ابتكرت جامعة مصر للمعلوماتية لعبة إلكترونية بعنوان “رفيق”، صممتها الطالبة زينة عصام، بالفرقة الرابعة بكلية الفنون الرقمية والتصميم، بهدف تعزيز الصحة النفسية للأطفال والشباب في مصر والعالم العربي.
تستهدف اللعبة الأطفال في سنواتهم الأولى، لمساعدتهم على مواجهة مخاوفهم وبناء ثقتهم بأنفسهم من خلال تجربة تفاعلية ممتعة.
رسالة اللعبة: الشجاعة في مواجهة الخوف
أوضح الدكتور أشرف ذكي، عميد كلية الفنون الرقمية والتصميم، أن الأطفال، خاصة المبتدئين في الحضانة أو المدرسة الابتدائية، يواجهون مخاوف طبيعية عند انتقالهم من بيئة المنزل الآمنة إلى عالم المدرسة المليء بالتحديات. وتهدف لعبة “رفيق” إلى تعليم الأطفال أن الخوف جزء لا يتجزأ من الحياة، لكن الشجاعة تكمن في مواجهته والتغلب عليه. وأكد أن ألعاب الفيديو أصبحت وسيلة ثقافية وتعليمية قوية، قادرة على تعزيز الإبداع وحل المشكلات، مع التعبير عن الهوية الثقافية المصرية والعربية.
وأضاف ذكي أن تصميم ألعاب تعكس القيم والتقاليد المحلية يعزز دور مصر كمنتج ومبتكر في هذا المجال، بدلاً من الاكتفاء بدور المستهلك للمنتجات الأجنبية التي قد لا تتماشى مع ثقافتنا. كما أشار إلى أهمية إعداد كوادر أكاديمية متخصصة لإنتاج محتوى رقمي يعكس الهوية العربية، ويساهم في تقديم حلول تعليمية وصحية ومجتمعية.
قصة “رفيق”: رحلة لمواجهة المخاوف
تدور أحداث اللعبة حول “رفيق”، صبي يبلغ من العمر 12 عامًا، يعاني من الوحدة والخوف بعد فقدان والده، الذي ترك خلفه مكتبة مليئة بالكتب الغامضة. في أحد الأيام، يكتشف رفيق كتابًا متوهجًا في مكتبة والده، وعند فتحه، يظهر مهرج غامض يحوله إلى دمية خشبية صغيرة وينقله إلى عالم سريالي مليء بالتحديات. يواجه رفيق سلسلة من المخاوف، مثل الخوف من المرتفعات، المهرجين، المقابر، والأدوات الحادة، وعليه التغلب عليها لاستعادة شكله الحقيقي.
تصميم تفاعلي يعزز التأمل النفسي
أوضحت زينة عصام أن “رفيق” تجمع بين التصميم الفني الجذاب، البيئات الغامرة، وآليات اللعب القائمة على مواجهة الخوف، لتقديم تجربة ممتعة ومؤثرة عاطفيًا. تنقسم اللعبة إلى أربعة مستويات، كل منها يمثل خوفًا معينًا:
المكتبة (الخوف من المرتفعات): تتحول المكتبة إلى عالم ضخم حيث تطفو الكتب كمنصات يجب القفز عليها، مع تجنب عقبات مثل الأقلام وفرش الحبر.
السيرك (الخوف من الغرباء): بيئة مليئة بالمهرجين المخيفين، الكرات المتدحرجة، والأضواء الملونة، مع موسيقى كرنفال تزيد من التوتر.
المقبرة (الخوف من الأشباح): بيئة مظلمة مغطاة بالضباب، تحتوي على هياكل عظمية وأشباح تعيق تقدم اللاعب.
المطبخ أو متجر الألعاب (الخوف من الأدوات الحادة): يواجه رفيق سكاكين ومقصات كعقبات متحركة في بيئة غريبة ومثيرة.
تتميز اللعبة بتصميم بصري يعتمد على ألوان وإضاءة تعزز الجو النفسي، مع أصوات بيئية مثل الهمسات والصرير لتضخيم التوتر، مما يجعل اللاعب يعيش تجربة غامرة.
إسهامات ثقافية وجوائز
أكدت زينة أن اللعبة ليست مجرد وسيلة ترفيه، بل أداة للتأمل الشخصي، تعكس إمكانات ألعاب الفيديو في نقل رسائل إيجابية. ويأتي إطلاق “رفيق” كجزء من جهود جامعة مصر للمعلوماتية لإثراء المحتوى الرقمي العربي، وتعزيز الابتكار في مجال تصميم الألعاب.
يُذكر أن زينة عصام حصلت على المركز الأول في مسابقة نظمتها هيئة البريد المصري، لتصميمها طابعًا بريديًا مخصصًا لمكافحة الاتجار بالبشر، مما يعكس تميزها في المجال الإبداعي.
تمثل لعبة “رفيق” خطوة رائدة في استخدام ألعاب الفيديو كأداة لدعم الصحة النفسية، مع الحفاظ على الهوية الثقافية المصرية والعربية. ومع استمرار جامعة مصر للمعلوماتية في دعم المواهب الشابة مثل زينة عصام، يتوقع أن تشهد المنطقة العربية طفرة في إنتاج محتوى رقمي إبداعي ينافس عالميًا.