في تأكيد جديد على التزامها الإنساني الثابت تجاه الشعب الفلسطيني، أعلنت الحكومة المصرية أن معبر رفح البري لم يُغلق إطلاقًا من الجانب المصري، وأن المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة ما تزال تتدفق بشكل مستمر، رغم التعقيدات الأمنية والميدانية التي يفرضها الوضع داخل القطاع.
تصريحات رسمية من مجلس الوزراء
وقال المتحدث باسم مجلس الوزراء، محمد الحمصاني، في تصريحات خاصة لقناة “سكاي نيوز عربية”، إن مصر فتحت معبر رفح منذ بداية الحرب ولم تغلقه مطلقًا، مؤكدًا أن الجانب المصري لا يشكل أي عائق أمام دخول المساعدات.
وأضاف أن أكثر من 35 ألف شاحنة محمّلة بالمساعدات الإنسانية قد عبرت إلى غزة منذ بداية التصعيد العسكري، وهو ما يعكس حجم الجهد اللوجستي والإنساني الذي تبذله القاهرة في ظل ظروف صعبة ومعقدة.
جهود ميدانية وإجلاء المصابين
وتابع الحمصاني أن الدولة المصرية لم تكتفِ بنقل المساعدات، بل قامت أيضًا بإجلاء أعداد كبيرة من المصابين وذويهم من قطاع غزة لتلقي العلاج في المستشفيات المصرية، في مشهد يعكس الحرص المصري على تقديم الرعاية الطبية الفورية والدعم النفسي والاجتماعي للضحايا المدنيين.
وأكد أن “العائق الحقيقي” أمام تدفق المساعدات لا يكمن في الجانب المصري، بل في العراقيل التي يفرضها الجانب الإسرائيلي، سواء على مستوى إجراءات التفتيش أو التقييد الزمني لحركة الشاحنات.
دعم جوي بالتوازي مع المساعدات البرية
وفي خطوة نوعية لدعم غزة، أعلنت القوات المسلحة المصرية قبل أيام تنفيذ إسقاط جوي لأطنان من المساعدات الغذائية على مناطق متفرقة داخل القطاع، لا يمكن الوصول إليها عبر الطرق البرية، في ظل الحصار والدمار الواسع الذي طال البنية التحتية.
وجاءت هذه العملية تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، بتقديم كافة أشكال الدعم للفلسطينيين، حيث أقلعت أربع طائرات نقل عسكرية محملة بالمساعدات الإنسانية التي شملت المواد الغذائية الأساسية، وجرى إسقاطها بدقة في المناطق الأكثر تضررًا.
التحرك السياسي: ضغوط دبلوماسية لوقف إطلاق النار
على المستوى السياسي، لا تزال مصر تلعب دورًا محوريًا في الجهود الدولية الرامية إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وفي هذا السياق، أجرى وزير الخارجية المصري، السفير بدر عبد العاطي، مباحثات هامة مع المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، خلال تواجده بالعاصمة الأميركية واشنطن.
وتناول اللقاء، بحسب بيان رسمي صادر عن وزارة الخارجية، سبل تكثيف الضغوط الدولية للتوصل إلى هدنة عاجلة، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية دون شروط، إضافة إلى ملف تبادل الأسرى والرهائن، كجزء من بنود الاتفاق الإنساني المقترح.
تنسيق ثلاثي: مصر – الولايات المتحدة – قطر
وأشار البيان إلى أن المحادثات بين عبد العاطي وويتكوف ركزت على تنشيط الدور الثلاثي بين مصر والولايات المتحدة وقطر، وهي الدول الضامنة لجهود وقف إطلاق النار، مشددًا على أهمية التحرك المنسق لضمان نجاح أي تسوية مرتقبة، وتحقيق تقدم ملموس على الأرض.
استخدام التجويع كسلاح.. وإدانة الانتهاكات
وفي تصريح لافت، أبدى وزير الخارجية المصري قلقًا بالغًا من استخدام سياسة التجويع ضد المدنيين في غزة، معتبرًا إياها جريمة إنسانية وانتهاكًا صارخًا للقانون الدولي.
وأضاف أن الكارثة الإنسانية التي يعيشها سكان القطاع لم تعد تحتمل التأجيل، وأن المجتمع الدولي مطالب بتحمّل مسؤولياته، مشيرًا إلى أن استمرار الانتهاكات الإسرائيلية يزيد من تعقيد الوضع الميداني ويطيل أمد الأزمة.
السيسي: تشغيل معبر رفح لا يرتبط بمصر فقط
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد شدد في تصريحات سابقة على أن تشغيل معبر رفح لا يرتبط فقط بالقرار المصري، وإنما يتطلب تنسيقًا مع الأطراف الأخرى، خاصة في ظل القصف المتكرر للمناطق الحدودية والمعابر، الذي يعوق أحيانًا سير العمل الإغاثي.
وأكد السيسي حينها أن مصر تعمل من منطلق “واجبها الأخلاقي والإنساني” تجاه الأشقاء الفلسطينيين، مشيرًا إلى أن الدولة المصرية “لم ولن تدخر جهدًا” في دعم غزة في أصعب الأوقات.
إشادات دولية بالدور المصري
وحظيت التحركات المصرية بإشادات من أطراف دولية عديدة، أبرزها الأمم المتحدة، ومنظمات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، التي وصفت القاهرة بأنها “المنفذ الإنساني الوحيد” لسكان القطاع، مشيدة بمرونة إدارة معبر رفح، والجهد الهائل الذي تبذله القوات المسلحة وأجهزة الدولة المختلفة.
كما دعت هذه الجهات المجتمع الدولي إلى دعم مصر ماديًا ولوجستيًا، بما يساعد في توسيع نطاق الاستجابة الإنسانية وفتح ممرات آمنة لتوصيل المساعدات.
وتمثل التحركات المصرية على جميع الأصعدة – الميدانية والدبلوماسية والإنسانية – نموذجًا للتضامن العربي الحقيقي في مواجهة كارثة إنسانية غير مسبوقة في قطاع غزة. وبينما يتواصل تدفق المساعدات من معبر رفح دون انقطاع، تبقى القاهرة في موقع القيادة الإقليمية، ساعية إلى وقف الحرب وحقن الدماء، والتوصل إلى اتفاق يُنهي معاناة ملايين الفلسطينيين.