في حديثه مع اقتصاد الشرق، استعرض هشام عز العرب، الرئيس التنفيذي للبنك التجاري الدولي CIB مصر، رؤيته حول التحديات الاقتصادية الراهنة، مؤكداً أن الأزمة الحالية تعود إلى انخفاض معدلات الصادرات، والتوسع غير المدروس في طباعة النقود، مما أدى إلى ضخ ما يقارب 6 تريليونات جنيه في السوق.
وأوضح عز العرب أن التحولات الاقتصادية في مصر تستغرق وقتًا، مشيرًا إلى أن الإصلاحات التي بدأت منذ عام 2016 بدأت تؤتي ثمارها رغم التحديات المستمرة. كما أشار إلى انعكاس منحنى العائد على السندات الحكومية، حيث أصبحت الفائدة قصيرة الأجل أعلى من الفائدة طويلة الأجل، وهو ما يعكس توقعات السوق بانخفاض أسعار الفائدة في المستقبل، خاصة مع استمرار تراجع معدلات التضخم.
وأكد أن البنك المركزي سيتبنى نهجًا تدريجيًا في خفض أسعار الفائدة، بخلاف الوتيرة السريعة التي شهدتها عملية رفعها في السابق، حيث كان التشديد النقدي ضروريًا لتعويض التأخر في اتخاذ القرارات. أما في مرحلة التيسير النقدي الحالية، فسيكون التوجه أكثر حذرًا لتجنب أي اختلالات اقتصادية.
تحرير سعر الصرف وأثره على الاقتصاد
شدد عز العرب على أهمية تحرير سعر الصرف وتركه لقوى العرض والطلب لتحقيق استقرار اقتصادي حقيقي، موضحًا أن السياسات السابقة التي اعتمدت على تثبيت سعر الجنيه أعلى من قيمته الحقيقية أدت إلى صدمات اقتصادية كبيرة. وأكد أن السماح للسوق بتحديد السعر سيحمي الاقتصاد من تكرار تلك الصدمات.
كما أشار إلى أن العقود المستقبلية غير القابلة للتسليم تسعّر الجنيه حاليًا عند 58 جنيهًا للدولار، بناءً على فروق أسعار الفائدة بين الجنيه المصري والدولار الأمريكي.
القطاع المصرفي وقدرته على مواجهة الأزمات
استعرض عز العرب قدرة البنوك المصرية على تجاوز الأزمات، مشيرًا إلى أن القطاع المصرفي نجح في مواجهة تحديات كبرى، بدءًا من الأزمة المالية العالمية في 2008، مرورًا بالتقلبات السياسية في 2011، وحتى الأوضاع الاقتصادية الحالية. وأكد أن البنوك تعد العمود الفقري للاقتصاد المصري، حيث أثبتت قدرتها على الصمود وتعزيز قاعدة رأس المال.
وفي هذا السياق، دعا إلى عدم انتقاد ربحية البنوك، موضحًا أن هذه الأرباح تُعاد استثمارها لتعزيز القاعدة الرأسمالية وضمان استقرار القطاع المالي.
توقعات التضخم ومستقبل أسعار الفائدة
أكد عز العرب أن السيطرة على التضخم تعد العامل الحاسم في خفض أسعار الفائدة تدريجيًا، مشيرًا إلى أن توقعات التضخم في مصر بدأت تتخذ منحنى هبوطيًا. ولفت إلى أن السوق كان يتعامل سابقًا مع تقديرات غير واقعية، مثل وصول الدولار إلى 80 جنيهًا أو الفائدة إلى 40%، لكن هذه التوقعات بدأت تتغير مع تراجع القدرة الشرائية.
وأشار إلى أن انخفاض الطلب سيدفع التجار إلى تقديم حوافز أو خفض الأسعار لمواكبة السوق، مما سيساهم في خفض معدلات التضخم، ويمهد الطريق لخفض مدروس لأسعار الفائدة.
أهمية التطوير والابتكار في القطاع المصرفي
أكد عز العرب أن التطوير لا يقتصر على التكنولوجيا فقط، بل يشمل العنصر البشري، موضحًا أهمية إعادة توظيف العاملين في الوظائف التكرارية نحو مهام ذات قيمة مضافة تخدم مصالح البنك والعملاء. كما شدد على ضرورة التحول والابتكار في تقديم الخدمات المالية لتلبية احتياجات السوق المتغيرة.
استقلالية البنك المركزي واتجاهاته المستقبلية
أشاد عز العرب بنهج الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في تحقيق التوازن النقدي، مشيرًا إلى استقلالية البنك المركزي المصري في اتخاذ قراراته رغم التحديات. وأوضح أن القرار المناسب حاليًا يتوقف على تحديد نسبة الخفض الملائمة في أسعار الفائدة، سواء كانت 1% أو 2%، بناءً على توقعات التضخم واستقرار الأسواق.
أكد عز العرب أن البنوك المصرية أثبتت قدرتها على مواجهة الأزمات، مشددًا على أهمية تبني سياسات نقدية ومالية أكثر مرونة لدعم النمو الاقتصادي، والتحرك نحو تحرير سعر الصرف لتعكس قوى السوق الحقيقية، مما يسهم في تحقيق استقرار مستدام للاقتصاد المصري.