نُشر على موقع القناة الـ12 بالتلفزيون العبري، رسم أستاذ العلاقات الدولية الإسرائيلي، البروفيسور يوسي شاين، صورة قاتمة لعلاقة إسرائيل بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، واصفًا إياها بأنها “دولة واقعة تحت وصاية” تقبل الخضوع بصمت، محذرًا من أن “انهيار إسرائيل في عهد ترامب يظل وشيكًا دائمًا”.
إسرائيل: من شريك إلى تابع
يؤكد شاين أن حكومة بنيامين نتنياهو اختارت، بوعي أو بدونه، استراتيجية قومية تقوم على مبدأ “الوصي ومن تحت الوصاية”. في هذا النموذج، تتخلى إسرائيل عن استقلاليتها السياسية والدبلوماسية، لتصبح في انتظار توجيهات ترامب أو مبعوثه الخاص، ستيف ويتكوف.
“لم يعد هناك دبلوماسية أو سياسة مستقلة، نحن ننتظر ما سيقوله ترامب”، يقول شاين، مشيرًا إلى أن هذا النهج يعكس تحولًا جذريًا في مكانة إسرائيل على الساحة الدولية.
ويضيف بسخرية: “نتنياهو وشركاؤه يرددون معزوفة مكررة: ترامب يحمينا من إيران، وهذا يتيح لنا التفرغ لتصفية الحسابات الداخلية، بدءًا من رئيس الشاباك، مرورًا برئيس المحكمة العليا، وصولاً إلى المستشارة القضائية للحكومة”.
ترامب: الوصي “المافياوي”
يصف شاين علاقة ترامب بحلفائه، بما في ذلك إسرائيل، بأنها لا تقوم على الشراكة أو القيم المشتركة، بل على التبعية المطلقة. “ترامب لا يرى الحلفاء كشركاء، بل كجهات مدعومة يجب أن تكون شاكرة. يحترمهم طالما يأكلون من يده، أو من يد أحد أتباعه”، يوضح شاين. ويضيف: “بالنسبة لترامب، أمريكا هي المهمة والوحيدة، والحلفاء مجرد ملحقات مؤقتة. إذا لم يكونوا شاكرين، يتم معاقبتهم كالأطفال، ويجلسون بخجل أمام محاضراته الأخلاقية”.
ويحذر شاين من أن هذا النهج “المافياوي” يحمل مخاطر كبيرة: “ترامب يمكن أن يتحول من وصي إلى عدو في لحظة استفزاز. هذه الوصاية تسمح بصفع التابع وإذلاله، ثم منحه حضنًا صغيرًا، وبعدها الاستخفاف به. إنها علاقة تقوم على الاحترام أو عدمه، حيث يرى ترامب أن الشراكة مبنية على رغبة طرف قوي يمكنه العيش دون الطرف الضعيف”.
إسرائيل: “ضحية قوية” في قصة حب غريبة
يصف شاين إسرائيل في نظر ترامب بأنها “قصة حب لضحية قوية يمكن أن تموت في أي لحظة، لكنها لا تزال حية”. ويضيف: “نتنياهو يبني نموذج الخنوع، ينفذ كل ما يقوله الملك، ويحصل على امتيازات. الأهم بالنسبة له هو الحفاظ على الائتلاف، حتى لو تحولت إسرائيل إلى دولة تحت وصاية ترامب، وهو ما أصبح في تل أبيب استراتيجية قومية”.
ويوضح أن هذا التحول يعيد إسرائيل إلى “الوصاية الكلاسيكية”، التي تشبه فترات الشتات اليهودي، حين كانت الجاليات اليهودية تابعة لحاكم أو ملك، تعتمد على المبعوثين الخاصين دون أن تملك سيادة أو جيشًا. “لا دبلوماسية مع الأمريكيين، لقد عدنا إلى دبلوماسية بلا مكانة سيادية”، يقول شاين.
مخاطر الوصاية: انهيار البنية القيمية للغرب
يحذر شاين من أن نهج ترامب “الوصائي-المافياوي” يكسر البنية التاريخية القيمية للغرب. “هذه الوصاية ليست مجرد تبعية، بل هي علاقة تحمل في طياتها الإذلال والاستخفاف، مع إمكانية التحول إلى العداء في أي لحظة. إنها تهديد مباشر لمستقبل إسرائيل وسيادتها”.
خاتمة: إسرائيل على مفترق طرق
يتركنا تحليل شاين أمام سؤال جوهري: هل يمكن لإسرائيل أن تستمر في هذا النموذج من الخضوع دون أن تفقد هويتها السيادية؟ وهل ستظل “الضحية القوية” قادرة على البقاء في ظل وصاية قد تتحول إلى عداء في أي لحظة؟ يبدو أن الإجابة، وفقًا لشاين، تحمل في طياتها مخاطر جسيمة، ليس فقط لإسرائيل، بل للبنية القيمية التي شكلت العلاقات الدولية في العالم الغربي على مدى عقود.