذهبية من تاريخ المنتخب الوطني.
ردود أفعال واسعة.. الشارع الرياضي يشيد بالتوجيه
فور الإعلان عن توجيه الرئيس السيسي بتوفير الرعاية الصحية الكاملة لشحاتة، انهالت ردود الأفعال الإيجابية من الوسط الرياضي والإعلامي، حيث أعربت شخصيات بارزة عن تقديرها للموقف الإنساني من الرئيس، مؤكدين أن ما فعله هو أقل ما يمكن تقديمه لقامة بحجم “المعلم”.
وقال أحمد حسن، كابتن المنتخب السابق، في تصريح سابق، إن “ما فعله الجميع يُظهر أن الشعب المصري لا ينسى أبناءه وأن من يخدم مصر في أي مجال سيُرد له الجميل، خاصة إن كان بهذا التاريخ المشرف.” وأضاف أن “شحاتة لم يكن مدربًا فقط، بل كان مربيًا ومُلهمًا لجيل كامل.”
المعلم.. سيرة ذاتية من ذهب
حسن شحاتة ليس مجرد اسم في سجلات الكرة المصرية، بل هو صاحب واحدة من أغنى المسيرات في تاريخ اللعبة. بدأ مشواره كلاعب في نادي الزمالك في الستينيات، وتألق في خط الوسط، حتى انتقل إلى صفوف المنتخب الوطني وظل لسنوات أحد أعمدته الرئيسية.
لكن قمة المجد جاءت من بوابة التدريب، حين قاد منتخب مصر في الفترة من 2004 حتى 2011، وتمكن من تكوين فريق استثنائي ضم أسماء مثل محمد أبو تريكة، عصام الحضري، أحمد حسن، وعمرو زكي، وغيرهم. وحقق معهم ثلاث بطولات أمم إفريقيا متتالية، في إنجاز فريد أدهش الجميع وأعاد مصر إلى قمة الكرة الإفريقية.
شحاتة لم يكن مجرد مدرب يحقق نتائج، بل كان صاحب فلسفة فنية وانضباطية صارمة جعلت من المنتخب نموذجًا يُحتذى به، وأسّس لحالة من الانسجام بين اللاعبين قلّما تكررت بعده.
الحالة الصحية.. رسائل طمأنة ومتابعة دقيقة
رغم أن الحالة الصحية للمعلم ما زالت تتطلب مراقبة دقيقة بسبب حالته المتقدمة في السن، فإن المؤشرات الطبية تؤكد استقرار حالته بعد تركيب الدعامة، خاصة مع تلقيه الآن رعاية طبية فائقة بأوامر رئاسية مباشرة.
وأكد أحد أفراد الفريق الطبي أن “اللاعب السابق والمدرب الكبير يتمتع بمعنويات مرتفعة، ويتجاوب مع العلاج بشكل جيد، إلا أن حالته تستدعي بعض الحذر، لأنه ما زال تحت تأثير الأدوية والمتابعة الدقيقة لوظائف الكبد والجهاز الهضمي.”
عائلة شحاتة تُعرب عن امتنانها
من جانبها، عبّرت أسرة حسن شحاتة عن بالغ امتنانها للتوجيهات الرئاسية، مؤكدة أن هذا الموقف يعكس تقدير الدولة لقيمة الرجل وتاريخه الطويل، وأضافت الأسرة أن المعلم شعر بسعادة غامرة بعد أن أُبلغ بتلك التعليمات، وأنه وجّه شكره للرئيس السيسي على اهتمامه الإنساني النبيل.
وأكد نجله، كريم حسن شحاتة، في تصريحات صحفية: “الرئيس السيسي بيّن لنا أن الدولة تتابع وتقدّر وترد الجميل.. ونحن كعائلة لا نجد كلمات كافية للشكر.”
دور الإعلام في تسليط الضوء
لعبت بعض وسائل الإعلام دورًا مهمًا في تسليط الضوء على الحالة الصحية لشحاتة قبل صدور التوجيهات الرئاسية، حيث تم تداول تقارير خلال الأيام الماضية عن تعرضه لوعكة صحية ودخوله المستشفى، وهو ما أثار قلق الجمهور الرياضي، ودفع الكثيرين للمطالبة بالتدخل من أجل تقديم الدعم الطبي اللازم.
وبعد التوجيه الرئاسي، تحولت التغطية الإعلامية إلى ما يشبه الاحتفاء الجماعي، بما يعكس حالة من التقدير الشعبي والرسمي لشخصية تاريخية لن تتكرر بسهولة في كرة القدم المصرية.
رسالة أمل لكل من خدم مصر
توجيه الرئيس عبد الفتاح السيسي بتقديم الرعاية الشاملة للكابتن حسن شحاتة لا يحمل بُعدًا إنسانيًا فقط، بل يوجه أيضًا رسالة غير مباشرة لكل من خدم مصر بإخلاص في أي مجال، مفادها أن الدولة لن تتخلى عنهم، وأن مكانتهم محفوظة في الذاكرة الرسمية والشعبية على حد سواء.
إنها رسالة دعم معنوي ومجتمعي، تؤكد أن الانتماء للوطن ليس مجرد شعار، بل هو عقد متبادل من الحب والوفاء بين الدولة وأبنائها.