بعد فوز ترامب بانتخابات الرئاسة الأمريكية يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مصمم على الحفاظ على زعامته حتى الانتخابات المقررة لعام 2026 على الأقل، بحسب تقرير نشرته صحيفة “الجارديان” البريطانية.
ويشير المحللون إلى أن موقفه تعزز مؤخرًا بحدثين رئيسيين: إقالة وزير الدفاع يوآف جالانت وفوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
رغم الانتقادات الواسعة لثغرات الأمن التي أسهمت في وقوع هجمات أكتوبر التي نفذتها حماس، إلا أن مرونة نتنياهو السياسية لا تزال تبهر الكثيرين في إسرائيل وخارجها.
الأستاذة تامار هيرمان من معهد الديمقراطية الإسرائيلي تعزو صمود نتنياهو إلى عزيمته القوية، مشيرة إلى أن لديه “بوصلة داخلية” يلتزم بها رغم الاحتجاجات العامة.
ويراها مؤيدوه دليلاً على تفانيه في خدمة المصالح الوطنية، في حين يرى منتقدوه أنها استراتيجية لتعزيز السلطة.
تأثير إقالة جالانت
تم إقالة يوآف جالانت، الذي يعده البعض صوتاً معتدلاً في الحكومة الإسرائيلية المتشددة، في الأسبوع الماضي، وسط احتجاجات شعبية محدودة.
وصرّح منظمو الاحتجاجات بأن الأجواء المتوترة في إسرائيل بسبب الحرب أسهمت في تراجع عدد المشاركين، حيث يشعر العديد من المواطنين بالقلق من المخاطر الأمنية على أسرهم.
وكان جالانت، الذي قاد مفاوضات لإيقاف إطلاق النار مع حماس، قد أعلم عائلات الرهائن بأن صفقة تبادل الأسرى كان من الممكن أن تحقق السلام في غزة قبل عدة أشهر، لكن نتنياهو رفض هذه الصفقة، مما أثار انتقادات واسعة.
وقد مهدت إقالة جالانت الطريق لتعيين إسرائيل كاتس، وهو من الموالين لنتنياهو، كوزير للدفاع، لكن المعلق رون بن يشاي يؤكد أن نتنياهو سيظل هو المسيطر الفعلي على سياسة الدفاع.
المشاعر العامة ومكانة حزب الليكود
رغم عدم رضا الجمهور عن سياسات نتنياهو، إلا أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن حزب الليكود سيظل الحزب الأكبر في أي انتخابات افتراضية، إذ يتمتع بشعبية كبيرة خاصة بين الناخبين اليهود اليمينيين الذين يفضلون سياسته المتشددة.
تمكنت حكومة نتنياهو من تجاوز أزمة التجنيد العسكري لليهود المتشددين، وهي قضية مثيرة للجدل هددت استقرار الائتلاف.
كما أن نجاح القوات الإسرائيلية في استهداف قادة بارزين في حزب الله وحماس عزز من موقف نتنياهو وأضعف المعارضة، التي تبدو في حالة من التشتت.
الفضائح وتحديات المعارضة
على الرغم من شعبيته، تواجه إدارة نتنياهو العديد من الفضائح، من بينها تسريب مزعوم لوثائق استخباراتية إلى وسائل الإعلام الأجنبية من قبل مساعدين مقربين من نتنياهو.
ورغم أن هذه الفضيحة قد لا تهدد سلطته بشكل مباشر، إلا أنها تبرز نقاط ضعف في إدارته.
في المقابل، يعبر البروفيسور هيرمان عن أسفه لعدم تمكن المعارضة اليسارية من التوحد وتقديم بديل فعّال، ويرى أن انقسام المعارضة يمثل عقبة رئيسية أمام تقديم رؤية سياسية قادرة على منافسة نتنياهو.
فوز ترامب: تداعيات على الصراعات الإسرائيلية
يعطي فوز دونالد ترامب دفعة إضافية لحكومة نتنياهو. فقد شهدت فترة رئاسة ترامب الأولى سياسات داعمة لأجندة اليمين الإسرائيلي، بعكس العلاقة المتوترة بين نتنياهو وإدارة بايدن.
المتحدثة باسم الحزب الجمهوري، إليزابيث بيبكو، أشارت إلى أن ترامب يأمل في تحقيق “نهاية حاسمة” للنزاعات الإسرائيلية. ومع استمرار العمليات الإسرائيلية في غزة ولبنان، قد يشجع دعم ترامب نتنياهو على تصعيد الإجراءات العسكرية، رغم رغبة ترامب في تقليل الخسائر بين المدنيين.
مستقبل غامض: طريق للمضي قدماً أم صراع مطول؟
ورغم أن دعم ترامب يعزز من موقف نتنياهو، إلا أن هناك تحذيرات من أن سياسته الصارمة قد تطيل أمد الصراع، خاصة في غزة ولبنان. وبينما تتهيأ إسرائيل لمزيد من الاضطرابات، تبقى مرونة نتنياهو وتحالفاته مع الإدارة الأمريكية الجديدة مؤشراً على مستقبل غير واضح للسلام والاستقرار في المنطقة.