لدعم غزة ، بدأت مصر تنفيذ مشروع إنشاء خط مياه محلاة من الجانب المصري إلى منطقة المواصي في جنوب قطاع غزة، بهدف توفير مياه الشرب النظيفة لنحو 600 ألف نسمة من سكان القطاع المتضررين.
يأتي هذا المشروع، بالتعاون دولة الإمارات الذي يندرج ضمن مبادرة “الفارس الشهم 3″، كجزء من جهود الإغاثة لمواجهة الأزمة المائية الحادة في غزة، حيث دمر أكثر من 80% من مرافق المياه بسبب الصراع المستمر.
تفاصيل المشروع
المشروع، الذي حظي بموافقة السلطات الإسرائيلية، يتضمن إنشاء خط أنابيب مياه بطول 6.7 كيلومترات وبقطر 315 ملم، يربط بين محطة تحلية مياه على الجانب المصري ومنطقة المواصي بين مدينتي خان يونس ورفح في جنوب غزة.
وفقًا لوكالة الأنباء الإماراتية (وام)، يهدف المشروع إلى توفير 15 لترًا من المياه المحلاة يوميًا لكل فرد، وهو ما يمثل استجابة مباشرة للنقص الحاد في المياه الصالحة للشرب في القطاع.
بدأت الأعمال التمهيدية للمشروع في يوليو 2025، حيث تم نقل المعدات اللازمة عبر معبر كرم أبو سالم تحت إشراف أمني صارم من الجانب الإسرائيلي.
ومن المتوقع أن تستغرق أعمال البناء عدة أسابيع، حيث ستعمل الأنابيب بشكل مستقل عن خطوط المياه القادمة من إسرائيل، مما يعزز من استقلالية إمدادات المياه في المنطقة.
خلفية الأزمة المائية في غزة
يعاني قطاع غزة من أزمة مائية مزمنة تفاقمت بسبب الصراع المستمر منذ أكتوبر 2023، حيث أدت العمليات العسكرية الإسرائيلية إلى تدمير معظم البنية التحتية للمياه، بما في ذلك الآبار ومحطات التحلية وأنظمة الصرف الصحي.
وفقًا لتقارير الأمم المتحدة، يعتمد سكان غزة بشكل رئيسي على المياه الجوفية من الخزان الساحلي، والتي أصبحت ملوثة بسبب التسرب البحري والصرف الصحي غير المعالج.
قبل المشروع، كان سكان غزة، وخاصة في المناطق الجنوبية مثل رفح، يعانون من نقص حاد في المياه، حيث كان الفرد يحصل على أقل من 20 لترًا يوميًا، مقارنة بالحد الأدنى الموصى به من قبل منظمة الصحة العالمية (50-100 لتر يوميًا). وقد أدى ذلك إلى تفشي الأمراض المرتبطة بالمياه مثل الإسهال، خاصة بين الأطفال.
دور مصر والإمارات
يعد هذا المشروع استمرارًا لجهود مصر والإمارات في دعم الشعب الفلسطيني. فقد سبق للإمارات أن أنشأت ثلاث محطات تحلية مياه على الحدود المصرية في ديسمبر 2023، والتي توفر حاليًا حوالي 600 ألف جالون من المياه يوميًا لسكان رفح.
وقد أشاد سكان المنطقة، مثل زكي أبو سليمة، بجودة المياه المحلاة، واصفين إياها بأنها “تشبه السكر” مقارنة بالمياه المالحة التي كانوا يضطرون لاستهلاكها سابقًا.
من جانبها، لعبت مصر دورًا حيويًا في تسهيل نقل المعدات عبر معبر كرم أبو سالم، بالإضافة إلى توفير البنية التحتية اللازمة لمحطات التحلية على أراضيها.
ويؤكد المسؤولون المصريون أن هذا المشروع يعكس التزام مصر بدعم القضية الفلسطينية وتخفيف المعاناة الإنسانية في غزة.
التحديات والتوقعات
على الرغم من الأهمية الإنسانية للمشروع، يواجه تحديات لوجستية، أبرزها توزيع المياه داخل غزة بسبب البنية التحتية المدمرة.
فالأنابيب الداخلية في القطاع تعاني من التدهور، مما يجعل من الصعب نقل المياه إلى الخزانات العلوية في المباني المتبقية.
كما أن استمرار الصراع والقيود المفروضة على دخول الوقود والمواد الأساسية يعيقان تشغيل محطات التحلية بشكل كامل.
ومع ذلك، يتوقع المسؤولون أن يسهم المشروع في تحسين الأوضاع المعيشية في المواصي، خاصة مع تزايد أعداد النازحين الذين يعيشون في المنطقة نتيجة أوامر الإخلاء الإسرائيلية.
أشار شريف النيرب، المسؤول الإعلامي لعملية “الفارس الشهم 3″، إلى أن المشروع ليس مجرد استجابة طارئة للأزمة المائية، بل هو امتداد لنهج الإمارات الثابت في دعم الشعب الفلسطيني في ظل الظروف الكارثية الناتجة عن الحرب.
ردود الفعل الدولية
لم تصدر مصر أو الإمارات تعليقًا رسميًا على الموافقة الإسرائيلية للمشروع، لكن مصادر إعلامية إسرائيلية، مثل القناة 12، أكدت أن الأعمال بدأت تحت إشراف أمني صارم عبر معبر كرم أبو سالم.
ويأتي هذا المشروع في إطار جهود إنسانية أوسع، تشمل فترات هدنة يومية أعلن عنها الجيش الإسرائيلي من الساعة 10 صباحًا إلى 8 مساءً، لتسهيل حركة قوافل المساعدات الإنسانية في غزة.
من جانب آخر، أثارت الأزمة المائية في غزة قلقًا دوليًا، حيث حذرت منظمات مثل اليونيسف من “جفاف من صنع الإنسان” نتيجة تدمير أنظمة المياه في القطاع.
ويُنظر إلى هذا المشروع كخطوة إيجابية لتخفيف معاناة النازحين، لكنه لا يزال غير كافٍ لتلبية الاحتياجات الإجمالية لسكان غزة البالغ عددهم أكثر من 2.4 مليون نسمة.