تضع الكلاب أصحابها من البشر في مرتبة تفوق حبها لنفسها، لأقرانها من الكلاب، أو حتى لأبنائها والطعام. هذا الحب العميق يدفع الكلاب إلى التضحية بحياتها لحماية أصحابها، كما في حالات إنقاذهم من أخطار مثل الثعابين السامة.
أصول تطورية وعلاقة فريدة
و كشفت دراسة علمية حديثة عن جوانب مذهلة في العلاقة بين الكلاب والبشر، مؤكدة أن الكلاب ليست منحدرة مباشرة من الذئاب الحالية، بل هي و الذئاب أبناء عمومة تنحدر من فصيلة ذئاب منقرضة. على عكس الذئاب، التي تستخدم النظرات لفرض الهيمنة، طورت الكلاب لغة عينية تعبر عن الحب والثقة. عند النظر في عيون الكلب، يفرز كل من الإنسان والكلب هرمون “الأوكسيتوسين”، المعروف بـ”هرمون الحب والسعادة”، مما يعزز شعور الراحة والأمان لدى الطرفين. هذه الخاصية التطورية تعود إلى أسلاف الكلاب التي تخلت عن الحياة البرية لتصبح رفيقة للإنسان، تقدم الحماية والمساعدة مقابل الرعاية والصحبة.
ذاكرة عاطفية وقدرات حسية استثنائية
تتمتع الكلاب بذاكرة عاطفية قوية، حيث تتذكر الأشخاص الذين يظهرون لها اللطف، حتى لو كان ذلك لمرة واحدة فقط. عند العناق أو الاقتراب الجسدي من الكلب، يفرز الدماغ هرمون الأوكسيتوسين لدى الطرفين، في عملية تشبه الحضن عند البشر. كما أن الكلاب قادرة على تخفيف ألم أصحابها النفسي والجسدي، حيث تحاول “سحب” الضيق العاطفي وتحمله بدلاً منهم.
تقوية المناعة والكشف عن الأمراض
من أبرز الاكتشافات أن لعق الكلاب لجلد الإنسان ليس مجرد تعبير عن المودة، بل يساهم في تعزيز جهاز المناعة البشري من خلال عملية “تبادل الميكروبيوم”. تنقل الكلاب أجسامًا مضادة تحمي الإنسان من ملايين الميكروبات والطفيليات. بشكل مذهل، يعتقد بعض العلماء أن الكلاب تدرك هذه الفائدة وتستخدمها عن قصد لتعزيز صحة أصحابها. كما تتمتع الكلاب بقدرة خارقة على اكتشاف الأمراض مثل السرطان، داء السكري، وتلف الكلى والكبد، من خلال شم التغيرات الكيميائية في جسم الإنسان، حيث تحاول تنبيه أصحابها بحركات مثل وضع أقدامها عليهم أو الاحتكاك بهم بشكل غير معتاد.
إدراك لغوي ونفسي
تستطيع الكلاب تمييز حوالي 250 كلمة وربطها بأشياء أو أفعال، مثل الكرة أو الطوق، ويمكن أن تصل إلى فهم 1000 كلمة مع التدريب. كما أنها تتفوق في قراءة لغة الجسد وتعبيرات الوجه بدقة تفوق أحيانًا قدرات الحواسيب، مما يمكنها من استشعار الحالة النفسية للإنسان، سواء كان حزينًا، غاضبًا، أو قلقًا، بناءً على التغيرات الكيميائية في الجسم والروائح الناتجة عنها.
قدرات جسدية وحياة يومية
تتميز الكلاب بقدرات جسدية مذهلة، حيث تتفوق على الشيتا في السباقات الطويلة، حيث تستطيع الحفاظ على سرعة 60 كم/ساعة لمدة نصف ساعة. كما أن أنوفها المبللة دائمًا تلتقط جزيئات الروائح، وكل كلب يمتلك بصمة أنف فريدة. تضاف إلى ذلك قدراتها على استشعار الحرارة، الإشعاع، والمجال المغناطيسي للأرض، مما يتيح لها الصيد والبقاء حتى في حال فقدان البصر.
علاقة عاطفية عميقة
يعيش الكلب حياة قصيرة، حيث يعادل يوم واحد في حياتنا أسبوعًا في إدراكه الزمني، مما يجعل غياب الإنسان ليوم كامل يشبه غيابًا لأسبوع بالنسبة للكلب. هذا يفسر ترحيبه الحار بصاحبه حتى بعد غياب قصير. كما أن الكلاب تحلم أثناء النوم مثل البشر، وتتعرق من خلال أقدامها فقط، وتلهث لتنظيم حرارتها، وتظهر تعبيرات تشبه الضحك عند الفرح.
الكلاب البلدية: مزيج فريد
تسلط الدراسة الضوء على الكلاب البلدية المصرية، التي تمثل مزيجًا من عدة سلالات مثل المالينوا، الجيرمن شيبرد، والهاسكي. تتمتع هذه الكلاب بمزايا استثنائية تجمع بين القوة، الذكاء، والوفاء. وعلى الرغم من أصولها المختلطة، فإنها تظل رمزًا للقدرة على التكيف والتفاني.
الجوانب الدينية والثقافية
أكدت الدراسة أن تربية الكلاب لا تتعارض مع أي دين، مستشهدة بقصص دينية مثل أصحاب الكهف، الذين رافقهم كلب، وتشريع صيد الكلاب في الإسلام دون أن ينقض الوضوء أو يقطع الصلاة. كما دحضت الخرافات المتعلقة بالحيوانات السوداء، مؤكدة أنها مجرد معتقدات غير صحيحة.