نشرت صحيفة ديلي ميل البريطانية تقريرًا مفصلًا حول المخاوف الشائعة لدى ركاب الطائرات بشأن احتمالية فتح أبواب الطوارئ أثناء التحليق، مؤكدة أن هذا السيناريو “مستحيل علميًا وعمليًا” بفضل القوانين الفيزيائية والتصميمات الهندسية المحكمة ، وقالت الصحيفة في تقريرها إن فكرة فتح باب الطوارئ على ارتفاع آلاف الأقدام قد تبدو كابوسًا للبعض، لكنها ببساطة غير ممكنة بسبب الضغط الهائل الواقع على الأبواب أثناء الطيران. وأشارت إلى أن تصميم أبواب الطائرات يتم وفق نظام يُعرف باسم “المقبس” أو plug-type doors، وهو نظام يجعل الباب أكثر إحكامًا كلما زاد فرق الضغط بين داخل الطائرة وخارجها.
ضغط جوي يعادل عشرات الأطنان
بحسب ديلي ميل، فإن الضغط داخل مقصورة الطائرة أثناء مرحلة “العبور” – وهي مرحلة التحليق على الارتفاع المحدد بعد الإقلاع – يصل إلى 9 أرطال لكل بوصة مربعة. وفي المقابل، يكون الضغط خارج الطائرة شبه معدوم، مما يخلق فرقًا هائلًا في الضغط.
وتوضح الصحيفة أن باب الطوارئ الذي تبلغ مساحته نحو 20 قدمًا مربعًا، يكون خاضعًا لقوة ضغط تساوي عشرات الأطنان. وهو ما يجعل أي محاولة لفتحه يدويًا أمرًا شبه مستحيل، حتى لو حاول الشخص استخدام كل قوته.
ويؤكد الطيارون أن الباب يُسحب إلى الداخل أولًا قبل أن يُفتح إلى الخارج، وهي حركة لا يمكن إتمامها في ظل الضغط الجوي المرتفع، مما يعني أن تصميم الباب نفسه يمنع فتحه أثناء الطيران.
حماية ذكية على الأرض أيضًا
لا تقتصر أنظمة الأمان على الطيران فحسب، بل تبدأ من لحظة تحرك الطائرة على المدرج. إذ يشير التقرير إلى أن الطائرات الحديثة مزودة بأنظمة قفل ذكية تمنع فتح الأبواب عند تجاوز سرعة 80 عقدة (ما يعادل 148 كيلومترًا في الساعة)، ما يحول دون فتحها في اللحظات الحرجة أثناء الإقلاع.
وتلفت ديلي ميل إلى أن هذه الأنظمة التلقائية تمثل طبقة إضافية من الأمان، بجانب التصميم الهيكلي، ما يمنح الطيران سمعته العالمية كأحد أكثر وسائل النقل أمانًا.
حالات نادرة… لكنها لا تُغير القاعدة
ورغم هذه التأكيدات، رصدت الصحيفة عددًا من الحوادث النادرة التي ارتبطت بأبواب الطوارئ، لكنها غالبًا ما كانت خارج نطاق التحليق الكامل.
وتستشهد ديلي ميل بحادثة مشهورة تعود لعام 1972، حين قام شخص يُدعى “دي. بي. كوبر” باختطاف طائرة أميركية وقفز منها بالمظلة حاملاً فدية مالية عبر الباب الخلفي. إلا أن مثل هذه الحوادث أصبحت شبه مستحيلة في ظل التكنولوجيا الحالية.
كما ذكرت الصحيفة حادثة حديثة وقعت عام 2023، حين حاولت راكبة فتح باب الطوارئ على ارتفاع 30 ألف قدم، لكنها فشلت تمامًا بسبب استحالة تنفيذ ذلك في هذه الظروف.
عقوبات صارمة على المحاولات العبثية
من الناحية القانونية، أشارت ديلي ميل إلى أن محاولة فتح أبواب الطوارئ تُعد جريمة جوية خطيرة في معظم دول العالم، وتترتب عليها عقوبات مشددة.
فعلى سبيل المثال، حكمت محكمة أسترالية عام 2023 بالسجن 10 سنوات على أحد الركاب لمحاولته فتح الباب أثناء تحرك الطائرة، فيما فُرض على مضيف طيران سابق دفع غرامة قدرها 10 آلاف دولار بعدما استخدم زلاجة الطوارئ للنزول من الطائرة دون إذن.
وتشدد القوانين الدولية على أن مجرد العبث بأبواب الطوارئ يُعامل كتهديد أمني، حتى لو لم يتم فتح الباب فعليًا.
تكنولوجيا متقدمة تكشف التهديدات فورًا
وفي ظل التطور السريع في تكنولوجيا الطيران، باتت الطائرات مزودة بأنظمة مراقبة لحظية قادرة على كشف أي محاولة عبث بالأبواب أو الطوارئ في الحال، ما يتيح للطاقم التدخل السريع ومنع أي تهديد محتمل.
كما أشارت الصحيفة إلى أن التوعية الأمنية والرقابة المشددة في المطارات ساهمت في تقليل هذه الحوادث، وإن لم تمنع بعض الحالات الناتجة عن اضطرابات نفسية أو دوافع انتحارية.
استحالة علمية
اختتمت ديلي ميل تقريرها بتأكيد خبراء الطيران أن فكرة فتح باب الطائرة أثناء الطيران “ليست مجرد خطورة… بل استحالة”، لأن الفيزياء لا تسمح بذلك. وأضاف التقرير أن جميع الطائرات التجارية مُصممة بأسس علمية صارمة تجعل هذا السيناريو أقرب للخيال منه للواقع.
وفي ظل هذه الضمانات المتعددة، من التصميم إلى أنظمة القفل الذكي والمراقبة، يظل السفر الجوي أحد أكثر وسائل النقل أمانًا، رغم ما تروّجه بعض القصص المثيرة أو القلق الطبيعي لدى بعض الركاب.