الملياردير محمد منصور من الإسكندرية إلى لندن، ومن عمل متواضع في محل بيتزا إلى قيادة إمبراطورية تجارية عالمية، يجسد قصة صعود استثنائية تخطت التحديات والأزمات. بثروة تقدر بـ3.5 مليار دولار وفقًا لقائمة “فوربس”، يعد منصور نموذجًا للإصرار والطموح.
ولد منصور (76 عامًا) في عائلة ثرية، حيث كان والده أحد أكبر مصدري القطن عالميًا. لكن تأميم ثروة عائلته في عهد جمال عبد الناصر قلب حياته رأسًا على عقب، فاضطر في سن الثامنة عشرة للعمل في محل بيتزا بالولايات المتحدة لإعالة نفسه وإخوته. واجه تحديات أخرى، منها إصابته بسرطان الكلى بعد تخرجه من جامعة كارولينا الشمالية، لكنه تغلب على المرض بالأمل والعلاج. كما نجا في طفولته من حادث كاد يكلفه قدمه، قضى بعده ثلاث سنوات في الفراش، مستغلاً الوقت للقراءة وتطوير ذاته.
على الرغم من الصعوبات، لم يتوقف منصور عن السعي وراء أحلامه. عاد إلى مصر ليعمل مع والده في إعادة بناء أعمالهم في تجارة القطن، ثم انتهز فرصة الانفتاح الاقتصادي ليؤسس شراكة مع “جنرال موتورز”، بدأت بطموح تصنيع 50 سيارة سنويًا، وتطورت حتى أصبحت مجموعته أكبر موزع للسيارات لهذه الشركة عالميًا، محققة إنتاج مليون سيارة. كما كرر النجاح مع شركة “كاتربلر” للمعدات الثقيلة، لتصبح علامته التجارية رائدة في هذا المجال.
من خلال شركته الاستثمارية “مان كابيتال” في لندن، اتجه منصور نحو الاستثمار في التكنولوجيا، فكان من أوائل المستثمرين في شركات مثل “فيسبوك”، “تويتر”، “أوبر”، “إير بي إن بي”، و”سبوتيفاي” في مراحلها المبكرة. اليوم، يركز على الذكاء الاصطناعي من خلال شركة رأس مال مخاطر في سان فرانسيسكو تحمل اسم “1984”، مؤمنًا بأن هذه التقنية ستشكل المستقبل.
إلى جانب نجاحاته التجارية، يولي منصور أهمية كبيرة للمسؤولية الاجتماعية. أسس مع أبنائه مؤسسة “رايت تو دريم” التي تدعم الشباب في التعليم والرياضة، وتمتلك أكاديميات كرة قدم في مصر، سان دييغو، ودول أخرى. ساهمت المؤسسة في تخريج لاعبين محترفين، بينهم 7 شاركوا في كأس العالم 2022، وأكثر من 140 يلعبون في دوريات كبرى.
يؤمن منصور بأن النجاح يتطلب التفاؤل، الصبر، والعمل الجاد، مع تجنب الغرور والسعي وراء المكاسب السريعة التي قد تؤدي إلى الانهيار. ينصح بمحاطة نفسك بأشخاص أكثر ذكاءً، والاستماع أكثر من الكلام قبل اتخاذ القرارات. رغم تقدمه في العمر، يظل منصور مؤمنًا بالمخاطرة كمفتاح للعائد، مستمرًا في استكشاف آفاق جديدة في عالم الأعمال.