في صباح اليوم الجمعة 8 أغسطس 2025، ودّعت الساحة الفنية المصرية الفنان القدير سيد صادق، الذي رحل عن عالمنا عن عمر ناهز 80 عامًا، تاركًا إرثًا فنيًا غنيًا يمتد لأكثر من خمسة عقود.
أعلن نجله السيناريست لؤي السيد خبر الوفاة عبر صفحته الرسمية على موقع “فيسبوك”، قائلًا: “إنا لله وإنا إليه راجعون، توفي إلى رحمة الله الرجل العظيم والدي سيد صادق”، مشيرًا إلى أن صلاة الجنازة تقام عقب صلاة الجمعة بمسجد الشرطة في مدينة الشيخ زايد، ووُوري جثمانه الثرى في مقابر طريق الفيوم.
مسيرة فنية حافلة
وُلد سيد صادق في 18 يونيو 1945 بحي عابدين بالقاهرة، وعشق الفن منذ صغره، حيث كان زميلًا وصديقًا للفنان الراحل نور الشريف، وتنافسا سويًا في عروض المسرح المدرسي.
رغم حصوله على دبلوم ثانوي فقط، استطاع صادق أن يشق طريقه في عالم الفن بفضل ملامحه الحادة وبنيته الجسدية التي أهلته لتجسيد أدوار الشر ورجال الأعمال الخارجين عن القانون ببراعة وإتقان.
بدأ مشواره الفني في الستينيات من خلال أدوار صغيرة، لكنه سرعان ما ترك بصمة لا تُنسى في السينما والدراما المصرية.
شارك سيد صادق في أكثر من 247 عملًا فنيًا، تنوعت بين السينما والتلفزيون والمسرح، حيث برع في تجسيد الشخصيات المعقدة والشريرة، مما جعله يُلقب بـ”شرير السينما المصرية”.
من أبرز أعماله السينمائية أفلام “حسن ومرقص”، “كدة رضا”، “الإمبراطور”، و”فوزية البرجوازية”، بينما تألق في الدراما التلفزيونية بمسلسلات مثل “فرقة ناجي عطا الله”، “يتربى في عزو”، “لن أعيش في جلباب أبي”، و”النساء قادمون”.
ورغم أن معظم أدواره كانت ثانوية، إلا أن حضوره القوي وأداءه الصادق جعلاه نجمًا في قلوب الجمهور والنقاد.
تكريم وذكريات لا تُنسى في عام 2023، كرّم مهرجان القاهرة للدراما في دورته الثانية بمدينة العلمين الفنان سيد صادق، في لحظة مؤثرة عبر فيها عن سعادته بالتكريم، قائلًا: “حسيت إن اللي قدمته ما راحش هدر… وله طعم مختلف لما بلدك تكرمك”.
وقد ظهر متأثرًا وهو يروي تلقيه اتصالًا من نقيب الممثلين الدكتور أشرف زكي لإبلاغه بقرار التكريم، معبرًا عن أمله في العودة للتمثيل بدور يليق بتاريخه الفني.
من المواقف اللافتة في مسيرته، تحدث صادق عن أصعب مشاهده في فيلم “3 على مائدة الدم”، حيث جسد شخصية مدمن، مما تطلب منه دراسة حياة المدمنين عن قرب لتقديم الدور بصدق.
كما روى موقفًا طريفًا ومؤلمًا في الوقت ذاته، حيث أصيب بالعصب السابع بعد أن صفعته الفنانة شريهان ثلاث مرات متتالية أثناء تصوير مشهد في فيلم “خلي بالك من عقلك”.
حياة متوازنة بين الفن والتجارة لم يعتمد سيد صادق على الفن كمصدر رزق وحيد، بل امتهن تجارة قطع غيار السيارات منذ عام 1967، وكان يدير محله التجاري في وسط البلد بانتظام.
في تصريحات سابقة أكد صادق أنه لم يبتعد عن الفن بسبب المرض، بل لعدم تلقيه عروضًا تتناسب مع مشواره الفني، مشيرًا إلى أنه يتمتع بصحة جيدة.
ونصح زملاءه الفنانين بضرورة وجود مصدر دخل آخر، قائلًا: “الفن مش دايم، لازم يكون في حاجة تانية للمستقبل”.
ردود فعل الوسط الفني نعت نقابة المهن التمثيلية، برئاسة الدكتور أشرف زكي، الفنان الراحل ببيان مؤثر، جاء فيه: “ببالغ الحزن والأسى تنعى النقابة وفاة الفنان الكبير سيد صادق، ونتقدم بخالص التعازي إلى أسرته، سائلين المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته وأن يلهم ذويه الصبر والسلوان”.
كما أعلن زكي اقامة العزاء يوم السبت 9 أغسطس 2025 بعد صلاة المغرب في مسجد الشرطة بالشيخ زايد.
إرث فني خالد
رحل سيد صادق و ترك علامات بارزة في ذاكرة الجمهور ليكون رحيله خسارة كبيرة للسينما والدراما المصرية، لكنه سيظل حاضرًا من خلال أعماله التي أثرت وجدان المشاهدين.
