في لحظة حزينة شهدتها اليوم الأمة الإسلامية، رحل عن عالمنا الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، بعد صراع طويل مع المرض عن عمر يناهز 84 عامًا.
وُلد في 6 فبراير 1941 بقرية بني عامر التابعة لمركز الزقازيق في محافظة الشرقية، ونشأ في أسرة هاشمية تنتسب إلى الإمام الحسين بن علي رضي الله عنهما، في بيئة قروية متدينة غرست فيه حب العلم والدعوة منذ الصغر
أقيمت صلاة الجنازة عليه اليوم بمسجد الأزهر، بحضور شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب ومفتي الجمهورية ووزير الأوقاف، في وداع لامرئ ترك بصمة عميقة في تاريخ الأزهر والدعوة الإسلامية.
البدايات المبكرة: طفل يخطب وشاعر يُلهم
بدأت محطات حياة الدكتور هاشم المؤثرة في سنواته الأولى، حيث ألقى أول خطبة له وهو في الحادية عشرة من عمره، مما أظهر موهبته الفطرية في الخطابة والإلقاء.
كان يتميز ببلاغة تجمع بين الغنى اللغوي والتأثير العاطفي، مما جعله يجذب الصغير قبل الكبير في خطبه اللاحقة.
إلى جانب ذلك، أبدع في الشعر، حيث أصدر ديوانًا بعنوان “نسمات إيمانية”، يعكس عمق إيمانه وارتباطه بالتراث الإسلامي. هذه الموهبة الأدبية كانت أساسًا لدوره اللاحق في نشر السنة النبوية وعلومها، حيث بذل عمره في خدمة الحديث الشريف كـ”حارس أمين” عليه، كما وصفه مجمع البحوث الإسلامية.
التعليم والتدرج الأكاديمي: من الإجازة إلى الدكتوراه
تخرج الدكتور هاشم من كلية أصول الدين بجامعة الأزهر عام 1961، ثم حصل على درجة الماجستير في 1969 والدكتوراه في الحديث وعلومه.
تدرج في المناصب الأكاديمية حتى أصبح أستاذًا للحديث عام 1983، ثم عميدًا لكلية أصول الدين والدعوة. كان عضوًا في مجمع البحوث الإسلامية وعضوًا في مجلس الشعب المصري، مما عزز دوره في صياغة الرؤى الإسلامية المعاصرة.
شارك في عشرات المؤتمرات الإسلامية حول العالم، مساهمًا في تعزيز الدعوة الإسلامية خارج الحدود المصرية، وأصبح رمزًا للالتزام بالقرآن والسنة في أوساط الصوفية والعلماء.
القيادة في الأزهر: رئاسة جامعة تاريخية
من أبرز المحطات القيادية في حياته توليه رئاسة جامعة الأزهر من عام 1995 إلى 2003، حيث ساهم في تطويرها أكاديميًا ودعويًا، رغم التحديات التي واجهها في عصر انتقالي. كان دوره في هيئة كبار العلماء محوريًا في إصدار الفتاوى والمواقف الرسمية، مما جعله صوتًا مؤثرًا في الشأن الإسلامي المصري والعربي.
أسلوبه في الدعوة، الذي يعتمد على المفردات الغنية والأساليب المؤثرة، أسر قلوب الملايين، خاصة في برامجه التلفزيونية والخطب التي كانت تُبث على نطاق واسع
الإرث والتأثير: بين الثناء والجدل
ترك الدكتور هاشم إرثًا علميًا ودعويًا هائلًا، يُوصف بأنه “صوت الأزهر الدافئ”، حيث كان يُعرف بـ”خادم السنة النبوية”.
ومع ذلك، لم تخلُ حياته من جدل، حيث وجه بعض النقاد اتهامات له بالنفاق السياسي في دعمه لأنظمة حاكمة متعاقبة، كما في قصيدة أنشدَها للرئيس عبد الفتاح السيسي، معتبرين ذلك انحرافًا عن دوره العلمي النقي.
رغم ذلك، غلب الثناء على الرثاء، مع تأكيد مجمع البحوث الإسلامية على دوره في حفظ السنة، ودعوات واسعة للعزاء في وسائل التواصل الاجتماعي