في عالم كرة القدم الأفريقية، تتألق مواجهات منتخب مصر “الفراعنة” مع نظيره الإثيوبي “الغزلان السوداء” كملحمة رياضية تجمع بين التاريخ والجغرافيا والدراما.
هذان المنتخبان، اللذان تربطهما مياه نهر النيل، خاضا معارك كروية على مدار 68 عامًا، حافلة بالانتصارات الساحقة، الهزائم المفاجئة، والحكايات الغريبة التي لا تُنسى.
مع اقتراب مباراة تصفيات كأس العالم 2026، نستعرض في هذا التقرير أبرز فصول هذا التاريخ المثير، حيث يتفوق الفراعنة بقوة، لكن الغزلان السوداء نجحت في كتابة صفحات من الإثارة والمفاجآت.
تفوق مصري كاسح
وفقًا لسجلات الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (CAF) والاتحاد الدولي (FIFA)، التقى المنتخبان في 19 مباراة رسمية وودية منذ عام 1957.
حقق منتخب مصر 14 انتصارًا، مقابل 3 انتصارات لإثيوبيا، وتعادلين. سجل الفراعنة 57 هدفًا مقابل 13 للغزلان السوداء، مما يعكس هيمنة مصرية واضحة.
بدأت هذه السيطرة في 16 فبراير 1957، خلال نهائي كأس أمم أفريقيا الأولى، حيث اكتسحت مصر إثيوبيا 4-0، مُتوجة بلقبها القاري الأول وسط أجواء احتفالية في القاهرة.
توالت الانتصارات الكبيرة، مثل 4-0 في 1959، 3-0 في 1963، وصولاً إلى الفوز التاريخي 8-1 في تصفيات أمم أفريقيا 1997، بقيادة نجوم مثل حسام حسن وأحمد حسن.
حكايات غريبة: هزائم صادمة وإقالات دراميةرغم التفوق المصري، شهد التاريخ لحظات غريبة حفرت اسمها في ذاكرة عشاق الكرة. أبرزها الهزيمة المفاجئة 2-1 في تصفيات كأس العالم 2014 بأديس أبابا يوم 16 يونيو 2013.
تقدمت مصر بهدف محمد أبو تريكة، لكن إثيوبيا قلب الموازين في الدقائق الأخيرة، مما أدى إلى إقالة المدرب الأمريكي بوب برادلي على الفور.
وصفت الصحافة المصرية هذه الهزيمة بـ”الكارثة”، خاصة مع تزامنها مع توترات سياسية حول مياه النيل، مما أضفى طابعًا دراميًا على الحدث.
أغرب من ذلك كانت هزيمة مصر 2-0 في 9 يونيو 2022 خلال تصفيات أمم أفريقيا 2023، على ملعب بافوكينج بجنوب أفريقيا، بسبب عدم جاهزية الملاعب الإثيوبية.
سجل داوا هوتيسا هدفين، وأدى الأداء الباهت للفراعنة إلى إقالة المدرب إيهاب جلال بعد مباراة واحدة فقط، في قرار غير مسبوق.
أثار هذا اللقاء غضبًا شعبيًا عارمًا، حيث وصفه الإعلامي عمرو أديب بـ”الخسارة المذلة”، معتبرًا إياها “يومًا أسود في تاريخ الكرة المصرية”.في تصفيات أمم أفريقيا 1990، حدثت قصة أخرى لا تقل غرابة.
خسرت مصر 0-1 في مباراة الذهاب بأديس أبابا، لكنها انتفضت في العودة بنتيجة 6-1، بقيادة حسام حسن الذي سجل ثلاثية، محولاً الهزيمة إلى انتصار تاريخي.
كما شهدت بعض التصفيات انسحابات إثيوبية بسبب مشاكل إدارية، مضيفةً طبقة أخرى من الغرابة إلى السجل التاريخي.
وفي 1962، حققت إثيوبيا فوزًا نادرًا 4-2 في كأس أمم أفريقيا على أرضها، وهو ما يُعد “الانتقام” الوحيد في تلك الحقبة.
عودة الفراعنة ونظرة للمستقبل
في السنوات الأخيرة، استعادت مصر هيبتها. فازت 1-0 في سبتمبر 2023 بهدف مصطفى محمد، ثم 2-0 في مارس 2025 بثنائية محمد صلاح في تصفيات كأس العالم، حيث أنهى نجم ليفربول “لعنة” الهزائم السابقة.
ومع اقتراب مباراة 5 سبتمبر 2025، التي ستستضيفها المغرب بسبب عدم جاهزية الملاعب الإثيوبية، تتجدد الإثارة، مع توقعات بمواجهة مشحونة تحمل في طياتها إرثًا من الحكايات الغريبة.