تسعى وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية المصرية إلى تعزيز الاقتصاد الوطني من خلال استراتيجية شاملة تركز على إعادة إحياء الماركات الوطنية، بهدف تعظيم العائد الاقتصادي وزيادة تنافسية مصر في الأسواق العالمية.
تأتي هذه الجهود في إطار رؤية مصر 2030 التي تهدف إلى بناء اقتصاد تنافسي ومتنوع، مع التركيز على دعم القطاع الخاص وتعزيز الاستثمارات المحلية والأجنبية.
استراتيجية إعادة إحياء الماركات الوطنية
أكد المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، أن إعادة إحياء الماركات الوطنية يُعد ركيزة أساسية في خطة الوزارة لتعظيم قيمة الأصول الوطنية.
وأوضح الوزير في تصريحات سابقة أن الصندوق السيادي المصري يلعب دورًا محوريًا في هذا المجال، حيث يهدف إلى إعادة هيكلة وتطوير الماركات التقليدية المصرية التي تمتلك إرثًا تجاريًا قويًا، لتعزيز تنافسيتها محليًا ودوليًا.
وأشار الوزير إلى أن هذه الماركات، مثل تلك التابعة لقطاعات الصناعات الغذائية والمنسوجات، تُمثل فرصة كبيرة لخلق قيمة مضافة للاقتصاد المصري.
دور الصندوق السيادي
ويعمل الصندوق السيادي على تحقيق أقصى استفادة من أصول الدولة، من خلال إعادة إحياء الماركات الوطنية وبناء هوية تجارية قوية لها. وتشمل الخطة تحديث العلامات التجارية، تحسين جودة المنتجات، وتطوير استراتيجيات تسويقية حديثة تتماشى مع متطلبات الأسواق العالمية.
كما يركز الصندوق على تمكين هذه الماركات من المنافسة عبر إدخال تقنيات جديدة وتعزيز كفاءة الإنتاج، مما يُسهم في زيادة الصادرات وتقليل العجز في الميزان التجاري.
الشراكات مع القطاع الخاص
تتبنى الوزارة نهجًا تعاونيًا مع القطاع الخاص لدعم هذه المبادرة. ومن خلال الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، تعمل الوزارة على توفير بيئة استثمارية جاذبة من خلال تقديم حوافز تشجيعية وتسهيلات إجرائية.
فعلى سبيل المثال، وقّعت الوزارة بروتوكول تعاون مع الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية لتعزيز التوعية بالفرص الاستثمارية وتسويق الماركات الوطنية.
كما تُجري الوزارة مفاوضات مع شركاء دوليين، مثل وفود اقتصادية من هونج كونج والصين، لجذب استثمارات أجنبية تدعم هذه الماركات.
تعزيز الصادرات والتنافسية
وتولي الوزارة اهتمامًا كبيرًا بتنمية الصادرات الوطنية، حيث أطلقت مبادرات للترويج لـ 276 منتجًا مصريًا عبر البوابة الإلكترونية للهيئة العامة للاستثمار، مع توزيع 2261 فرصة تجارية مباشرة على الشركات المصرية.
وتشمل هذه الجهود دعم الماركات الوطنية في قطاعات مثل المنسوجات والصناعات الغذائية، بهدف زيادة حصتها في الأسواق العالمية.
وفي هذا السياق، تهدف السياسات التجارية المنفتحة التي تتبناها الوزارة إلى الحد من العجز التجاري من خلال تعزيز القدرة التنافسية للمنتجات المصرية.
التدريب وتطوير الكوادر
كما تعمل الوزارة على بناء قدرات الكوادر البشرية من خلال برامج تدريبية متخصصة، منها التعاون مع منظمة اليونيدو والاتحاد الأوروبي لتنفيذ برنامج (COMFAR) لتحليل الجدوى الاقتصادية، بالإضافة إلى برامج لتأهيل محامي الشركات وتطوير مهارات العاملين في قطاع التجارة الخارجية.
التحديات والطموحات
وعلى الرغم من التقدم المحرز، تواجه الوزارة تحديات مثل الحاجة إلى تقليل زمن الإفراج الجمركي وتبسيط الإجراءات الإدارية للمستثمرين.
وفي هذا الصدد، تعمل الوزارة على وضع خطة لتقليل زمن الإفراج الجمركي وتخفيف الأعباء المالية غير الضريبية، مع ضمان وضوح السياسات الاقتصادية لتعزيز ثقة المستثمرين.
رؤية المستقبل
تطمح وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية إلى تحويل مصر إلى مركز إقليمي للإنتاج والتصدير، مع التركيز على القطاعات ذات الأولوية مثل المنسوجات والبتروكيماويات.
من جانبه أكد الخبير الاقتصادي الدكتور «علي الإدريسي» أن إحياء الماركات الوطنية المصرية يُعد خطوة استراتيجية لتعزيز النمو الاقتصادي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة موضحاً أن هذه المبادرة تسهم بشكل مباشر في خلق فرص عمل جديدة، وزيادة الصادرات، ودعم التنمية المستدامة من خلال عدة محاور رئيسية.
وكشف في تصريحات خاصة لـ «ميجا نيوز» أن إحياء الماركات الوطنية، مثل تلك في قطاعات المنسوجات والصناعات الغذائية، يعني إعادة تنشيط خطوط الإنتاج وتحديثها باستخدام تكنولوجيا متطورة، مما يتطلب توظيف قوى عاملة جديدة مدربة. هذا يوفر آلاف فرص العمل، خاصة للشباب، ويحد من معدلات البطالة.
وأضاف الإدريسي أنه من خلال تحسين جودة المنتجات وتطوير استراتيجيات تسويقية تنافسية، تتمكن هذه الماركات من اختراق الأسواق الدولية، مما يزيد من الصادرات المصرية ويقلل العجز في الميزان التجاري. فعلى سبيل المثال، دعم الماركات في قطاع المنسوجات يمكن أن يعزز مكانة مصر كمركز إقليمي للإنتاج، مما يجذب استثمارات أجنبية ويعزز العملة الصعبة.
وأشار الإدريسي إلى أن احياء الماركات الوطنية يعتمد على تحسين كفاءة استخدام الموارد وتقليل الهدر، بالإضافة إلى الاستثمار في ممارسات إنتاج صديقة للبيئة. منوهاً أن ذلك يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة، حيث يساهم في تحقيق نمو اقتصادي متوازن يحافظ على الموارد الطبيعية ويعزز الرفاهية الاجتماعية.
شدد الإدريسي على أهمية التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص لضمان نجاح هذه المبادرة، مشددًا على ضرورة تقديم حوافز استثمارية وتسهيلات إجرائية لدعم المستثمرين المحليين والأجانب، لافتاً إلى أن إحياء الماركات الوطنية ليس مجرد مشروع اقتصادي، بل هو استثمار في الهوية الوطنية والمستقبل الاقتصادي لمصر.