تيليجرام أكثر أمانًا أم واتساب فمع تزايد الاعتماد على تطبيقات المراسلة الفورية في التواصل اليومي، يبرز السؤال حول أي التطبيقات يوفر أعلى مستويات الأمان والخصوصية للمستخدمين.
يُعد تيليجرام وواتساب من أبرز التطبيقات في هذا المجال، لكن تيليجرام غالبًا ما يُنظر إليه كخيار أكثر أمانًا في بعض الجوانب مقارنة بواتساب، خاصة في ظل مخاوف الخصوصية المرتبطة بشركة ميتا، المالكة لواتساب.
ميجا نيوز في هذا التقرير، تستعرض الأسباب التي تجعل تيليجرام خيارًا مفضلًا لبعض المستخدمين من منظور الأمان والخصوصية.
التشفير: اختلاف في النهج
يتميز واتساب بتطبيق التشفير من طرف إلى طرف (E2EE) بشكل افتراضي لجميع المحادثات، مما يعني أن الرسائل مشفرة من جهاز المرسل إلى جهاز المستلم، ولا يمكن لأي طرف ثالث، بما في ذلك واتساب نفسه، الوصول إلى محتواها. هذا المستوى من التشفير، المستند إلى بروتوكول Signal، يُعتبر قويًا وموثوقًا، لكنه يقتصر على المحادثات الفردية والجماعية دون خيارات إضافية للتحكم.
في المقابل، يعتمد تيليجرام نهجًا مزدوجًا للتشفير. المحادثات العادية (Cloud Chats) تُشفر بين الجهاز والخوادم باستخدام بروتوكول MTProto الخاص، لكن الرسائل تُخزن على خوادم تيليجرام، مما يعني أن الشركة تملك مفاتيح فك التشفير.
ومع ذلك، يقدم تيليجرام ميزة “المحادثات السرية” (Secret Chats) التي تستخدم التشفير من طرف إلى طرف، وتتيح ميزات إضافية مثل الرسائل ذاتية التدمير ومنع التقاط الشاشة. هذه المرونة تجعل تيليجرام خيارًا جذابًا لمن يريدون تحكمًا أكبر في خصوصية محادثاتهم.
سياسة جمع البيانات: الشفافية والتحكم
يُثير واتساب قلقًا بسبب سياسة جمع البيانات الخاصة به، خاصة بعد ارتباطه بشركة ميتا. وفقًا لسياسة الخصوصية الخاصة بواتساب، يتم جمع بيانات مثل أرقام الهواتف، بيانات الجهاز، الموقع، وسجل الاستخدام، وقد تُشارك هذه البيانات مع تطبيقات ميتا الأخرى مثل فيسبوك لأغراض إعلانية.
هذا الأمر أثار جدلًا واسعًا، خاصة بعد تحديث سياسة الخصوصية في عام 2021، مما دفع الملايين للبحث عن بدائل.
على النقيض، يتبنى تيليجرام سياسة جمع بيانات أقل تدخلًا. فهو يجمع بيانات أساسية مثل رقم الهاتف ومعرف المستخدم، لكنه لا يشارك هذه البيانات مع جهات خارجية لأغراض تجارية، حيث يعتمد التطبيق على التمويل الذاتي من مؤسسه بافيل دوروف بدلاً من الإعلانات. كما أن تيليجرام يتيح للمستخدمين إنشاء حسابات دون الكشف عن هويتهم باستخدام أرقام مؤقتة، مما يعزز من مستوى الخصوصية.
الميزات الأمنية الإضافية في تيليجرام
يوفر تيليجرام ميزات أمنية متقدمة تجعله مفضلًا لدى المستخدمين الذين يبحثون عن تحكم دقيق في خصوصيتهم. من بين هذه الميزات:
المحادثات السرية: توفر تشفيرًا من طرف إلى طرف، ولا يتم تخزينها على خوادم تيليجرام، بل على أجهزة المستخدمين فقط.
الرسائل ذاتية التدمير: تتيح للمستخدمين ضبط مؤقت لتدمير الرسائل تلقائيًا بعد وقت محدد.
إشعارات التقاط الشاشة: يتم إبلاغ المستخدم إذا حاول الطرف الآخر التقاط صورة للشاشة أثناء المحادثة السرية.
التحقق الثنائي (2FA): يضيف طبقة أمان إضافية تتطلب كلمة مرور إلى جانب رمز التحقق.
في المقابل، يقدم واتساب ميزة الرسائل المختفية التي تُحذف بعد سبعة أيام، لكنها لا توفر نفس مستوى التحكم مثل تيليجرام، حيث لا يوجد حماية ضد التقاط الشاشة أو خيارات حذف فوري.
الامتثال القانوني ومخاوف الرقابة
أثار ارتباط واتساب بميتا مخاوف بشأن الامتثال لطلبات الجهات الحكومية، خاصة في ظل تاريخ ميتا في مشاركة البيانات مع السلطات. على الجانب الآخر، اشتهر تيليجرام بموقفه الرافض للتعاون مع الحكومات، مما جعله خيارًا شائعًا بين الناشطين والمتظاهرين في دول مثل هونغ كونغ وبيلاروسيا. ومع ذلك، أثارت هذه السياسة جدلًا، حيث واجه مؤسس تيليجرام، بافيل دوروف، الاعتقال في فرنسا عام 2024 بتهمة “التواطؤ في إدارة منصة للمعاملات غير القانونية”، مما دفع تيليجرام لتشديد الرقابة على المحتوى غير القانوني.
تحديات وانتقادات
على الرغم من مزايا تيليجرام، يرى بعض الخبراء أن غياب التشفير من طرف إلى طرف بشكل افتراضي في المحادثات العادية يجعله أقل أمانًا من واتساب في بعض السيناريوهات، خاصة للمحادثات الجماعية. كما أن تخزين الرسائل على خوادم تيليجرام قد يشكل مخاطر إذا تم استهدافها من قبل هجمات إلكترونية. ومع ذلك، يظل تيليجرام خيارًا مفضلًا لمن يركزون على تقليل جمع البيانات والتحكم في خصوصيتهم.