أثارت صفقة انتقال اللاعب المغربي رضا سليم من النادي الأهلي إلى نادي الجيش الملكي المغربي موجة من الانتقادات، حيث اعتبرها البعض نموذجًا لـ”إهدار المال العام” في ظل الجدل المتصاعد حول إدارة الأموال في الأندية الرياضية المصرية.
مفهوم إهدار المال العام، ومدى انطباقه على هذه الحالة، مع الإضاءة على الانتقادات الموجهة لإدارة النادي الأهلي
ما هو إهدار المال العام؟
إهدار المال العام هو مصطلح قانوني وإداري يُستخدم للإشارة إلى سوء إدارة الأموال العامة أو استخدامها بطريقة غير رشيدة، مما يؤدي إلى خسائر مالية دون تحقيق منفعة عامة مُقابلة.
في سياق الأندية الرياضية المصرية، وخاصة الأندية التي تتلقى دعمًا حكوميًا أو تُدار ككيانات عامة، يُعتبر إنفاق الأموال بطريقة غير مُبررة اقتصاديًا أو فنيًا شكلاً من أشكال إهدار المال العام. يخضع هذا المصطلح لتفسيرات قانونية صارمة، حيث يتطلب إثبات وجود سوء نية أو إهمال جسيم يؤدي إلى الإضرار بالمال العام.
تفاصيل صفقة رضا سليموفقًا لتقارير إعلامية، توصل النادي الأهلي إلى اتفاق مع نادي الجيش الملكي المغربي لإعارة اللاعب رضا سليم لمدة موسم واحد، مع بند يتيح للنادي المغربي شراء اللاعب نهائيًا مقابل مليون دولار إضافة إلى 200 ألف دولار كحوافز إضافية، في حال تألق اللاعب.
الصفقة تشمل تحمل الأهلي جزءًا من راتب اللاعب، حيث يدفع الأهلي 150 ألف دولار من إجمالي راتبه السنوي البالغ 700 ألف دولار، بينما يتحمل الجيش الملكي 550 ألف دولار.
اللاعب رضا سليم، الذي انضم إلى الأهلي في يوليو 2023 قادمًا من الجيش الملكي بعقد قيمته حوالي 2.1 مليون دولار، لم يحقق الأثر المتوقع مع الفريق الأحمر، حيث شارك في 44 مباراة سجل خلالها 5 أهداف وقدم 3 تمريرات حاسمة، متأثرًا بسلسلة من الإصابات.
قرار إعارته جاء في إطار استراتيجية الأهلي لإفساح المجال للاعبين آخرين، خاصة مع اكتمال قائمة اللاعبين الأجانب في الفريق.
لماذا أثارت الصفقة الجدل؟الانتقادات الموجهة للصفقة تركز على تحمل الأهلي جزءًا من راتب رضا سليم (150 ألف دولار، أي ما يعادل حوالي 7.35 مليون جنيه مصري بسعر الصرف الحالي) دون أن يلعب اللاعب للفريق.
يرى منتقدو الصفقة أن هذا الإنفاق يمثل إهدارًا للمال العام، خاصة أن الأهلي نادٍ يحظى بدعم حكومي ويُنظر إليه ككيان عام.
ويزداد الجدل حدة مع التكهنات بأن قرار الإعارة قد يكون مدفوعًا برغبة الأهلي في منع انتقال اللاعب إلى نادي الزمالك، منافسه التقليدي، على الرغم من أن احتمالية انتقال سليم إلى الزمالك تبدو ضعيفة جدًا (1% كما ذكر في الانتقادات).
لتقييم ما إذا كانت صفقة رضا سليم تُعد إهدارًا للمال العام، يجب النظر إلى عدة عوامل:
ـ قرار إعارة رضا سليم جاء في ظل استراتيجية الأهلي لإعادة هيكلة الفريق وإفساح المجال للاعبين جدد مثل محمد علي بن رمضان ومحمود حسن تريزيجيه. تحمل الأهلي جزءًا من راتب اللاعب قد يكون جزءًا من التزامات تعاقدية سابقة، وليس قرارًا تعسفيًا.
ـ إعارة اللاعب تتيح له فرصة استعادة مستواه في بيئة مألوفة (الجيش الملكي)، مما قد يزيد من قيمته السوقية في حال تألقه، خاصة مع وجود بند الشراء النهائي.
ـ إهدار المال العام يتطلب إثبات سوء النية أو الإهمال الجسيم. حتى الآن، لا توجد أدلة ملموسة تشير إلى أن قرار الإعارة كان مدفوعًا بأهداف غير رياضية أو إدارية، مثل منع انتقال اللاعب إلى الزمالك.
ومع ذلك، فإن تحمل الأهلي لجزء من راتب اللاعب دون عائد مباشر يثير تساؤلات حول كفاءة الإدارة المالية، خاصة في ظل الوضع الاقتصادي الصعب في مصر.
يرى البعض أن الأموال التي يتم إنفاقها على لاعب لن يلعب للفريق يمكن أن تُستخدم في تعزيز قطاعات أخرى مثل الناشئين أو البنية التحتية.
في مصر بشكل قاطع تتعدد أشكال الفساد وإهدار المال العام في قطاعات مختلفة مثل المشروعات الحكومية، الصفقات العامة، والإدارة المالية في المؤسسات العامة.
ومع ذلك، غالبًا ما يُشار إلى قضايا مثل سوء إدارة المشروعات الكبرى أو تخصيص الأراضي الحكومية بأسعار زهيدة كأمثلة بارزة لإهدار المال العام.
في سياق الرياضة، قد لا تُعد صفقة رضا سليم الأكبر من حيث الحجم المالي، لكنها تُسلط الضوء على مشكلات إدارية أوسع في الأندية الرياضية الكبرى.
أثارت الصفقة جدلًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتبرها البعض دليلًا على “فشل إداري” من جانب رئيس النادي الأهلي، محمود الخطيب. ومع ذلك، يرى آخرون أن قرار الإعارة هو خطوة استراتيجية للحفاظ على قيمة اللاعب وتجنب الخسائر المالية الكلية في حال إنهاء عقده مبكرًا.