شلل الذكاء الاصطناعي لم يكن انقطاع التيار الكهربائي عن 35% من أحياء مدينة سان فرانسيسكو مجرد حادثة عابرة في جدول الصيانة الدورية، بل تحول إلى “اختبار واقعي” مرعب كشف عن ثغرة أمنية وتقنية في قلب مشاريع المستقبل التي تقودها كبرى شركات وادي السيليكون.
عندما تصبح “المركبات الذكية” صخوراً صمّاء
في قلب الأزمة، وجدت شركة Waymo (الذراع التقني لجوجل في مجال القيادة الذاتية) نفسها في مأزق لم تتوقعه خوارزمياتها. فمع انطفاء أضواء إشارات المرور، فقدت السيارات “عقلها المدبر”. صُممت هذه الأنظمة لتعمل وفق نظام صارم يعتمد على الألوان والإشارات، وعندما غابت التغذية الكهربائية عن الطرق، اختارت السيارات التوقف تماماً في منتصف التقاطعات الحيوية، رافضة التحرك دون “إذن رقمي”.
انهيار “الحصن الخلفي”: لا تحكم عن بُعد
المأساة لم تتوقف عند شلل المركبات فحسب، بل امتدت لتكشف عن انهيار خطوط الدفاع الثانية. حاول مهندسو “وايمو” التدخل يدوياً عبر أنظمة التحكم عن بُعد لإنقاذ الموقف، لكنهم اصطدموا بحقيقة مرة: أبراج تقوية الشبكات قاطعة للكهرباء أيضاً.
بسبب ضعف التغطية، فقدت مراكز التحكم قدرتها على التواصل مع الأسطول، مما حوّل هذه المركبات المتطورة إلى “كتل معدنية” تعطل حركة الإسعاف والمارة، وتجسد عجز التكنولوجيا أمام انقطاع الطاقة الأساسية.
ساتيا ناديلا.. نبوءة “كارثة الكهرباء”
أعاد هذا الحادث للأذهان تصريحات ساتيا ناديلا، المدير التنفيذي لشركة مايكروسوفت، الذي حذر سابقاً من أن صراع الذكاء الاصطناعي لن يُحسم بقوة النماذج (Models) أو حجم البيانات (Data) فقط، بل بالقدرة على تأمين الطاقة.
“السباق اليوم ليس سباق ذكاء فحسب، بل هو سباق لتأمين الطاقة الكهربائية اللازمة لتشغيل هذا الذكاء.” — ساتيا ناديلا
هل نحن مستعدون؟
يضع هذا الحادث العالم أمام تساؤلات وجودية حول “الاعتمادية الكلية” على الأنظمة الذاتية:
هشاشة البنية التحتية: كيف يمكن الوثوق في سيارات ذاتية القيادة لا تملك بروتوكولاً للطوارئ في حال تعطل الإشارات؟
وهم الاستقلالية: أثبتت الواقعة أن الذكاء الاصطناعي “يأكل” الكهرباء ليعيش، وبدونها يصبح حرفياً بلا قيمة.
أزمة الطاقة: تحذير حقيقي للدول التي تسعى لرقمنة كل شيء دون تأمين مصادر طاقة مستدامة وفائضة.