في ظل انتشار الأكلات الشعبية في المجتمع المصري، تظل الكبدة، سواء البقري أو الفراخ، واحدة من أكثر الوجبات تداولًا على موائد الطعام، وخصوصًا في المطاعم الصغيرة أو عربات “الكبدة الإسكندراني” التي تجذب عشاقها يوميًا. ولكن مع التوجه المتزايد نحو الأكل الصحي والاهتمام بالتغذية السليمة، يطرح كثيرون سؤالًا مهمًا: أي النوعين أفضل لصحة الإنسان؟ كبدة البقر أم كبدة الفراخ؟

الاختصاصيون في التغذية والصحة العامة أكدوا أن كلا النوعين يحتويان على قيمة غذائية عالية، لكن هناك فروق واضحة بينهما ينبغي الانتباه لها عند الاختيار.

كبدة البقر.. كنز من الحديد والفيتامينات

بحسب خبراء التغذية، تعد كبدة البقري من أغنى المصادر الطبيعية بالعناصر الغذائية الأساسية، وعلى رأسها فيتامين B12، الحديد، الزنك، النحاس، وفيتامين A، بجانب نسبة مرتفعة من البروتينات.

ووفقًا لتحليل غذائي معتمد، فإن 100 جرام من كبدة البقر تحتوي على أكثر من 26 جرام بروتين، ونحو 6.2 ملجم من الحديد، وهو ما يتجاوز نصف الاحتياج اليومي للإنسان، فضلًا عن أكثر من 600% من الاحتياج اليومي لفيتامين A، الأمر الذي يجعلها خيارًا مثاليًا لمن يعانون من فقر الدم.

لكن في المقابل، يحذر الخبراء من الإفراط في تناولها، خاصة للسيدات الحوامل، نظرًا لأن فرط تناول فيتامين A قد يؤدي إلى مضاعفات على الجنين، كما تحتوي كبدة البقري على نسبة مرتفعة من الدهون، مما يجعلها غير مناسبة لبعض الحالات الصحية.

كبدة الفراخ.. خيار خفيف وسهل الهضم

أما كبدة الفراخ، فتحتوي على قيمة غذائية جيدة أيضًا، وإن كانت أقل من كبدة البقر من حيث نسبة الحديد والفيتامينات. ويشير اختصاصيو التغذية إلى أنها تحتوي على نسبة دهون أقل، وسعرات حرارية أقل نسبيًا، إذ تضم حوالي 165 سعرًا حراريًا فقط لكل 100 جرام، مقارنة بـ 175 إلى 200 سعرًا في كبدة البقر.

وتُعد كبدة الدجاج أسهل في الطهي والهضم، ويفضلها البعض خاصة للأطفال وكبار السن بسبب طعمها الأخف وملمسها الناعم، لكنها قد تحمل بعض التحذيرات، لا سيما إذا كانت من دواجن تم تربيتها في مزارع تستخدم مضادات حيوية أو منشطات.

الأطباء .. الاعتدال هو الحل

من جانبه، قال الدكتور أشرف جاد، أستاذ التغذية العلاجية، إن الكبدة من الأطعمة “الكنز”، لكنها قد تتحول إلى خطر إذا تم الإفراط في تناولها. وأوضح أن تناول الكبدة مرة واحدة أسبوعيًا من النوع الموثوق والمطهو جيدًا، يعتبر كافيًا لتزويد الجسم بعناصر غذائية هامة دون التعرض لمخاطر فرط الفيتامينات أو التلوث.

وأضاف أن كبدة البقر تظل الأفضل لعلاج الأنيميا نظرًا لمحتواها العالي من الحديد الهيمي سهل الامتصاص، لكنها قد تضر مرضى الكوليسترول أو أصحاب الضغط المرتفع إذا لم يتم التحكم في الكمية.

وأشار إلى أن كبدة الفراخ خيار جيد أيضًا، ولكن يُفضل شراؤها من مصادر معروفة لتجنب بقايا المضادات الحيوية أو السموم التي قد تتراكم في كبد الدجاج نتيجة التربية غير السليمة.

بين الطعم والقيمة الغذائية

الطعم يبقى عاملًا حاسمًا لدى الكثيرين في اختيار نوع الكبدة، حيث تتميز كبدة البقري بنكهة أقوى وقوام أكثر تماسكًا، بينما كبدة الفراخ بطعم أخف وسرعة نضج أعلى. ويفضل بعض الطهاة كبدة البقر في الشوي، بينما تُستخدم كبدة الفراخ أكثر في وصفات الطواجن أو الطهي السريع.

خلاصة التغذية .. لا إفراط ولا تفريط

في النهاية، يُجمع خبراء التغذية على أن كبدة البقر وكبدة الفراخ لكل منهما مميزات غذائية وتفضيلات طعم، والأفضل هو التنويع والاعتدال في التناول، والحرص على الطهي الجيد لتجنب أية مشكلات صحية.

ويظل الأهم في الموضوع كله، بحسب تعبير الدكتور جاد، “هو مصدر الكبدة”، إذ أن جودة المصدر، وسلامة الذبيحة أو الطائر، وطريقة الطهي، هي العوامل الحقيقية التي تحدد إن كانت الكبدة مفيدة أم ضارة.