تظل أسعار الهواتف المحمولة الداعمة لتقنية الجيل الخامس عائقًا رئيسيًا أمام انتشارها بين المستخدمين.
يواجه السوق المصري تحديات اقتصادية ولوجستية تعيق توفير أجهزة الجيل الخامس 5G بأسعار في متناول الجميع، مما يحد من استفادة المواطنين من سرعات الإنترنت الفائقة والخدمات المتقدمة التي تقدمها هذه التقنية.
ارتفاع تكلفة الأجهزة الداعمة للجيل الخامس
تتطلب تقنية 5G هواتف ذكية مزودة بمودم داخلي يدعم ترددات هذه الشبكات، وهي غالبًا أجهزة متوسطة إلى عالية التكلفة. وفقًا لبيانات السوق، تبدأ أسعار الهواتف الداعمة للجيل الخامس في مصر من حوالي 6,000 جنيه مصري، وهو مبلغ يُعتبر مرتفعًا بالنسبة لشريحة كبيرة من المستهلكين ذوي الدخل المحدود.
كما تشير تقارير GFK لأبحاث ودراسات السوق إلى أن هواتف الجيل الخامس لا تمثل سوى 7% من إجمالي مبيعات الهواتف الذكية في مصر خلال عام 2024، مما يعكس محدودية الطلب بسبب الأسعار.
تحديات اقتصادية ولوجستية
تعاني مصر من قيود على استيراد الهواتف الذكية بسبب نقص العملات الأجنبية، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الأجهزة المستوردة. وفقًا لتقرير صادر عن الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات فإن تكلفة استيراد الأجهزة الداعمة للجيل الخامس ارتفعت بنسبة 15% خلال العام الماضي بسبب تقلبات سعر الصرف. هذا الوضع يجعل من الصعب على الشركات توفير هواتف 5G بأسعار تنافسية، مما يحد من توافرها في السوق المحلي.
سلوك المستهلك والأولويات
في ظل التحديات الاقتصادية الحالية، يميل المستهلكون المصريون إلى تفضيل الهواتف ذات الأسعار المنخفضة أو المتوسطة التي تدعم شبكات 4G، بدلاً من الاستثمار في أجهزة 5G باهظة الثمن.
وفقًا لدراسة أجرتها شركة “Counterpoint Research”، فإن 65% من المستخدمين في مصر يختارون هواتف بأسعار تتراوح بين 2,000 و5,000 جنيه، وهي فئة لا تشمل عادةً التقنيات المتقدمة مثل 5G. هذا السلوك يعكس أولويات الإنفاق لدى الأسر المصرية في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة.
تحديات تقنية إضافية
تعتمد بعض الهواتف الداعمة للجيل الخامس على تقنية eSIM الإلكترونية، وهي خدمة لم تكن متاحة على نطاق واسع في مصر حتى وقت قريب. ومع ذلك، أعلنت شركات الاتصالات الكبرى مثل “فودافون” و”أورنج” عن بدء تفعيل eSIM، مما قد يسهم في تقليل هذا العائق. ومع ذلك، فإن محدودية انتشار هذه التقنية بين المستخدمين لا تزال تشكل تحديًا.
مبادرات لتخفيف العبء
تشير بعض المؤشرات إلى جهود لتحسين الوضع، حيث أعلنت شركات مثل “سامسونج” عن خطط لتصنيع هواتف ذكية داعمة للجيل الخامس في مصر، مما قد يقلل من الاعتماد على الاستيراد ويخفض الأسعار.
كما تعمل الحكومة المصرية، من خلال وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، على توسيع البنية التحتية للجيل الخامس، حيث تم تخصيص استثمارات بقيمة 2.5 مليار جنيه في عام 2024 لتطوير الشبكات، وفقًا لتصريحات رسمية.
وكشف محمد سالم، رئيس إحدى الشركات المتخصصة في التصنيع الإلكتروني، عن استعدادات الشركة لإطلاق إنتاج هواتف الجيل الخامس (5G) في مصر، في خطوة تستهدف مواكبة التحول الرقمي ودعم الصناعة المحلية.
