“على الرغم من الصورة الشائعة التي تصف الهند بأنها تفرض تعريفات جمركية مرتفعة بشكل مبالغ فيه، فإن الواقع مختلف وأكثر تعقيدًا”، وذلك بحسب ما أوضح السفير الهندي السابق ومدير معهد “جاديجا موتواني للدراسات الأمريكية”، الدكتور موهان كومار، في مقال له بمجلة “نيوزويك“.
أوضح كومار أن “للتعريفة الجمركية في الاقتصادات النامية وظيفتين أساسيتين: حماية الصناعات المحلية وتوفير إيرادات للحكومة. ففي حين كانت الرسوم الجمركية في الهند مرتفعة خلال ثمانينيات القرن الماضي، إلا أنها بدأت في الانخفاض بشكل تدريجي منذ إصلاحات 1991 والمفاوضات التجارية في جولة الأوروجواي التي أسست لاحقًا منظمة التجارة العالمية. ومنذ ذلك الحين، تسير الهند على نهج ثابت في خفض الرسوم عبر مختلف القطاعات”.
وبيّن أن هناك نوعين من الرسوم: “المطبقة” وهي التي تُحصّل فعليًا عند الحدود، و”المقيدة أو المُلزمة” وهي السقف الأعلى المسموح به وفق التزامات منظمة التجارة العالمية. وأشار إلى أن متوسط التعرفة المطبقة على التجارة في الهند يبلغ 4.6% فقط، وهو معدل معتدل مقارنةً بمتوسط تعرفة بسيط يبلغ 15.98%، ما ينفي بدقة وصف الهند بـ”ملكة التعريفات الجمركية”.
وتحتفظ الهند بمستويات أعلى من الرسوم الجمركية على السلع الزراعية والسيارات بهدف حماية سبل العيش والصناعة المحلية. إذ يعتمد نحو نصف سكان البلاد بشكل مباشر أو غير مباشر على الزراعة، التي ما زالت تعتمد على مساحات صغيرة وتقنيات محدودة. وتصل الرسوم على اللحوم والألبان والفواكه والحبوب إلى نحو 33%، وهي نسب مماثلة أو أدنى من بعض الاقتصادات الكبرى مثل الاتحاد الأوروبي (حتى 261%)، اليابان (حتى 298%)، وكوريا الجنوبية (حتى 800% على بعض الخضروات). أما في قطاع السيارات، فتهدف الرسوم إلى الحفاظ على الوظائف في هذا المجال الحيوي، وفقا لمقال الدكتور موهان كومار.
وفي المقابل، تبقى الرسوم الجمركية على السلع غير الزراعية عند مستويات تنافسية، إذ تتراوح بين صفر و10.9% على الإلكترونيات، ومكونات الحواسيب، وأشباه الموصلات، وهي نسب توازي أو تقل عن مثيلاتها في دول آسيوية مثل فيتنام والصين وإندونيسيا.
كما أن متوسط الرسوم في الهند يتماشى مع المعدلات العالمية في الدول النامية، حيث يبلغ في بنغلادش 14.1%، وفي الأرجنتين 13.4%، وفي تركيا 16.2%، وفقا للدكتور كومار.
وأكد الدكتور كومار أن سياسة الهند الجمركية “مدروسة واستراتيجية”، فهي توفر الحماية للزراعة والألبان وصناعة السيارات، بينما تتيح في الوقت نفسه بيئة تجارية معتدلة تدعم النمو والانفتاح على الاقتصاد العالمي.