في مفاجأة كبيرة لجماهير القلعة الحمراء، كشف مصدر مسؤول داخل النادي الأهلي أن الكابتن محمود الخطيب، رئيس النادي الحالي، أبلغ مجلس الإدارة برغبته في عدم الترشح لانتخابات النادي المقبلة، مفضلاً الحصول على قسط من الراحة بعد رحلة طويلة من العمل والجهد والتضحيات. القرار الذي جاء خلال اجتماع مجلس الإدارة مساء الخميس، حمل معه مشاعر متباينة بين الحزن والتقدير، خاصة وأن الخطيب ارتبط اسمه بتاريخ طويل من العطاء سواء كلاعب أسطوري أو إداري ناجح.
صحة الخطيب
بحسب المصدر، فإن الخطيب أوضح لزملائه في المجلس أنه “تحمل الكثير خلال السنوات الماضية وجازف بصحته من أجل النادي”، مشيراً إلى أن المرحلة المقبلة قد تشهد سفره للعلاج خارج مصر، وهو ما يعكس حجم الضغوط الصحية التي تعرض لها في ظل المسؤوليات الكبيرة التي تحملها على عاتقه.
ويعرف عن رئيس الأهلي الحالي معاناته منذ سنوات مع مشاكل صحية متكررة، استلزمت إجراء عمليات دقيقة في العمود الفقري والعظام، ورغم ذلك ظل متواجداً في مقدمة الصفوف، يقود النادي في أصعب الفترات، ويواجه تحديات مالية وإدارية وظروفاً كروية متقلبة
رحلة بدأت من المستطيل الأخضر
الخطيب، الملقب بـ”بيبو”، لم يكن مجرد رئيس للنادي الأهلي، بل رمزاً رياضياً على مدى أكثر من أربعة عقود. بدأ مشواره لاعباً استثنائياً في صفوف الفريق الأول لكرة القدم، ليصبح الهداف التاريخي للأهلي في البطولات القارية، وأحد أبرز من ارتدى قميص المنتخب الوطني.
اعتزل اللعب عام 1987 وسط دموع الجماهير، لكنه لم يبتعد عن بيته الأحمر، حيث شغل مناصب عدة داخل الإدارة، وصولاً إلى مقعد الرئاسة في عام 2017 بعد منافسة قوية مع محمود طاهر.
ومنذ ذلك الحين، ارتبط اسمه بالعديد من الإنجازات سواء في كرة القدم أو الألعاب الأخرى، إضافة إلى تطوير البنية التحتية للنادي وفروعه المختلفة.
إنجازات في فترة صعبة
منذ توليه المسؤولية، قاد الخطيب مجلس الأهلي لتحقيق إنجازات محلية وقارية، أبرزها الفوز المتتالي بدوري أبطال إفريقيا في 2020 و2021، 2023 و 20240والمشاركة المشرفة في كأس العالم للأندية، بجانب التتويج بالبطولات المحلية، وإطلاق مشروعات استثمارية ضخمة لتأمين مستقبل النادي مالياً.
كما شهدت فترة رئاسته طفرة في فروع النادي، على رأسها فرع التجمع الخامس الذي يقترب من الاكتمال، فضلاً عن تطوير المنشآت بفرعي الجزيرة والشيخ زايد.
لكن هذه النجاحات لم تأت بسهولة، إذ واجهت إدارته انتقادات وضغوطاً، سواء بسبب بعض النتائج أو الأزمات الداخلية، وهو ما جعله عرضة لموجة مستمرة من الضغوط النفسية والجسدية.
ردود الفعل داخل الأهلي
قرار الخطيب بعدم خوض الانتخابات المقبلة أثار حالة من الصدمة داخل أروقة النادي. فبينما تفهم بعض المقربين دوافعه الصحية والإنسانية، عبر آخرون عن حزنهم لفقدان قامة بحجمه في المشهد الإداري.
أعضاء المجلس، وفق المصدر ذاته، أبدوا احترامهم الكامل لرغبته، مؤكدين أن صحة الرئيس أهم من أي منصب، وأن ما قدمه خلال السنوات الماضية يكفي ليظل اسمه محفوراً في ذاكرة النادي وجماهيره.
الجماهير بدورها انقسمت عبر منصات التواصل الاجتماعي، بين من يطالب الخطيب بالعدول عن قراره ومن يراه اختياراً شجاعاً يضع الصحة أولاً بعد رحلة مرهقة.
مستقبل الانتخابات
غياب الخطيب عن المشهد الانتخابي سيغير كثيراً من موازين القوى داخل القلعة الحمراء. فمنذ إعلان نيته الابتعاد، بدأت التكهنات حول الشخصيات التي قد تخوض السباق على الرئاسة، سواء من أعضاء المجلس الحالي أو من خارجه.
ويؤكد مراقبون أن المرحلة المقبلة ستشهد ظهور تحالفات وبرامج انتخابية جديدة، لكن سيظل “بيبو” هو الرقم الأصعب الذي يقارن الجميع إنجازاته به، وهو ما يجعل المنافسة على خلافته تحدياً صعباً.
قرار محمود الخطيب بعدم خوض انتخابات الأهلي المقبلة ليس مجرد خطوة إدارية، بل لحظة فارقة في تاريخ القلعة الحمراء. هو إعلان عن نهاية مرحلة مليئة بالإنجازات والتحديات، وبداية فصل جديد قد يكون عنوانه “الاستراحة بعد العطاء”.
ورغم الحزن الذي سيشعر به الملايين من عشاق الأهلي، فإن احترام رغبته وصحته يبقى الأهم، ليظل “بيبو” دائماً في القلوب، أسطورة صنعتها الملاعب وأكدتها المواقف.
وحتى الآن، لم يخرج الخطيب ببيان رسمي للجماهير، لكن من المتوقع أن يوجه كلمة مؤثرة خلال الفترة المقبلة، يشرح فيها أسباب قراره ويطمئن محبيه على حالته الصحية.
الجميع يترقب هذه اللحظة، التي ستكتب فصلاً جديداً في علاقة “بيبو” بالنادي الأهلي، علاقة عنوانها التضحية والعطاء، حتى وإن توقفت عند محطة الراحة.