في أجواء مفعمة بالحماس، أقامت السفارة التركية في القاهرة حفل استقبال رسمي بمناسبة الذكرى الثانية بعد المئة لتأسيس الجمهورية التركية. ويكتسب عيد الجمهورية هذا العام أهمية خاصة لكل من تركيا ومصر، إذ يتزامن مع الذكرى المئوية لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عام 2025.
شارك في الحفل أكثر من ألف ضيف، من بينهم المواطنون الأتراك المقيمون في مصر، والدكتور خالد العناني المدير العام لليونسكو، وعدد من الشخصيات البارزة في الدولة والمجتمع المصري، إلى جانب رموز من مجالات الصحافة والثقافة والفنون، فضلًا عن عدد كبير من السفراء والدبلوماسيين من البعثات الأجنبية بالقاهرة، والفتاة الفلسطينية ملاك أبو زياد. ومثّل مصر في الحفل محمد جبران وزير العمل.

بدأ الحفل بعزف النشيدين الوطنيين التركي والمصري بواسطة فرقة موسيقية مصرية، أعقبها عزف مقطوعات موسيقية تقليدية وكلاسيكية من التراثين التركي والمصري.
وفي كلمته خلال الحفل، أكد السفير التركي بالقاهرة صالح موطلو شن، أن الذكرى الـ102 لتأسيس الجمهورية التركية هذا العام تحمل دلالة خاصة لكلٍّ من تركيا ومصر، نظرًا لتزامنها مع الذكرى المئوية للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وأوضح أن العلاقات الثنائية شهدت توسعًا وعمقًا كبيرين في السنوات الأخيرة تحت قيادة الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والمصري عبد الفتاح السيسي، في مجالات متعددة تشمل التجارة والسياحة والثقافة والفنون.
وأشار السفير شن إلى التطور الملحوظ في العلاقات السياسية بين البلدين، موضحًا أن الرئيس أردوغان زار مصر ثلاث مرات خلال العام والنصف الماضيين، وهو معدل غير مسبوق، فيما زار الرئيس السيسي تركيا في سبتمبر 2024، حيث عُقد الاجتماع الأول لمجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى برئاسة الزعيمين. وأضاف أن الاجتماع المقبل للمجلس من المقرر عقده في الأشهر الأولى من عام 2026، ومن المنتظر أن يزور الرئيس أردوغان القاهرة بهذه المناسبة.
وأكد السفير شن أن جمهورية تركيا الحديثة تدعم بقوة السلام والاستقرار والتعاون في الشرق الأوسط، انطلاقًا من مبدأ مؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك: “سلام في الوطن، سلام في العالم”. وأعرب عن استعداد بلاده لتقديم مساهمات كبيرة لتحقيق هذه الأهداف بالتعاون مع مصر، مشيرًا إلى أن توحيد الجهود السياسية والدبلوماسية بين البلدين يمكن أن يسهم في إنهاء حالة عدم الاستقرار التي تشهدها المنطقة منذ أكثر من قرن.

وأشار إلى نجاح قمة السلام التي استضافتها مصر مؤخرًا في شرم الشيخ، مؤكدًا أن توقيع «إعلان ترامب من أجل السلام الدائم والازدهار» من قِبل تركيا ومصر والولايات المتحدة وقطر يمثل بصيص أمل لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني في غزة. وأكد أن تركيا ستواصل موقفها الثابت بالتعاون مع مصر والولايات المتحدة وقطر، مشيرًا إلى استعداد بلاده للمشاركة الفاعلة في مؤتمر إعادة إعمار غزة المزمع عقده في مصر، وتقديم المساعدات الإنسانية اللازمة بالتنسيق الكامل مع القاهرة.
كما أعرب عن تطلع تركيا للمشاركة الرفيعة المستوى في الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير، مشيدًا بالدور المصري في حفظ التراث الإنساني، ومهنئًا الدكتور خالد العناني على انتخابه مديرًا عامًا لليونسكو بدعم 55 دولة من أصل 57، مؤكدًا ثقته في نجاحه ودعم تركيا له في جميع جهوده.
وأبرز السفير أن تركيا تضم 22 موقعًا تراثيًا مدرجًا على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، مشيرًا إلى الدور المحوري للمنظمة في صون التراث والثقافة العالمية.
وفي ختام كلمته، أشار شن إلى التقدم الكبير الذي حققته تركيا خلال 102 عام في مجالات التعليم والصحة والبنية التحتية والصناعة، مؤكدًا التزام بلاده بالعمل من أجل “عالم أكثر عدلًا”، كما دعا إليه الرئيس أردوغان.
وأوضح أن التطور الكبير الذي شهدته تركيا خلال الأعوام الـ22 الماضية خلق فرصًا جديدة للتعاون مع مصر في مختلف المجالات، مشددًا على أن العلاقات بين “قوتين عريقتين على ضفتي البحر المتوسط” ستؤتي ثمارها خلال السنوات المقبلة بما يخدم مصالح البلدين والمنطقة.
واختتم السفير شن بالإعلان عن سلسلة فعاليات ضمن احتفالات الذكرى المئوية للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين، تشمل عرض للأزياء التركية التقليدية في 19 نوفمبر تخصص عائداته لدعم أهالي غزة عبر الهلال الأحمر المصري، إضافة إلى حفل موسيقي في مقر إقامة السفير في 3 نوفمبر، وحفل في دار الأوبرا المصرية يوم 5 نوفمبر بمشاركة عازفة البيانو التركية رويا تانر والمطربة المصرية أميرة أحمد. كما ستُقام معارض للخط العربي والكاريكاتير في القاهرة حول تركيا ومصر وغزة.
واختتم السفير كلمته قائلاً: “تحيا تركيا، تحيا مصر، تحيا فلسطين”.

















