قرر بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، ليصبح النطاق الجديد 4.5% بدلاً من 4.75%. وقد أظهرت أداة CME FedWatch أن المستثمرين كانوا يتوقعون هذا الخفض، مع احتمال يصل إلى 70% لخفض آخر في سعر الفائدة خلال شهر ديسمبر.
تشير الظروف الحالية في السوق إلى أن الدولار الأمريكي يواجه مخاطر في كلا الاتجاهين قبل هذا الحدث. وقد أدى فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية إلى زيادة عائدات سندات الخزانة وتعزيز قيمة الدولار الأمريكي يوم الأربعاء الماضي.
علاوة على ذلك، حصل الجمهوريون على الأغلبية في مجلس الشيوخ، ويبدو أنهم في طريقهم للسيطرة على مجلس النواب، مما يسهل تنفيذ السياسات بشكل أسرع.
ارتفاع الدولار الناتج عن سياسات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يحمل جوانب إيجابية للشركات الأوروبية، وخاصة تلك التي تعتمد على التصدير وتحقق إيرادات بالدولار الأميركي، حيث يُتوقع أن تستفيد هذه الشركات من قوة الدولار وسط المخاوف من عدم استقرار الأسواق نتيجة فوز ترمب بالانتخابات الرئاسية.
تستفيد شركات مثل “روش هولدينغ” و”أشتيد غروب” من قوة الدولار، حيث تحصل على جزء كبير من إيراداتها بالدولار بنسبة 46% و86% على التوالي، وفقاً لبيانات “بلومبرغ”. وارتفعت أسهم عدد من الشركات الأوروبية، التي تعتمد على السوق الأميركية، ضمن محفظة استثمارية لمجموعة “غولدمان ساكس” وتفوقت على مؤشر “ستوكس يوروب 600″، بفضل التوقعات بأن سياسات ترمب ستؤدي إلى زيادة التضخم وبالتالي إلى ارتفاع قيمة الدولار.
تأثير قوة الدولار على الشركات الأوروبية
يقول كريستوف بوتشر، كبير مسؤولي الاستثمار في “إيه بي إن أمرو انفستمنت سولوشنز”، إن الدولار القوي سيعزز هوامش أرباح الشركات الأوروبية المصدرة وسيزيد من تنافسيتها عالمياً. وتشير تقديرات “غولدمان ساكس” إلى أن 25% من إيرادات شركات مؤشر “ستوكس 600” تأتي من الولايات المتحدة، مما يجعل قطاعات الإعلام والرعاية الصحية والأغذية والمشروبات والتبغ من بين الأكثر استفادة من السوق الأميركية.
ومع ذلك، شهد مؤشر “ستوكس 600” تراجعاً بعد موسم أرباح الربع الثالث الذي خيب التوقعات، حيث ارتفعت أرباح بعض الشركات الأوروبية المدرجة ضمن مؤشر “إم إس سي آي” بنسبة 3.4%، متجاوزة التوقعات، ولكن المؤشر تراجع بنسبة 4% عن ذروته في سبتمبر.
تأثير التعريفات الجمركية وتقلبات العملات
أثارت مقترحات ترمب بفرض رسوم جمركية على بعض السلع الأجنبية، والتي قد تصل إلى 60%، تشاؤم المستثمرين، مما أثر سلباً على أسهم شركات السيارات الألمانية التي تتعرض لخطر التعريفات الجمركية.
ورغم تراجع الدولار في بعض الأحيان، إلا أن تقلبات العملات تبقى عاملاً مهماً يؤثر على أرباح الشركات.
حذرت شركات كبرى مثل “إل في إم إتش” و”امبريال براندز” و”هينيس آند موريتز” من تأثير تقلبات أسعار الصرف على أعمالها. ومع ذلك، يتوقع إيمانويل كو، المحلل في “باركليز”، أن الشركات الأوروبية التي تحقق أرباحاً بالدولار، وخاصة تلك التي تعتمد على المستهلكين الأميركيين، ستستفيد في الفترة القادمة.
وتعتمد شركات ضمن محفظة استثمارية مختارة من “غولدمان ساكس” بنسبة 55% من إيراداتها على السوق الأميركية، مثل “يو سي سي” للتكنولوجيا الحيوية و”سانوفي” و”روش” في مجال الرعاية الصحية، بالإضافة إلى شركات صناعية مثل “سي أر اتش” و”أشتيد” وشركات موجهة للمستهلكين كـ”أهولد ديلهايزي” و”انتركونتيننتال هوتيلز غروب” و”بريتيش اميركان توباكو”.
توقعات تفوق الأسهم الأميركية وسياسات “أميركا أولاً”
رغم ذلك، ما زال المحللون يتوقعون تفوق الأسهم الأميركية على الأوروبية، حيث تتجه الولايات المتحدة نحو تطبيق سياسات “أميركا أولاً” التي تهدف إلى إعادة الإنتاج المحلي وتخفيض الضرائب على الشركات.
ويُتوقع أن ترتفع أرباح مؤشر “إس آند بي 500” بنسبة 13% بحلول 2025، مقارنة بارتفاع أرباح مؤشر “ستوكس 600” بنسبة 8% فقط.
وفي ظل عدم حديث ترامب عن التعريفات الجمركية في خطاب فوزه، أثار غياب هذا الموضوع قلق الأسواق الأوروبية، حيث توقع بعض المحللين أن ذلك قد يعني اتخاذ إجراءات لاحقاً تؤثر سلباً على الشركات الأوروبية.
ويرى أولريش أوربان، رئيس استراتيجية الأصول المتعددة في “بيرينبرغ”، أن بعض القطاعات مثل السيارات تعاني من مشكلات هيكلية قد تعيق استفادتها من دعم الدولار، بينما قد تحقق قطاعات أخرى مثل أشباه الموصلات مكاسب بفضل أسعار الصرف القوية.