تعمل مصر على نشر منظومة الدفاع الجوي المتطورة “HQ-9B” في مواقع استراتيجية بشبه جزيرة سيناء.
يأتي ذلك في خطة محكمة تعكس تعزيز القدرات العسكرية الدفاعية المصرية وسط التوترات الإقليمية المتزايدة.
هذه المنظومة، التي تُعد من أبرز الإضافات إلى الترسانة العسكرية المصرية، أثارت اهتماماً دولياً واسعاً، خاصة في إسرائيل، حيث يُنظر إليها كعامل يعيد تشكيل ميزان القوى الجوي في الشرق الأوسط. وفقاً لتقارير إعلامية إسرائيلية ومصرية، يأتي هذا النشر كرد فعل على التصعيد الأخير، بما في ذلك العملية الإسرائيلية ضد قطر، مما يعزز من جاهزية مصر لحماية حدودها الشرقية وممراتها الحيوية مثل قناة السويس والبحر الأحمر.
خلفية المنظومة وتاريخ التعاقد المصري
تُعد منظومة “HQ-9B” (المعروفة أيضاً باسم “Hong Qi-9B”) تطويراً متقدماً لعائلة منظومات الدفاع الجوي الصينية “HQ-9″، التي طُورت في أواخر التسعينيات وبداية الألفية الجديدة من قبل شركة الصين لاستيراد وتصدير الآلات الدقيقة (CPMIEC).
وهي تعتمد جزئياً على تقنيات مستوحاة من المنظومة الروسية “S-300″، لكنها أصبحت اليوم منافساً قوياً لأنظمة مثل “S-400” الروسية أو “باتريوت” الأمريكية، مع ميزة في التكلفة والمرونة.
أُعلن عن النسخة التصديرية “FD-2000” في معرض “Zhuhai” الجوي عام 2010، وقد صدّرت الصين هذه المنظومة إلى دول مثل باكستان وأوزبكستان، حيث أثبتت فعاليتها في إسقاط طائرات بدون طيار وصواريخ كروز خلال التصعيد الهندي-الباكستاني في مايو 2025.
بالنسبة لمصر، بدأت شائعات التعاقد منذ عام 2017، لكن التأكيد الرسمي جاء في أبريل 2025 من خلال تصريحات اللواء المتقاعد سمير فرج، رئيس إدارة الشؤون المعنوية السابق في الجيش المصري، خلال مقابلة تلفزيونية.
أكد فرج أن مصر تمتلك “منظومات دفاعية حديثة ومتنوعة”، بما في ذلك “HQ-9B”، التي تضاهي “S-400” في القدرات.
ويُعتقد أن الصفقة شملت دفعات أولية نقلت عبر طائرات نقل عسكرية صينية مثل “Y-20″، في سياق تعزيز الشراكة المصرية-الصينية، التي شهدت مناورات مشتركة مثل “نسور الحضارة 2025” في أبريل الماضي.
هذا التعاون يأتي كبديل للقيود الأمريكية والفرنسية على توريد أسلحة متقدمة، مثل صواريخ “AIM-120” أو “MICA”، للحفاظ على التفوق الإسرائيلي.
المواصفات التقنية والقدرات تُصنف “HQ-9B” كمنظومة دفاع جوي أرض-جو بعيدة المدى، قادرة على التعامل مع تهديدات متعددة في بيئات معقدة مشبعة بالتشويش الإلكتروني.
ميجا نيوز تستعرض أبرز مواصفاتها:
تتفوق “HQ-9B” على الإصدارات السابقة بإضافة مستشعر أشعة تحت الحمراء السلبي للكشف عن الطائرات الشبحية، وتدعم الاندماج مع أنظمة أخرى مثل “MiG-29M” أو “J-10C” الصينية. في سيناء، يُرجح أنها تغطي مناطق واسعة مثل الغربية والساحلية، مع الالتزام باتفاقية كامب ديفيد التي تحد من نشر الطائرات المقاتلة، لكنها تسمح بأنظمة صواريخ دفاعية.
أسباب النشر في سيناء وأهميته الاستراتيجية
يأتي نشر “HQ-9B” في سيناء كرد على التوترات الإقليمية، خاصة بعد الهجوم الإسرائيلي على قطر في الدوحة، الذي استخدم فيه طائرات إسرائيلية صواريخ “جولدن هورايزون” لاستهداف أهداف حساسة.
أكدت تقارير من موقع “الدفاع العربي” في 13 سبتمبر أن النشر يهدف إلى “الرقابة الاستباقية” وحماية المجال الجوي المصري من أي تسلل، مع التركيز على التهديدات من الشرق.
سيناء، التي تشهد عمليات مكافحة الإرهاب، أصبحت منطقة حيوية للدفاع عن قناة السويس والبحر الأحمر، ويُعتقد أن المنظومة تكمل أنظمة أخرى مثل “Tor-M2″ و”Buk-M2” الروسية لتشكيل شبكة دفاع متكاملة.
من الناحية الاستراتيجية، يعزز هذا النشر قدرة مصر على الردع، خاصة مع اقتناء طائرات “J-10C” الصينية وطائرات بدون طيار “Wing Loong”.
كما يعكس تنويع مصادر التسليح، حيث رفضت الولايات المتحدة وفرنسا توريد أسلحة متقدمة، مما دفع القاهرة نحو الصين كشريك موثوق.
أثار النشر قلقاً إسرائيلياً حاداً، حيث وصفته وسائل إعلام عبرية مثل “نزيف” و”معاريف” بأنه “انتهاك محتمل لاتفاقية كامب ديفيد”، مشيرة إلى أن مدى المنظومة (300 كم) يغطي أجزاء من إسرائيل ويهدد تفوقها الجوي مع طائرات “F-35”.
أعربت دوائر دفاعية إسرائيلية عن مخاوف من “تغيير ميزان القوى”، خاصة مع المناورات المصرية-الصينية. في المقابل، أشادت مصادر مصرية بالمنظومة كـ”ضمان للسيادة”، مع تأكيد الالتزام بالمعاهدات.
على منصة “X” (تويتر سابقاً)، انتشرت تغريدات تؤكد النشر، مثل تلك من حساب “@EdyCohen ” الإسرائيلي الذي سأل عن إمكانية تعطيل الطائرات الأمريكية، وردود مصرية تذكر بكلمة الرئيس الراحل مبارك: “المتغطى بالأمريكان عريان”.
كما نشرت قناة “نبأ من سبأ” تقريراً يصف النشر كـ”تعزيز للأمن الإقليمي”.
رغم قوتها، تواجه “HQ-9B” تحديات في الاندماج مع الأنظمة الغربية والروسية في الترسانة المصرية، مما يتطلب تدريبات مكثفة.
في المستقبل، قد تشمل الصفقات المصرية نسخاً بحرية “HHQ-9B” أو تكاملاً مع طائرات “J-20” الصينية المحتملة، مما يعزز دور مصر كقوة إقليمية متوازنة.