في خطوة ذكية ومؤثرة، أثار محمد صلاح، نجم ليفربول والمنتخب المصري، جدلًا واسعًا بسؤاله المباشر للاتحاد الأوروبي لكرة القدم (اليويفا) عبر منصة X، رداً على بيان الاتحاد حول وفاة اللاعب الفلسطيني الدولي السابق سليمان العبيد. السؤال البسيط: «ممكن تقولولنا مات إزاي، وفين، وليه؟» كشف عن فجوة متعمدة في بيان اليويفا، وحرّك وسائل الإعلام الدولية لتسليط الضوء على الحقيقة المغيبة.
سليمان العبيد، المعروف بـ«بيليه أرض الزيتون»، توفي في جنوب قطاع غزة أثناء انتظاره في طابور المساعدات، وهي تفاصيل تجاهلها بيان اليويفا.
رد صلاح، الذي تجنب ذكر المنطقة المحاصرة أو الكيان المحتل أو حتى كلمة «اتقتل»، لم يكن مجرد تعليق عابر، بل استراتيجية دقيقة أجبرت الإعلام العالمي على قول ما لم يقله الاتحاد.
صحيفة «التليجراف» البريطانية أشارت إلى أن جاري لينكر، نجم كرة القدم السابق، كرر سؤال صلاح، بينما أكدت «سكاي نيوز» أن بيان اليويفا تجاهل ظروف الوفاة، مما جعل صياغة صلاح عنوانًا إخباريًا يحمل السياق الحقيقي.لماذا كان سؤال صلاح مؤثرًا؟
على عكس البيانات الغاضبة التي قد تثير جدلًا سياسيًا أو عقوبات تنظيمية، اختار صلاح أسلوبًا يضع الحقيقة في قلب النقاش دون إعطاء مساحة للتبرير. «سؤاله لم يكن حياديًا، بل كان إحراجًا علنيًا لمؤسسة كروية كبيرة أمام ملايين المتابعين»، بحسب تحليل خبراء الإعلام.
هذه الصياغة الذكية جعلت وسائل الإعلام هي من تكمل الرواية، وتذكر أن العبيد قُتل في ظروف إنسانية مأساوية، دون أن يضطر صلاح لتحمل تبعات التصريح المباشر.سياق تنظيمي صعب
تفرض كرة القدم الأوروبية قيودًا صارمة على ما يُصنف كـ«رسائل سياسية». في عام 2023، فرض اليويفا غرامة على نادي سيلتيك الاسكتلندي بعد رفع جماهيره أعلام فلسطين خلال مباراة في دوري الأبطال، معتبرًا ذلك «رسائل استفزازية».
هذا المناخ التنظيمي يجبر اللاعبين، مثل صلاح، على الحذر في تصريحاتهم لتجنب العقوبات التي قد تؤثر على مسيرتهم أو عقودهم التجارية. ومع ذلك، تمكن سؤال صلاح من تحقيق تأثير كبير دون الوقوع في فخ التصنيف السياسي.مقارنات مع مواقف أخرى
يتساءل البعض: «لماذا لا يتخذ صلاح موقفًا صلبًا مثل محمد علي كلاي، أو يتحدث بصراحة مثل بيب جوارديولا؟».
يوضح المحللون أن الفارق يكمن في السياق. جوارديولا، كمدرب، يتمتع بحرية أكبر وأقل تعرضًا للعقوبات مقارنة باللاعبين المرتبطين بعقود رعاية وأداء أسبوعي.
أما محمد علي كلاي، فقد دفع ثمن مواقفه في سياق سياسي أمريكي مختلف، بينما يعمل صلاح في بيئة أوروبية شديدة الحساسية تجاه التصريحات السياسية.هل السؤال كافٍ؟
قد يرى البعض أن موقف صلاح ليس كافيًا مقارنة بالمطالبة بتسمية مباشرة للأحداث. لكن من منظور الأثر الفعلي، نجح سؤاله في إعادة الحقيقة إلى السرد الإعلامي.
منصات عالمية كبرى، مثل «سكاي نيوز» و«التليجراف»، تحدثت عن وفاة لاعب فلسطيني في ظروف مأساوية، وكشفت عن محاولة اليويفا لطمس التفاصيل. «جوهر المعركة هنا ليس في صراحة اللاعب، بل في إجبار المؤسسات على مواجهة الحقيقة»، يقول محلل رياضي.تأثير أبعد من الملعب
رد صلاح لم يكن مجرد تعليق رياضي، بل خطوة استراتيجية أعادت تشكيل السرد الإعلامي. سؤاله البسيط وضع اليويفا أمام مسؤولية الإجابة، وحوّل الصمت المؤسسي إلى نقاش عالمي حول الحقيقة.
في عالم كرة القدم المحكوم بالقيود، نجح صلاح في إيصال رسالة قوية دون أن ينطق بالكلمات التي يخشاها الجميع، مما يثبت أن التأثير لا يحتاج دائمًا إلى صوت عالٍ، بل إلى صياغة ذكية.انتهى