تواجه مصر، شأنها شأن العديد من دول المنطقة، تحديات اقتصادية متزايدة في ظل التوترات الجيوسياسية المتصاعدة. وقد أثار تصريح رئيس الوزراء المصري حول احتمال اللجوء إلى “اقتصاد الحرب” جدلاً واسعاً، مما يستدعي تحليلًا معمقًا لهذا المصطلح وتداعياته المحتملة على الاقتصاد المصري والمواطن.
ويعتبر اللجوء إلى اقتصاد الحرب قرارًا صعبًا ويتطلب تقييمًا دقيقًا للمخاطر والفوائد. على الرغم من أن هذا الخيار قد يكون ضروريًا في بعض الحالات الطارئة، إلا أنه يجب استخدامه بحذر وبشكل مؤقت.
يجب على الحكومة المصرية اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتعزيز الاقتصاد الوطني وتوفير بيئة جاذبة للاستثمار، وذلك من أجل تحقيق التنمية المستدامة وتحسين مستوى معيشة المواطنين.
تعريف اقتصاد الحرب
يُعرف اقتصاد الحرب بأنه حالة استثنائية تتطلب فيها الدولة تخصيص مواردها بشكل كبير للإنفاق العسكري وتلبية الاحتياجات الأساسية للسكان، مع فرض قيود على الحريات الاقتصادية.
إدارة اقتصاد الحرب
توجيه الموارد نحو القطاع العسكري: زيادة الإنفاق على التسلح والتجهيزات العسكرية.
فرض الرقابة على الأسواق: تحديد الأسعار، وتوزيع السلع، وتقييد الاستيراد والتصدير.
تجنيد القطاع الخاص: إشراك القطاع الخاص في جهود الحرب، وتوجيه إنتاجه نحو تلبية احتياجات الجيش.
أسباب الحديث عن اقتصاد الحرب في مصر:
التوترات الإقليمية: تشهد المنطقة توترات متزايدة، مما يزيد من المخاوف بشأن اندلاع صراعات مسلحة.
التحديات الاقتصادية: تواجه مصر تحديات اقتصادية متعددة، مثل ارتفاع التضخم، وتراجع قيمة العملة، وزيادة الدين العام.
تأثير الحرب في أوكرانيا: أدت الحرب في أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار الطاقة والسلع الأساسية، مما أثر سلبًا على الاقتصاد المصري.
التداعيات المحتملة لاقتصاد الحرب على مصر:
تراجع النمو الاقتصادي: قد يؤدي تخصيص الموارد الكبيرة للإنفاق العسكري إلى إبطاء النمو الاقتصادي وتقليل الاستثمارات.
ارتفاع معدلات التضخم: قد يؤدي فرض الرقابة على الأسواق إلى نقص في السلع وارتفاع أسعارها.
زيادة البطالة: قد يؤدي تراجع النشاط الاقتصادي إلى زيادة معدلات البطالة.
تدهور مستوى المعيشة: قد يؤدي ارتفاع الأسعار ونقص السلع إلى تدهور مستوى المعيشة للمواطنين.
تراجع الاستثمارات الأجنبية: قد يؤدي عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي إلى تراجع الاستثمارات الأجنبية.
من الخبراء من يرى أن تصريح رئيس الوزراء حول اقتصاد الحرب “كارثي” لأنه يثبط الاستثمار ويؤثر سلبًا على الثقة في الاقتصاد المصري فيما يرى البعض الآخر أن العديد من دول المنطقة بحاجة إلى اقتصاد الحرب في ظل التطورات الميدانية الأخيرة، ولكن يجب مراعاة توفير الحاجات الأساسية للمواطنين.
وكان مدبولي قد لفت إلى أنه من الضروري أنَّ تهتم الدولة بكيفية الحرص على استمرار واستقرار واستدامة توفير السلع والخدمات والبنية الأساسية للمواطن المصري في ظل الظروف الراهنة.
وأكد أن الحكومة المصرية تعمل على التعامل مع هذا الوضع من خلال حزمة من الاجراءات والسياسات، والتي تمثل في جزء منها ردة فعل للتعامل مع الأحداث الحالية، لافتا إلى أن الدولة المصرية تعمل كذلك على وضع مجموعة من السيناريوهات التي يتم تغييرها باستمرار نتيجة للتطورات والمستجدات الراهنة.
من جانبه أكد المتحدث باسم رئاسة مجلس الوزراء المصري، محمد الحمصاني، أن الحكومة لديها خطة قوية لمواجهة أي تداعيات سلبية في حالة تصاعد أحداث الصراع في المنطقة، إذ يتم العمل على توفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين من خلال مخزون احتياطي استراتيجي قوي.
من المتوقع أن يكون التضخم في مصر قد عاود الانخفاض في سبتمبر، بعدما أدت زيادة في الأسعار أقرتها الحكومة إلى ارتفاع غير متوقع في أغسطس.
وأضاف في تصريحات لقناة “صدى البلد” المحلية أن مفهوم اقتصاد الحرب الذي تحدث عنه مدبولي، يقصد منه أن “تكون هناك إجراءات استثنائية يتم اتخاذها في حالة نقص سلاسل الإمداد عند وقوع حدوث حرب إقليمية بالمنطقة، كما حدث عند التعامل مع نقص السلع الغذائية أثناء جائحة كورونا الأخيرة، على حد قوله.
وشدد الحمصاني في حديثه على أنه يتم العمل بشكل مستمر على توفير الموارد اللازمة لتوليد الطاقة، كما أنه تم وضع خطة طوارئ للتعامل مع أي أزمة في المنطقة.
وتابع: “لدينا خطة للتعامل مع كافة الأمور، ونعمل على مواجهة أسوأ السيناريوهات في حالة حدوث مشاكل كبيرة في العالم والمنطقة”.
وكان مدبولي قد أعلن، الأربعاء، إن صندوق النقد الدولي طلب تأجيل مراجعته للشريحة الجديدة من القرض البالغ قيمته 8 مليارات دولار لما بعد اجتماعاته السنوية.
وكان من المرتقب إتمام المراجعة الرابعة للقرض في نوفمبر المقبل، بحسب ما أعلنت جولي كوزاك، المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي، قبل أيام.
ووقعت مصر في مارس الماضي حزمة دعم مالي قيمتها 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي للمساعدة في السيطرة على سياسة نقدية تغذي التضخم، لكنها تستلزم زيادة في أسعار عدد كبير من المنتجات المحلية.
ورفعت الحكومة أسعار عدد من السلع المدعومة للتصدي لعجز الموازنة الذي بلغ 505 مليارات جنيه مصري (10.3 مليار دولار) في السنة المالية المنتهية في 30 يونيو الفائت، كما خفضت قيمة الجنيه بشدّة قبل شهور.
وسبق أن حصلت مصر من صندوق النقد الدولي بعد المراجعة الثالثة في نهاية يونيو على شريحة قيمتها 820 مليون دولار.