وأعلن سالم في تصريحات خاصة عن خطة طموحة لإنتاج 3 ملايين جهاز، مع تخصيص نصف الإنتاج للسوق المصري وتصدير النصف الآخر إلى دول إفريقية مثل ليبيا، موزمبيق، رواندا، ومالاوي.
تجهيزات تصنيع هواتف 5G في مصر
أوضح سالم، في تصريحات خاصة لـ ميجا نيوز، أن الشركة أكملت تجهيز مصنعها في أسيوط بخطوط إنتاج متطورة قادرة على تصنيع هواتف 5G بجودة عالية.
كما وأشار إلى أن هذه الخطوة تأتي في إطار استراتيجية الشركة لمواكبة التحول إلى الصناعات الرقمية، مع التركيز على تعزيز القدرات التصنيعية المحلية لتلبية الطلب المتزايد على التكنولوجيا المتقدمة.
ونوه سالم أن استراتيجية التصدير تأتي لتوفير العملة الأجنبية، اعتمدت الشركة استراتيجية مزدوجة. أولاً، تعزيز التصنيع المحلي لتلبية الطلب الداخلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد ثانيًا، التوجه نحو التصدير لتوفير العملة الأجنبية، حيث تستهدف الشركة تصدير 50% من إنتاجها إلى الأسواق الإفريقية.
وأكد سالم أن هذه الخطة تهدف إلى تحقيق توازن بين الصادرات والواردات، مما يضمن تدفق العملة الأجنبية اللازمة لاستيراد المواد الخام ودعم استمرارية الإنتاج.
تدريب الكوادر لضمان الجودة
على صعيد آخر، شدد سالم على التزام الشركة بتدريب مهندسيها وفنييها على أحدث برامج التصنيع الإلكتروني العالمية. وأوضح أن الشركة تزود كوادرها بالمهارات والمعارف اللازمة لتحقيق نقلة نوعية في جودة الإنتاج، مما يعزز قدرة المصنع على المنافسة في الأسواق المحلية والإقليمية. لدعم مكانة مصر كمركز تصنيع إلكتروني في المنطقة، خاصة مع استهداف الأسواق الإفريقية المتنامية.
وقال محمد جمعة مدير مبيعات إحدى العلامات التجارية للهواتف الذكية أن نسبة الهواتف الداعمة للجيل الخامس في مصر لا تتجاوز 2% من إجمالي الهواتف المحمولة، مما يثير تساؤلات حول الجدوى الاقتصادية لإطلاق هذه التقنية.
تحديات انتشار الجيل الخامس
أوضح جمعة في تصريحات خاصة لـ ميجا نيوز أن أكثر من 98% من المصريين يستخدمون هواتف لا تدعم تقنية 5G، بينما 40% من السكان لا يزالون يفتقرون إلى خدمات الجيل الرابع (4G).
وأشار إلى أن تحسين خدمات الصوت والبيانات يتطلب إجراءات حاسمة، مثل التوقف عن استيراد هواتف الجيل الثالث (3G) والتركيز على جلب أو تصنيع هواتف داعمة للجيل الخامس لتلبية احتياجات السوق.
دور التصنيع المحلي والتسهيلات الحكومية
أكد جمعة أن المستوردين والمصنعين بحاجة إلى حوافز اقتصادية لتوجيه استثماراتهم نحو إنتاج أو استيراد هواتف 5G. وأوصى بضرورة تقديم الدولة تسهيلات قانونية وضريبية وجمركية وتنظيمية لتشجيع هذا التوجه.
وأشاد محمد جمعة بدور وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في دعوة العلامات التجارية العالمية لتصنيع الهواتف في مصر، مما يعزز من قدرة السوق المحلي على توفير أجهزة بأسعار تنافسية.
أشار جمعة إلى أن الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات (NTRA) يلعب دورًا محوريًا كونه الجهة المسؤولة عن تنظيم نشاط الهواتف المحمولة في مصر. وقد تمت مخاطبته لدعم مبادرات تصنيع الهواتف الداعمة للجيل الخامس، بهدف تقليل الاعتماد على الاستيراد ومواجهة تحديات شح العملة الأجنبية.