وافق مجلس النواب ، خلال جلسته العامة الأخيرة، على مشروع قانون تعديل بعض أحكام قانون الإيجارات، والذي يقضي برفع القيمة الإيجارية للوحدات السكنية وغير السكنية المؤجرة بنظام الإيجار القديم، على أن يبدأ تطبيق الزيادة اعتبارًا من أول إيجار مستحق بعد نشر القانون في الجريدة الرسمية ، ويأتي هذا التعديل في إطار خطة تشريعية أشمل تنفذها الدولة لإصلاح أوضاع سوق الإيجار في مصر، ومعالجة الخلل القائم منذ سنوات طويلة في العلاقة بين المالك والمستأجر، خاصة في ظل بقاء وحدات مؤجرة بأسعار زهيدة لا تتناسب مع قيمتها الحقيقية أو أوضاع السوق الحالية.
تفاصيل القانون
ينص القانون الجديد على رفع القيمة الإيجارية بنسب تدريجية سنوية تتراوح بين 10% و20% ، وفقًا لطبيعة كل وحدة، سواء كانت سكنية أو تجارية، وموقعها الجغرافي، ومدى حاجة العقار للصيانة والتطوير. وتم الاتفاق على أن يتم تحديد هذه النسب بشكل دقيق عبر اللائحة التنفيذية التي ستصدر خلال أسابيع من نشر القانون.
وبحسب التعديلات، ستتم الزيادة بطريقة تدريجية، بما يسمح بتحقيق التوازن المطلوب دون التسبب في أعباء مفاجئة على المستأجرين، خاصة محدودي ومتوسطي الدخل، الذين يمثلون شريحة كبيرة من المواطنين.
رؤية الحكومة
أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أن التعديلات تمت بتوجيه مباشر من الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي شدد على أهمية الحفاظ على البعد الاجتماعي في أي قرار يتعلق بالإسكان أو الإيجارات، وألا يتم اتخاذ أي خطوات من شأنها الإضرار بالمواطنين البسطاء.
وأوضح مدبولي أن القانون لا يستهدف إخراج المستأجرين من منازلهم أو تحميلهم ما لا يطيقون، بل يهدف إلى تصحيح تشوه تاريخي في العلاقة بين طرفي الإيجار، مضيفًا أن الحكومة راعت أن تكون الزيادة عادلة ومنطقية، وأن تترافق مع آليات لضبط السوق وحماية الفئات غير القادرة.
بنود إضافية
نص القانون كذلك على إنشاء لجان فض المنازعات في كل محافظة، تضم ممثلين عن وزارة الإسكان، والعدل، والمجتمع المدني، للبت في أي خلاف قد ينشأ بين المالك والمستأجر دون الحاجة إلى اللجوء المباشر للقضاء، بهدف تقليل الضغط على المحاكم وتحقيق العدالة السريعة.
كما ألزم القانون الملاك بصيانة العقارات المؤجرة والحفاظ على سلامتها، وربط بعض نسب الزيادة الإيجارية بمدى التزام المالك بإجراء الصيانة الدورية للعقار، مما يساهم في تحسين حالة المباني القديمة التي أهملت لسنوات.
ردود الفعل
أثار القرار ردود فعل متباينة بين مرحب ومعترض. من جانبهم، عبّر عدد من الملاك عن ارتياحهم لإقرار القانون، مشيرين إلى أنهم انتظروا هذه الخطوة منذ سنوات طويلة، خاصة وأن الكثير منهم لا يتقاضى إيجارًا شهريًا يتناسب حتى مع تكلفة الصيانة أو فواتير الخدمات الأساسية.
وقال أحد ممثلي اتحاد ملاك العقارات في البرلمان إن هناك وحدات إيجارها الشهري لا يتجاوز خمسة جنيهات، بينما تقدر قيمتها السوقية بمئات الآلاف، وهو أمر غير مقبول وغير عادل، لا من الناحية الاقتصادية ولا القانونية.
على الجانب الآخر، أبدى بعض نواب المعارضة والمجتمع المدني تخوفهم من أن تؤدي هذه الزيادة إلى الضغط على الفئات محدودة الدخل، وطالبوا الحكومة بوضع برامج دعم موازية أو صرف إعانات مباشرة للمستأجرين الذين سيتأثرون بالزيادة الجديدة.
وأشاروا إلى أن آلاف الأسر، خاصة في المناطق الشعبية والقديمة، قد تجد نفسها عاجزة عن سداد الإيجارات الجديدة، مما قد يدفعها إلى مغادرة منازلها دون بدائل حقيقية أو خطط إسكانية مناسبة.
الخطوة المقبلة
من المقرر أن تصدر اللائحة التنفيذية للقانون خلال شهر من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، والتي ستتضمن تفاصيل دقيقة بشأن نسب الزيادة لكل نوع من العقارات، وآليات التنفيذ، والشكاوى، والاستثناءات.
ووفقًا لمصادر برلمانية، ستعمل الحكومة خلال الفترة المقبلة على إطلاق حملات توعية إعلامية لشرح القانون الجديد وطمأنة المواطنين بشأن آثاره، إلى جانب إنشاء منصة إلكترونية لاستقبال الشكاوى والاستفسارات الخاصة بتطبيق الزيادة، والتأكد من التزام الملاك بالقواعد المقررة دون تجاوز.