يُعد الكوليسترول المرتفع من أكثر المشكلات الصحية شيوعًا وخطورة في العالم، ورغم أنه لا يُظهر أعراضًا واضحة في كثير من الأحيان، إلا أن تجاهله قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على صحة القلب والأوعية الدموية. ويوصف الكوليسترول بأنه “القاتل الصامت” بسبب قدرته على التغلغل داخل الجسم بصمت، مُحدثًا تأثيرات تراكمية قد تنتهي بنوبة قلبية أو سكتة دماغية.
لكن المطمئن في الأمر أن هناك مؤشرات تحذيرية يمكن للجسم أن يُطلقها، وقد تظهر بشكل مفاجئ في أماكن غير متوقعة، مثل العين أو الجلد، ما يتطلب وعيًا صحيًا ومتابعة دورية مع الطبيب.
ما هو الكوليسترول؟
الكوليسترول مادة دهنية شمعية يُنتجها الكبد، وتوجد أيضًا في بعض الأطعمة. يحتاج الجسم إلى الكوليسترول لبناء الخلايا وإنتاج الهرمونات، لكنه يصبح خطيرًا عندما ترتفع مستوياته، خاصة “الكوليسترول الضار” (LDL)، حيث يمكن أن يتراكم داخل الشرايين ويعيق تدفق الدم.
أسباب ارتفاع الكوليسترول
تشير الدراسات الطبية إلى أن الكوليسترول المرتفع قد يكون ناتجًا عن نمط حياة غير صحي، مثل:
الإفراط في تناول الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة مثل الزبدة واللحوم المصنعة والجبن.
قلة النشاط البدني.
التدخين.
شرب الكحول.
لكن هناك أيضًا عوامل وراثية تلعب دورًا مهمًا، مثل الإصابة بـ”فرط كوليسترول الدم العائلي”، وهي حالة جينية تؤدي إلى خلل في قدرة الكبد على التخلص من الكوليسترول الزائد.
علامات تنذر بالخطر: ما تراه عيناك ليس عابرًا
رغم أن الكوليسترول لا يُظهر دائمًا أعراضًا مباشرة، إلا أن هناك مؤشرات خارجية واضحة يمكن أن تنبئ بارتفاع مستوياته في الجسم، منها:
1. الزانثلاسما (Xanthelasma):
ترسبات صفراء صغيرة تظهر قرب الزاوية الداخلية للعين أو على الجفون. هذه البقع الدهنية قد تكون غير مؤلمة، لكنها تشير إلى تراكم الكوليسترول في الدم، وتستدعي مراجعة الطبيب فورًا.
2. قوس القرنية (Arcus senilis):
هو ظهور حلقة بيضاء أو رمادية شاحبة حول قزحية العين. قد يبدو هذا العرض غير مقلق للبعض، لكنه في كثير من الحالات يكون مؤشرًا على ارتفاع الكوليسترول، خاصةً لدى الأشخاص تحت سن الخمسين.
3. ورم الأوتار الأصفر (Tendon xanthoma):
تورمات دهنية تظهر على مفاصل الأصابع أو الكعبين أو الركبتين. وتُعتبر علامة تقليدية على ارتفاع الكوليسترول الوراثي، خصوصًا عند وجود تاريخ عائلي للإصابة بأمراض القلب.
الفئات الأكثر عرضة للإصابة
يؤكد الأطباء أن بعض الأشخاص أكثر عرضة للإصابة بارتفاع الكوليسترول مقارنة بغيرهم، منهم:
الرجال، خصوصًا بعد سن الخمسين.
النساء بعد انقطاع الطمث.
من يعانون من السمنة أو زيادة الوزن.
أصحاب التاريخ العائلي مع أمراض القلب أو الكوليسترول.
من يعانون من أمراض مزمنة كارتفاع ضغط الدم أو السكري.
خطورة التجاهل
تراكم الكوليسترول في الشرايين يمكن أن يؤدي إلى:
تصلب الشرايين: تضيق الأوعية الدموية، مما يقلل من تدفق الدم إلى القلب أو الدماغ.
النوبات القلبية: نتيجة انسداد أحد الشرايين التاجية.
السكتات الدماغية: بسبب نقص تدفق الدم إلى المخ.
لذلك، فإن الاكتشاف المبكر ومعالجة الكوليسترول المرتفع يُعد أمرًا حيويًا للوقاية من المضاعفات الخطيرة.
كيف تحمي نفسك؟
توصي هيئة الخدمات الصحية البريطانية (NHS) ومؤسسة القلب البريطانية (BHF) بمجموعة من الإجراءات العملية التي يمكن أن تساهم في السيطرة على مستويات الكوليسترول:
1. الفحص الدوري:
من الضروري قياس نسبة الكوليسترول في الدم، حتى لو لم تكن هناك أعراض. ويمكن إجراء هذا الفحص في عيادة الطبيب أو في بعض الصيدليات الكبرى.
ويُنصح بإجراء الفحص خصوصًا لمن تجاوزوا سن الخمسين، أو من لديهم تاريخ عائلي مع أمراض القلب أو يعانون من السمنة.
2. النشاط البدني المنتظم:
الرياضة تساعد على رفع الكوليسترول الجيد (HDL) وخفض الكوليسترول الضار (LDL). ولا يشترط ممارسة تمارين عنيفة، بل يكفي:
صعود الدرج بدلًا من المصعد.
المشي السريع لمدة نصف ساعة يوميًا.
تمارين اليوغا أو البيلاتس.
3. الإقلاع عن التدخين:
التدخين يُضعف الأوعية الدموية ويقلل من نسبة الكوليسترول الجيد. وتشير الدراسات إلى أن الفوائد الصحية تظهر خلال أيام قليلة من التوقف، وبعد عام ينخفض خطر الإصابة بأمراض القلب إلى النصف تقريبًا.
4. نظام غذائي صحي:
الغذاء له تأثير مباشر على مستوى الكوليسترول. ويُنصح بالحد من تناول
الأطعمة المقلية.
الفطائر والكيك والبسكويت.
الزبدة والقشطة.
اللحوم المصنعة والنقانق.
المنتجات التي تحتوي على زيت النخيل أو جوز الهند.
وبالمقابل، يُفضل الإكثار من:
الخضروات والفواكه.
الحبوب الكاملة.
الأسماك الدهنية مثل السلمون والسردين.
المكسرات والبقوليات.
الزيوت الصحية مثل زيت الزيتون.
الكوليسترول المرتفع ليس مجرد رقم في التحاليل، بل هو خطر صامت يتربص بالقلب والشرايين. ومجرد ظهور علامات بسيطة على الجلد أو العين قد تكون رسائل إنذار من الجسم بوجود خلل داخلي.
راقب جسمك، وكن مستعدًا للتحرك فورًا عند ظهور هذه الأعراض. فالفحص المبكر وتعديل نمط ا
لحياة كفيلان بحمايتك من مضاعفات قد تكون مميتة.
لا تنتظر حتى يقع الخطر.. صحتك تبدأ بخطوة بسيطة: افحص، واسأل، وابدأ في التغيير.