تشهد سوق الهواتف المحمولة في مصر حالة من الغليان والاضطراب بين التجار، بعد قرار الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بتطبيق رسوم جمركية وضرائب على الهواتف المحمولة المستوردة، بما في ذلك تلك التي تم تشغيلها بشرائح مصرية قبل تفعيل المنظومة الإلكترونية الجديدة.
وقد أثار هذا القرار، الذي يُطبق بأثر رجعي، موجة غضب واسعة بين تجار الهواتف، مما دفعهم لإطلاق هاشتاج “#نرفض_تطبيق_ضريبة_الموبايلات_بأثر_رجعي” عبر منصات التواصل الاجتماعي، وفقًا لما كشفت عنه شبكة تكنولوجيا المعلومات “تيلي_تايم”.
خسائر التجار وإغلاق المحال
أدى تطبيق الرسوم الجمركية بأثر رجعي إلى تعاظم الخسائر المالية للتجار، خاصة مع تزايد حالات إرجاع الهواتف من قبل المستهلكين.
فقد تلقى العديد من العملاء رسائل نصية مفاجئة تطالبهم بدفع ضرائب على هواتف تم تشغيلها قبل 1 يناير 2025، رغم تأكيدات سابقة من الجهات الرسمية بأن القرار لن يُطبق بأثر رجعي.
هذا التناقض تسبب في حالة من الارتباك والشكاوى، حيث قام العملاء بإرجاع أجهزتهم إلى التجار، مما زاد من الأعباء المالية على أصحاب المحال.
وكشفت شعبة تجار المحمول بغرفة القاهرة التجارية، أن “التجار يواجهون شكاوى يومية من المستهلكين بسبب الرسوم الجمركية المفروضة بأثر رجعي، مما دفع العديد منهم إلى إغلاق محالهم التجارية نتيجة الخسائر الكبيرة”.
وأشارت الشعبة إلى أن هذا القرار أدى إلى حالة من “العشوائية” في السوق، حيث يتحمل التجار الصغار وزر قرارات لم يتم إشراكهم في مناقشتها مسبقًا.
ردود فعل التجار والمستهلكين
أعرب عدد من التجار عن استيائهم من القرار، معتبرين أن تطبيق الضرائب بأثر رجعي يناقض التصريحات الرسمية التي أكدت عدم شمول الهواتف المشغلة قبل يناير 2025 بهذه الإجراءات.
وقد أشار أحد التجار في تصريحات لـ ميجا نيوز إلى أن العديد من العملاء يتقدمون بشكاوى إلى جهاز حماية المستهلك والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، مطالبين بحلول عاجلة لمشكلة الرسوم غير المتوقعة.
من جانب المستهلكين، أثار القرار سخطًا كبيرًا، حيث وجد البعض أنفسهم مطالبين بدفع ضرائب بآلاف الجنيهات على هواتف تم شراؤها وتفعيلها قبل تاريخ تطبيق القرار. هذا الأمر دفع العديد منهم إلى إرجاع الأجهزة للتجار، مما زاد من التوتر بين الطرفين.
المنظومة الإلكترونية وتطبيق “تليفوني”
تأتي هذه الإجراءات في إطار المنظومة الإلكترونية الجديدة التي أطلقتها مصلحة الجمارك بالتعاون مع الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، والتي تهدف إلى حوكمة تشغيل الهواتف المحمولة في السوق المصري. ويتيح تطبيق “تليفوني”، الذي تم إطلاقه في يناير 2025، تسجيل الأجهزة المستوردة والاستعلام عن الرسوم المستحقة عليها. ووفقًا للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، تم تحميل التطبيق أكثر من 2.1 مليون مرة خلال أول يومين من إطلاقه، مع تسجيل 7.5 مليون استعلام عن الأجهزة.
ومع ذلك، أثار تطبيق الرسوم بأثر رجعي جدلًا واسعًا، حيث يرى التجار أن هذه السياسة تؤدي إلى تقويض الثقة في السوق وتضر بالتجار الصغار والمستهلكين على حد سواء. وطالبوا بضرورة التغاضي عن الهواتف التي تم تشغيلها قبل يناير 2025، وفقًا للتصريحات الرسمية السابقة.
تأثير القرار على السوق المحلي
تشير التقديرات إلى أن سوق الهواتف المحمولة في مصر يشهد مبيعات سنوية تصل إلى حوالي 20 مليون جهاز، معظمها مستورد من الخارج، بقيمة إجمالية بلغت 9 مليارات دولار خلال العقد الماضي. ويُعتبر تهريب الهواتف تحديًا كبيرًا، حيث أكد نائب وزير المالية للسياسات الضريبية، شريف الكيلاني، أن 95% من الهواتف المستوردة يتم تهريبها دون دفع الرسوم الجمركية، مما يكلف الخزانة العامة خسائر تصل إلى 60 مليار جنيه سنويًا.
ورغم تأكيد الحكومة أن الهدف من القرار هو تنظيم السوق ومكافحة التهريب وتشجيع الصناعة المحلية، إلا أن التجار يرون أن تطبيق الضرائب بأثر رجعي يُفاقم الأزمة ويُهدد استمرارية أعمالهم. وقد دعا عدد منهم إلى تأجيل القرار أو إعادة النظر في آليات تطبيقه لتجنب المزيد من الخسائر.
مطالب التجار والتوصيات
طالب التجار بضرورة وضع لائحة تنفيذية واضحة توضح آليات تطبيق القرار، مع إرسال رسائل توعية للقادمين من الخارج لتوضيح كيفية تسجيل هواتفهم عبر تطبيق “تليفوني”. كما اقترحت لجنة الاتصالات بمجلس النواب إعفاء هاتف واحد سنويًا من الرسوم الجمركية، مع تعديل الحد الأقصى لقيمة الهدايا المعفاة من 15 ألف جنيه إلى قيمة أعلى تتناسب مع الواقع الاقتصادي.