في واقعة مثيرة للقلق كادت أن تتحول إلى كارثة جوية، أقدم أحد الركاب على متن طائرة تابعة لشركة “إيزي جيت” البريطانية على تهديد صريح للرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، وتفجير الطائرة خلال رحلتها من مطار لندن لوتون إلى مدينة غلاسكو الاسكتلندية. وتم تداول مقطع فيديو يوثق الحادثة بشكل واسع على منصات التواصل الاجتماعي، أظهر لحظات من التوتر والرعب بين الركاب، وسط هتافات سياسية ودينية أطلقها الرجل، قبل أن يتمكن أحد الركاب من السيطرة عليه، ليتدخل لاحقًا رجال الأمن ويتم اعتقاله فور هبوط الطائرة.
تفاصيل الواقعة لحظة بلحظة
بدأت الحادثة عندما صعد راكب يبلغ من العمر 41 عامًا إلى الطائرة، التي أقلعت من مطار لوتون الواقع شمال لندن باتجاه مدينة غلاسكو في اسكتلندا. وخلال الرحلة، بدأ الرجل بالصراخ بشكل هستيري، مرددًا عبارات أثارت ذعر الركاب، من بينها “سأفجر الطائرة” و”الموت لأميركا، الموت لـ ترامب”، إضافة إلى تكرار عبارة “الله أكبر” بصوت مرتفع.

المشهد الذي التقطه أحد الركاب بهاتفه المحمول أظهر حالة من الفوضى على متن الطائرة، حيث بدا الرجل في حالة هياج غير طبيعية، ما دفع عددًا من الركاب إلى مغادرة مقاعدهم والابتعاد عنه، في حين تحرك أحد المسافرين بشجاعة ملحوظة وتدخل لتقييد الرجل والسيطرة عليه جسديًا، وسط تصفيق وتشجيع من بقية الركاب.
تدخل فوري بعد الهبوط
وعقب الهبوط في مطار غلاسكو، كانت الشرطة الاسكتلندية بانتظار الطائرة، حيث صعد رجال الأمن على الفور إلى متن الطائرة وقاموا باعتقال الرجل دون وقوع أي إصابات. ووفقًا لبيان صادر عن شرطة اسكتلندا، فإن الراكب لا يزال رهن الاحتجاز حتى الآن، والتحقيقات جارية لمعرفة ملابسات الحادثة ودوافع المتهم الحقيقية، سواء كانت تتعلق باضطرابات نفسية أو دوافع أيديولوجية متطرفة.
وقالت الشرطة في البيان الرسمي :”تم توقيف رجل يبلغ من العمر 41 عامًا فور وصول الرحلة إلى مطار غلاسكو، وهو لا يزال قيد الاحتجاز حالياً على ذمة التحقيق. نؤكد أن التحقيقات مستمرة، ونعمل على تحديد ما إذا كانت هناك أي تهديدات حقيقية تتعلق بأمن الرحلة”.

إيزي جيت: “سلامة الركاب لم تتأثر”
من جانبها، أصدرت شركة الطيران “إيزي جيت” بيانًا رسميًا عقب الحادثة، أكدت فيه أن سلامة الطائرة والركاب لم تكن في خطر في أي لحظة من لحظات الرحلة، وأن طاقم الطائرة تعامل باحترافية مع الوضع إلى حين تسليمه للسلطات المختصة.
وجاء في البيان: “نؤكد أن سلامة الرحلة لم تتعرض لأي تهديد حقيقي، وأن الطاقم تصرف وفق البروتوكولات الأمنية المعتمدة، بالتعاون مع الركاب للحفاظ على النظام والسيطرة على الوضع”.
ردود أفعال متباينة
فور انتشار الفيديو على الإنترنت، تباينت ردود الفعل بشكل واسع. البعض أشاد بشجاعة الراكب الذي تدخل وقام بطرح الرجل أرضًا، واصفين تصرفه بـ”البطولي”، خاصة وأنه حال دون تصاعد الأمور إلى ما هو أخطر. في المقابل، عبر آخرون عن قلقهم من مدى سهولة صعود أشخاص في حالات اضطراب نفسي أو عقلي إلى الرحلات التجارية دون فحص دقيق، وهو ما يثير تساؤلات حول فعالية إجراءات الأمن الجوي.

كما لاقت العبارات السياسية التي أطلقها المتهم تنديدًا واسعًا، خاصة الهجوم اللفظي على الولايات المتحدة والرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، ما دفع بالبعض لاعتبار الحادثة مرتبطة بتوجهات متطرفة، وهو ما ستكشفه التحقيقات خلال الأيام المقبلة.
هل كان تهديدًا حقيقيًا أم نوبة نفسية؟
حتى الآن، لم تؤكد الشرطة ما إذا كان المتهم يحمل أي مواد خطرة أو متفجرات، ولم تُوجه له تهم تتعلق بالإرهاب حتى اللحظة. غير أن المحققين يتعاملون مع الحادثة بجدية بالغة، وبدأوا بمراجعة خلفيته الشخصية وتاريخه الطبي والنفسي، إلى جانب الاستماع إلى شهادات الركاب وطاقم الطائرة.
ويرجح خبراء في الأمن أن الحادث قد يكون نتيجة نوبة نفسية حادة أو اضطراب عقلي، خاصة أن المتهم لم يكن يحمل أي سلاح أو متفجرات، وأن تهديداته اقتصرت على الكلام فقط. لكنهم في الوقت ذاته يشددون على أن مجرد التلفظ بهذه العبارات داخل طائرة يُعد انتهاكًا خطيرًا للقانون البريطاني ويتطلب تحقيقًا ومحاسبة.
قوانين صارمة ضد التهديدات الجوية
تُصنف التهديدات على متن الطائرات، سواء كانت حقيقية أو زائفة، ضمن الجرائم الخطيرة في المملكة المتحدة. وبموجب القانون البريطاني، فإن من يهدد بتفجير طائرة أو يتلفظ بما من شأنه إثارة الذعر بين الركاب، قد يواجه عقوبات مشددة تصل إلى السجن لعدة سنوات، حتى وإن ثبت لاحقًا أنه لا يحمل نية حقيقية للتنفيذ.
وتعليقًا على الحادث، قال خبير الطيران المدني البريطاني ديفيد لورانس: “مهما كانت حالة الشخص النفسية، فإن تهديد أمن طائرة خلال تحليقها في الجو هو أمر لا يمكن التساهل فيه. هذه الحوادث قد تؤدي إلى اتخاذ إجراءات طارئة تهدد سلامة الجميع على متن الرحلة”.
إنذار جديد لضرورة تشديد الرقابة
تكشف هذه الحادثة مجددًا عن مدى هشاشة الأوضاع الأمنية في الرحلات الجوية، وحجم التحديات التي تواجهها شركات الطيران في التعامل مع مثل هذه الحالات. ورغم أن الوضع هذه المرة انتهى دون خسائر بشرية أو إصابات، إلا أن الأمر يستدعي مراجعة مستمرة لإجراءات الفحص النفسي والأمني للمسافرين، ورفع جاهزية الطواقم للتعامل مع الحوادث الطارئة.

وتبقى التحقيقات جارية لمعرفة حقيقة دوافع هذا الراكب، بينما يراقب الرأي العام البريطاني والعالمي تطورات القضية عن كثب، بانتظار نتائج التحقيق الرسمي وتوصيف النيابة للواقعة، وهل ستُصنف في إطار القضايا الجنائية التقليدية أم يتم توجيه تهم ذات طابع إرهابي.