كثيرون يعانون في صمت من تبعات قلة النوم، دون أن يدركوا حجم الخطر الذي يتربص بـ الصحة الجسدية والنفسية.
فالنوم، ذلك الملاذ الطبيعي للراحة، يتحول إلى معضلة حين يصبح مضطربًا، تاركًا خلفه أعراضًا مزعجة كضعف التركيز، تقلبات المزاج، وتراجع المناعة.
اضطرابات النوم ليست مجرد مشكلة عابرة، بل تهديد حقيقي يتطلب وعيًا وتدخلاً. من خلال تهيئة البيئة المناسبة، الابتعاد عن المنبهات الرقمية، واختيار نظام غذائي صحي، يمكن للإنسان استعادة نومه الهادئ. فالنوم ليس رفاهية، بل ضرورة تحمي الجسم والعقل من الانهيار.
ومع تزايد ضغوط الحياة، يبحث الناس عن سبل فعّالة لاستعادة نوم هانئ يعيد لهم التوازن.
في هذا التقرير، نستعرض مع الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي بجامعة عين شمس، أسباب اضطرابات النوم وآثارها السلبية، مع نصائح لتحسين جودته.
ما الذي يسرق نومنا؟
يوضح الدكتور فرويز أن اضطرابات النوم لا تأتي من فراغ، بل تنبع من عوامل متعددة تشمل التوتر النفسي، الاكتئاب، الضغوط اليومية، جودة الطعام، والتفكير الزائد الذي يرهق العقل. هذه العناصر تشكل حاجزًا يمنع الجسم من الانتقال السلس إلى حالة الراحة، مما يجعل النوم حلمًا بعيد المنال للكثيرين.
تهيئة المسرح لنوم مثالي
للنوم قواعد فسيولوجية لا غنى عنها، يشير إليها فرويز كمفاتيح للوقاية من الاضطرابات. غرفة النوم يجب أن تكون ملاذًا هادئًا بإضاءة خافتة، خالية من الضوضاء، مع درجة حرارة معتدلة، وبعيدة عن أي مصادر إزعاج كالحشرات أو الحيوانات. هذه العناصر البسيطة، إذا توفرت، تهيئ الجسم والعقل لاستقبال نوم عميق ومريح.
آثار جانبية تتجاوز الإرهاق
يحذر فرويز من أن اضطرابات النوم لا تقتصر على الشعور بالتعب، بل تمتد لتشمل أعراضًا مثل آلام الجسم، الإجهاد المستمر، وفقدان القدرة على التركيز.
وفي حالات الاكتئاب، قد يتحول النوم إلى طرفي نقيض: إما نوم مفرط يتجاوز المعدل الطبيعي، أو أرق يحرم الشخص من الراحة تمامًا.
ويلفت الانتباه إلى عادة شائعة تدمر النوم: استخدام الهواتف الذكية قبل الخلود إلى الفراش، حيث تُرهق الخلايا العصبية وتؤثر سلبًا على المخ، مما ينعكس على جودة الراحة.
الطعام والنوم: علاقة وثيقة
يؤكد استشاري الطب النفسي أن ما نأكله يلعب دورًا كبيرًا في نومنا. فالأطعمة الثقيلة أو غير المتوازنة قد تعيق الجسم عن الاسترخاء. ويحدد المعدل الطبيعي للنوم بين 6 و9 ساعات يوميًا، مشيرًا إلى أن بعض الأشخاص قد يكتفون بأقل من ذلك دون أن يؤثر ذلك على كفاءتهم، لكن ذلك استثناء وليس قاعدة.