خلال مؤتمر صحفي مشترك في القاهرة، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن فرنسا تعتبر الشريك الأوروبي الأول لمصر خارج قطاع المحروقات، حيث تجاوزت استثماراتها 7 مليارات يورو. وقد تم التوقيع على منح وقروض جديدة تصل قيمتها إلى أكثر من 160 مليون يورو، لدعم مشروعات في مجالات الطاقة، النقل، والمياه والصرف الصحي، وذلك ضمن التزامات الوكالة الفرنسية للتنمية التي بلغت 4 مليارات يورو منذ عام 2006.
أبرز ماكرون اهتمام فرنسا بالتعاون في قطاع النقل الحضري بمصر، مشيرًا إلى استمرار الدعم لمشروعات مترو القاهرة، بما في ذلك الخط الثالث وتحديث الخط الأول، بالإضافة إلى المساهمة في تنفيذ الخط السادس. كما تناول التعاون الثنائي بين البلدين، حيث تم التطرق إلى شراكات في مجالات الصحة، التعليم العالي، والصناعات الغذائية، مع الإعلان عن توقيع اتفاق لتوظيف المهندسين المصريين مع شركة “كبج ميني”، وتعزيز التعاون في مجال مكافحة السرطان.
وفي سياق زيارته، أشار ماكرون إلى وصول أول طائرتين من طراز “رافال” ضمن المجموعة الثانية المتعاقد عليها، مشيدًا بالتعاون الثقافي والتعليمي بين البلدين، وخاصة في مجال التعليم والآثار، مع خطط لتوسيع المدارس الفرنسية في مصر إلى مائة مدرسة.
على الصعيد السياسي، أثنى ماكرون على الدور المحوري لمصر في دعم جهود وقف إطلاق النار في غزة، مشددًا على أن هناك تطابقًا في الرؤى بين فرنسا ومصر في رفض الضربات الإسرائيلية المتواصلة، والدعوة لاستئناف المفاوضات وإطلاق سراح الرهائن. ورفض ماكرون الترحيل القسري وضم الأراضي الفلسطينية، داعيًا إلى حل سياسي يفضي إلى حكم فلسطيني جديد في غزة بقيادة السلطة الوطنية.
وفي إطار العلاقات الإقليمية، أعرب ماكرون عن دعم فرنسا لجهود مصر في حل الأزمات في السودان ولبنان وسوريا، مؤكدًا التزام بلاده بمساعدة هذه الدول على استعادة استقرارها، وأهمية التوصل إلى حل توافقي بشأن تقاسم مياه نهر النيل.
فيما يتعلق بالملف الأوكراني، جدد ماكرون دعم بلاده لرؤية الرئيسين ترامب وزيلينسكي لتحقيق سلام عادل، محذرًا من استمرار التصعيد الروسي وتأثيراته على الأمن الغذائي العالمي، خاصة في الدول الإفريقية بما فيها مصر.
اختتم الرئيس الفرنسي كلمته بالإشادة بمصر كشريك استراتيجي لفرنسا، مشددًا على مواقفها الداعمة للسلام، ومشيرًا إلى تطابق الرؤى بين البلدين تجاه القضايا الإقليمية والدولية، من غزة إلى أوكرانيا.
من جانبه، عبر الرئيس عبدالفتاح السيسي عن ترحيبه بنظيره الفرنسي، مؤكدًا أن هذه الزيارة تعكس مسيرة طويلة من التعاون بين البلدين، وتوجت برفع مستوى العلاقات إلى الشراكة الاستراتيجية. وأوضح السيسي أن المباحثات تناولت العلاقات التاريخية الممتدة بين مصر وفرنسا وسبل تعزيزها، لا سيما من خلال زيادة الاستثمارات، والبناء على منتدى الاقتصادي المصري الفرنسي الذي سيعقد في وقت لاحق.
تطرق السيسي أيضًا إلى التطورات في قطاع غزة، مؤكدًا ضرورة العودة الفورية إلى وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية، وضرورة إطلاق سراح الرهائن. كما أشار إلى التوافق بين الجانبين على عدم قبول أي دعوات لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وتم استعراض الخطة العربية للتعافي وإعادة إعمار غزة، مع الاتفاق على تنسيق الجهود المشتركة بشأن مؤتمر إعادة إعمار غزة الذي تعتزم مصر استضافته بعد انتهاء الأعمال العدائية في القطاع.
في ختام الزيارة، شهد الرئيسان توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تعكس عمق العلاقات التاريخية بين البلدين، وتؤكد التزامهما بمواصلة التنسيق والتشاور لتحقيق مصالح الشعبين وتعزيز الاستقرار والتنمية في المنطقة.