على الرغم من أنها تتربع على عرش الموائد المصرية والعربية، إلا أن “الفراخ البيضاء” كثيرًا ما تكون ضحية حملات التشكيك وسوء الفهم، حيث يتداول البعض أن تناولها مضر بالصحة بسبب استخدامها للمضادات الحيوية أو هرمونات النمو. وبينما يحتدم الجدل، تؤكد الحقائق العلمية والتجارب الغذائية أن الفراخ البيضاء تُعد من أفضل مصادر البروتين الحيواني النظيف، ولها فوائد غذائية كبيرة لا يمكن تجاهلها , في هذا التقرير، نرصد الفوائد الغذائية الهائلة للفراخ البيضاء، ونفند الشائعات المرتبطة بها، لنُعيد لها اعتبارها كأحد أهم الأطعمة في النظام الغذائي اليومي.
الفراخ البيضاء.. بروتين نظيف في متناول الجميع
يعتبر لحم الدجاج الأبيض من أغنى مصادر البروتين الحيواني قليل الدهون، وهو ما يجعله خيارًا مثاليًا للأشخاص الذين يسعون لبناء العضلات، أو الحفاظ على الوزن، أو حتى إنقاصه. فكل 100 جرام من لحم الصدر المشوي تحتوي على نحو 31 جرامًا من البروتين مقابل نحو 3.6 جرام فقط من الدهون، ما يجعله غذاءً مثاليًا للرياضيين، ومرضى القلب، ومرضى السكري.
البروتين الموجود في الفراخ البيضاء يتميز بسهولة هضمه وامتصاصه، على عكس اللحوم الحمراء التي قد تُسبب مشاكل هضمية لبعض الأشخاص، أو تحتوي على نسب عالية من الدهون المشبعة.
مصدر غني بالفيتامينات والمعادن
لا يتوقف الأمر عند البروتين فحسب، فالفراخ البيضاء تُعد مصدرًا غنيًا بعدد كبير من الفيتامينات والمعادن الضرورية لصحة الجسم، وأبرزها:
فيتامين B6: الذي يساعد على تعزيز صحة الجهاز العصبي، وتقوية المناعة، وتحسين وظائف المخ.
النياسين (فيتامين B3): مفيد لصحة القلب والأوعية الدموية، ويحافظ على نضارة الجلد.
الزنك: الذي يرفع مناعة الجسم، ويساهم في التئام الجروح.
الفسفور: ضروري لصحة العظام والأسنان.
السيلينيوم: أحد أقوى مضادات الأكسدة الطبيعية، والذي يحمي الجسم، ويعزز وظائف الغدة الدرقية.
دعم لصحة القلب والمخ
من أبرز الفوائد الصحية للفراخ البيضاء قدرتها على تعزيز صحة القلب. فاحتواؤها على نسب منخفضة من الدهون المشبعة والكولسترول يجعلها خيارًا آمناً مقارنة باللحوم الحمراء، التي ترتبط زيادتها في النظام الغذائي بمخاطر الإصابة بأمراض القلب وتصلب الشرايين.
كما أن غنى الدجاج بمركبات مثل الكولين وفيتامين B12 يجعله مفيدًا في تقوية وظائف المخ والذاكرة، والوقاية من التدهور المعرفي المرتبط بالتقدم في العمر.
غذاء مثالي للأطفال وكبار السن
من حيث القيمة الغذائية وسهولة المضغ والهضم، تعتبر الفراخ البيضاء من أفضل الخيارات الغذائية للأطفال وكبار السن. فهي سهلة التناول، وخفيفة على المعدة، وتوفر العناصر الغذائية الأساسية لبناء جسم الطفل وتقوية مناعة المسنين دون إرهاق الجهاز الهضمي.
يمكن تحضيرها بطرق متعددة لتناسب جميع الأعمار، مثل الشوربة، أو صدور الدجاج المشوي، أو الدجاج المسلوق مع الخضار.
الحقيقة وراء الشائعات: هل الفراخ البيضاء مضرة؟
انتشرت في السنوات الأخيرة شائعات تربط الفراخ البيضاء باستخدام الهرمونات أو المضادات الحيوية الضارة. وفي الحقيقة، لا يوجد استخدام قانوني للهرمونات في تربية الدواجن في مصر ومعظم دول العالم، لأن ذلك ممنوع من قبل الهيئات الرقابية مثل وزارة الزراعة وهيئة سلامة الغذاء.
أما بخصوص المضادات الحيوية، فهي تُستخدم بالفعل في مزارع الدواجن لعلاج الأمراض، ولكن وفقًا لجرعات محددة، ويتم تطبيق “فترة سحب” قبل الذبح، لضمان عدم بقاء آثار الدواء في جسم الدجاجة.
المشكلة تحدث فقط عند وجود مزارع غير مرخصة لا تلتزم بالقواعد، وهنا تأتي أهمية شراء الدجاج من مصادر موثوقة تخضع للرقابة الصحية.
الدجاج الأبيض أم البلدي؟ مقارنة عادلة
يعتقد البعض أن الفراخ البلدي أفضل صحيًا، بينما الفراخ البيضاء “مسرطنة” أو “محقونة”، وهذا اعتقاد خاطئ من الناحية العلمية.
الفراخ البلدي تُربى في ظروف طبيعية وتأخذ وقتًا أطول للنمو، ولذلك فإن لحمها أكثر تماسكًا ونكهته أقوى، لكنها ليست بالضرورة “أكثر صحية”. من ناحية أخرى، الفراخ البيضاء تُربى في مزارع مكثفة، لكن إذا كانت تحت إشراف طبي وإنتاج من شركات موثوقة، فإنها آمنة تمامًا.
الفارق بين الاثنين غالبًا في الطعم والسعر، وليس في القيمة الغذائية أو درجة الأمان.
طرق صحية لطهي الفراخ البيضاء
لتحقيق أقصى استفادة غذائية من الفراخ البيضاء، يُفضل تجنب القلي أو الطهي مع كميات كبيرة من الزيوت أو الدهون. وبدلاً من ذلك، يُنصح بطهيها من خلال:
الشوي: أفضل الطرق الصحية التي تحافظ على البروتين وتقلل الدهون.
السلق: مفيد خاصة عند تحضير الشوربة أو للأطفال.
الطهي بالبخار: يحافظ على الفيتامينات والمعادن بنسبة أكبر.
كما يُفضل نزع الجلد قبل الطهي، لأنه يحتوي على نسبة كبيرة من الدهون.
الفراخ البيضاء في ظل الأزمة الاقتصادية
مع ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء والأسماك، أصبحت الفراخ البيضاء الملاذ الآمن للملايين من الأسر في مصر والعالم العربي. فهي أرخص نسبيًا، وسهلة التحضير، وتوفر وجبة متكاملة غنية بالبروتين بسعر معقول.
ولهذا، فإن التوعية بأهميتها وطرق الطهي الصحية لها أصبح ضرورة، خاصة مع اعتماد أغلب الأسر عليها كوجبة أساسية.