لسنوات طويلة مضت كانت الإسكندرية تُعرف بأنها مصيف الشعب المصري الأول، ومتنفس الأسر البسيطة متوسطة وشعبية المستوى من جميع أنحاء مصر ،و بمجرد أن يُذكر الصيف، تتبادر إلى الأذهان صورة كورنيش الإسكندرية وشواطئها المفتوحة، وعربات التسالي والصور التذكارية الأسرية على سواحلها ممزوجة بصوت البحر ومختلطة بضحكات الأطفال والكبار.
لكن مع ارتفاع الأسعار ، وزيادة الطلب العقاري وتأجير الشقق لأغراض المصيفية للوافدين من خارج الإسكندرية ،تحولت بعض المناطق إلى مشروعات استثمارية وسياحية تحتاج إلى آلاف الجنيهات لمجرد قضاء أيام معدودة ، وهنا بدأ السؤال يفرض نفسه:
هل ما زالت الإسكندرية مصيفًا شعبيًا كما كانت؟ أم أنها أصبحت للأغنياء فقط؟
أسعار لا ترحم
بدايةً، لا يمكن تجاهل أن الأسعار في الإسكندرية شهدت قفزات كبيرة خلال السنوات الأخيرة.
الإقامة في شقة مفروشة لمدة أسبوع صيفي في مناطق مثل سيدي بشر أو ميامي أو العجمي أصبحت تتراوح في اليوم الواحد بين ألفين إلى ٣ آلاف جنيه على الأقل، وقد تصل في بعض الأحيان إلى 10 آلاف جنيه وأكثر في المناطق والعقارات الراقية والمطلة مباشرة على البحر أو داخل الكمبوندات.
حتى أسعار الشواطئ تغيّرت. بعدما كانت معظمها مفتوحة أو بتذكرة رمزية، أصبحت الآن هناك شواطئ بنظام الحجز اليومي المسبق وبأسعار تتجاوز 100 جنيه للفرد الواحد وهو رقم قد يكون مرهقًا لأسرة مكونة من زوج وزوجة وطفلين فقط.
إضافةً إلى ذلك، أسعار الأكل، المواصلات الداخلية، وحتى ألعاب الأطفال على الكورنيش، جميعها ارتفعت بنسبة كبيرة، مما يجعل البعض يعيد التفكير قبل التوجه إلى الإسكندرية كمصيف في أمر ليس معتادا.
الإسكندرية ما زالت تحتفظ بجذورها
ورغم هذا كله، لا تزال الإسكندرية تحتفظ بجانب شعبي وان كان بسيط ، فما زالت توجد بعض الشقق بسعر متوسط في مناطق أبعد قليلاً عن البحر ومائلة إلى الشعبية، مثل محرم بك و بعض مناطق المنشية والعطارين وبالطبع تلك الأماكن تحتاج إلى مواصلات إلى الكورنيش حيث الشواطئ.
كما لا تزال هناك شواطئ مجانية أو بتذاكر رمزية في مناطق مثل شاطئ المندرة وشاطئ جليم، إضافةً إلى الكورنيش المفتوح، الذي يعتبر في حد ذاته متنفسًا مجانيًا لكل الناس وممشى عام.
والأهم من ذلك أن الجو العام للإسكندرية لا يزال يحمل روح المصيف وذكرياته حيث يجتمع الناس مساءً على الرصيف، ويأكلون الذرة والترمس، ويتنزهون بدون تكاليف كبيرة في لوحة فنية تحمل أسمى معاني الدفء العائلي.
وهي صورة مصرية أصيلة، يصعب أن تختفي تمامًا، حتى وسط الزحام وارتفاع الأسعار ، فالاسرة قادرة على التكيف حتى وإن كانت الرحلة بسيطة يوم واحد ذهاب وعودة ، إلا أن هذا اليوم في الإسكندرية يصبح مصحوباً بذكرى تخلد في الأذهان كبارًا وصغارًا.