شهدت القمة العالمية للحكومات إعلانًا لافتًا لمشروع “دبي لوب”، لكن المفاجأة الحقيقية جاءت من تصريحات إيلون ماسك حول مستقبل الاقتصاد، حيث أثار جدلًا واسعًا بتوقعاته حول التحولات الجذرية التي قد يشهدها العالم في العقود القادمة.
“في المستقبل، قد لا يكون المال مهمًا”
عندما طُرح على ماسك سؤال حول تأثير التكنولوجيا على سوق العمل والاقتصاد، أجاب بجملة صادمة: “في المستقبل، قد لا يكون المال مهمًا”. لم يكن يشير إلى العملات الرقمية أو الأنظمة المصرفية الحديثة، بل كان يتحدث عن سيناريو أكثر ثورية؛ عالم يختفي فيه مفهوم الوظيفة التقليدية، حيث تصبح المنتجات والخدمات متاحة دون مقابل بفضل التطور الهائل في الذكاء الاصطناعي والروبوتات.
هل نقترب من اقتصاد بلا وظائف؟
أوضح ماسك أن التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي والروبوتات البشرية سيؤدي إلى إحلال الآلات محل البشر في جميع القطاعات، من التصنيع إلى الخدمات، بل وحتى في المجالات الإبداعية.
تخيل عالمًا تقوم فيه الروبوتات ببناء المباني، تصنيع السيارات، طهي الطعام، رعاية المرضى، وابتكار الأفكار الفنية، كل ذلك دون الحاجة إلى تدخل بشري. إذا تحقق هذا السيناريو، فمن الذي سيحتاج إلى سوق العمل؟ والأهم، إذا كانت الروبوتات قادرة على إنتاج كل شيء دون تكلفة تُذكر، فما الحاجة إلى المال؟
ماسك يرى أن هذا التحول ليس مجرد احتمال نظري، بل واقع قد يصبح ملموسًا خلال العقود القادمة، مما سيؤدي إلى انهيار النظام الاقتصادي التقليدي القائم على العرض والطلب.
الدخل الأساسي الشامل: حل للمستقبل؟
في ظل هذا التغير الجذري، يطرح العديد من الاقتصاديين مفهوم “الدخل الأساسي الشامل” كحل لضمان استمرارية الحياة الاجتماعية. تقوم هذه الفكرة على منح كل فرد مبلغًا ماليًا ثابتًا، بغض النظر عن كونه يعمل أم لا، لضمان قدرته على العيش في عالم لم يعد العمل فيه ضرورة.
ماسك نفسه تحدث عن هذا السيناريو سابقًا، مشيرًا إلى أن الحكومات قد تُضطر إلى تبني هذه الفكرة، ليس بسبب البطالة التقليدية، بل لأن الوظائف نفسها قد تصبح نادرة وغير ضرورية.
هل سينتهي مفهوم الندرة؟
لطالما اعتمد الاقتصاد على مبدأ الندرة، حيث يعمل البشر لتأمين احتياجاتهم في ظل محدودية الموارد. لكن ماذا لو لم تعد هناك ندرة؟
إذا تمكن الذكاء الاصطناعي من توفير طاقة مجانية، غذاء بلا تكلفة، مساكن تُبنى ذاتيًا، ورعاية صحية مؤتمتة بالكامل، فإن الحاجة إلى المال قد تختفي تدريجيًا. يرى ماسك أن هذا ليس مجرد خيال علمي، بل سيناريو ممكن في المستقبل القريب، مع استمرار التطور التكنولوجي بوتيرة غير مسبوقة.
مستقبل مبهر أم تهديد مجهول؟
بينما تبدو فكرة عالم بلا وظائف وبدون حاجة للمال مثيرة للبعض، إلا أنها قد تمثل كابوسًا للآخرين. كيف سيقضي البشر أوقاتهم إذا لم يكن هناك عمل؟ هل سيدفعهم هذا إلى مزيد من الإبداع، أم سيؤدي إلى حالة من الركود الاجتماعي؟ كيف ستتعامل الحكومات مع هذا التحول؟ والأهم، من سيسيطر على الذكاء الاصطناعي إذا أصبح قادرًا على إدارة العالم بمفرده؟
لم يقدم ماسك إجابات مباشرة لهذه الأسئلة، لكنه حذّر من أن عدم وضع قواعد واضحة للذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى فقدان البشر السيطرة على المستقبل.
متى سيحدث هذا التحول؟
لم يعد السؤال “هل سيحدث هذا؟” بل أصبح “متى؟ وكيف سنتعامل معه؟”. التكنولوجيا تتطور بوتيرة غير مسبوقة، والمجتمع البشري قد يكون على أعتاب أكبر تغيير اقتصادي في تاريخه. الوقت وحده سيكشف إن كان هذا المستقبل حلمًا واعدًا أم تحديًا مخيفًا للبشرية.