يعاني الملايين حول العالم من الصداع النصفي، أحد أكثر أنواع الصداع إزعاجًا وتأثيرًا على جودة الحياة. ومع أن العلاجات الدوائية قد تساعد البعض، إلا أن كثيرين يجدون أنفسهم غير قادرين على التخلص من الألم حتى مع أقوى المسكنات ، في ظل هذا التحدي، ظهرت مؤخراً حيلة غريبة لكنها فعالة، أثارت تفاعلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصًا تطبيق “تيك توك ” ، فتاة تُدعى “تيلي ووكر” نشرت فيديو عبر حسابها على “تيك توك”، كشفت فيه عن طريقة غريبة لكنها فعّالة في تخفيف نوبات الصداع النصفي التي تعاني منها منذ سنوات.
ظهرت تيلي في الفيديو وهي مستلقية على ظهرها على السرير، وتوازن زجاجة مياه إيفيان ممتلئة على جبهتها، وعلقت قائلة: “الأدوية لا تنفع معي ، لكن النوم بهذه الطريقة مع زجاجة ماء على الجبهة يوقف الألم تمامًا. هذه الحيلة غيرت حياتي”.
سرعان ما انتشر الفيديو وجذب ملايين المشاهدات، وبدأت التعليقات تنهال من أشخاص يشاركون قصصهم وتجاربهم مع الصداع، وبعضهم قال إنه جرّب الطريقة ووجد فيها راحة ملحوظة.
هل هناك تفسير علمي للحيلة؟
قد يبدو الأمر بسيطًا أو حتى غير منطقي للبعض، لكن المفاجأة أن هذه الطريقة لها أساس علمي يدعم فاعليتها. الدكتور “نوح روزن”، أخصائي الأعصاب ومدير مركز نورثويل للصداع في الولايات المتحدة، أوضح في تصريحات لصحيفة “نيويورك بوست” أن الضغط الميكانيكي على منطقة الألم قد يساعد فعلاً في تخفيف الشعور بالصداع، وذلك من خلال ما يعرف بـ: “التحكم المثبط للمنبهات المؤلمة (Pain Inhibitory Control)”.
بمعنى أن وجود منبه آخر قوي (كالضغط الناتج عن زجاجة الماء) يمكن أن يُقلل من استجابة الجسم لمنبه الألم الأصلي (الصداع).
الصداع .. جذور الفكرة في الطب الشعبي
لم تكن تيلي أول من استخدم الضغط لتسكين الألم، إذ إن استخدام الضغط الموضعي له جذور في الممارسات الشعبية القديمة، مثل ربط الرأس بإحكام باستخدام وشاح أو قطعة قماش، أو حتى وضع حجر بارد على الجبهة. ورغم أن الطب الحديث يعتمد على الأدوية والعلاجات السريرية، فإن العودة إلى هذه الحيل القديمة لا تزال تجد صدى لدى من لم تنجح معهم الوسائل الطبية التقليدية.
أدوات طبية مشابهة
وفي إطار بحث الطب الحديث عن بدائل غير دوائية لتخفيف الصداع، ظهرت تقنيات مثل جهاز “نيريفيو” (Nerivio)، وهو جهاز يوضع على الذراع ويستخدم نبضات كهربائية خفيفة لتحفيز الأعصاب والتخفيف من نوبات الصداع النصفي. هذه التقنية تعتمد على مبدأ مشابه لفكرة تيلي، وهو تشتيت إشارات الألم الصادرة من الدماغ عن طريق منبهات بديلة.
أهمية الزجاجة الممتلئة
حسب تجربة تيلي، لا تعمل الحيلة إلا إذا كانت زجاجة المياه ممتلئة بالكامل، مما يوفّر وزناً وضغطاً كافياً على الجبهة. وتقول إن الزجاجة لا تسقط بسهولة إذا استلقت بوضعية مناسبة، بل تساعد على الاسترخاء والشعور بالراحة تدريجيًا، حتى يغفو الشخص وتخف نوبة الصداع تدريجيًا أو تختفي كليًا.
ردود الفعل من المتابعين
انهالت التعليقات على فيديو تيلي من متابعين يعانون من نوبات صداع مزمنة، وأكد كثيرون أنهم جرّبوا نفس الطريقة أو طرق مشابهة مثل وضع الثلج أو القماش المبلل، وقال أحدهم: “هذا هو النوع من الأفكار التي لا يمكن أن يفكر فيها إلا من يعاني فعلاً من الصداع النصفي. وأنا واحد منهم”.
وأعرب آخرون عن شكرهم لها على مشاركة هذه التجربة البسيطة لكنها فعالة، مشيرين إلى أن الطب لا يقدّم دائماً حلولاً شافية، وأن الحلول البديلة قد تصنع فارقًا في حياة الناس.
نصيحة الأطباء
ورغم أن الأطباء لا يوصون بتجاهل العلاجات الطبية، فإنهم لا يرفضون تماماً هذه الوسائل غير التقليدية طالما أنها لا تُسبب ضررًا. ويؤكد د. روزن أن “أجسام الناس تستجيب بشكل مختلف”، لذلك من الجائز أن يجد البعض راحة كبيرة من وسائل بسيطة مثل زجاجة الماء، خاصة إذا كانت نوبة الصداع في بدايتها.
لماذا يعاني الملايين من الصداع النصفي؟
الصداع النصفي مرض عصبي معقد، يسبب ألمًا نابضًا في جانب واحد من الرأس، وغالبًا ما يُصاحبه أعراض مثل الغثيان، والحساسية للضوء أو الأصوات. وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن أكثر من مليار شخص حول العالم يعانون من الصداع النصفي بدرجات متفاوتة.
أسبابه لا تزال غير مفهومة بشكل كامل، لكن هناك عدة عوامل قد تُحفز ظهوره، منها:
التوتر والقلق
اضطرابات النوم
التغيرات الهرمونية
بعض أنواع الأطعمة أو المشروبات
الجينات الوراثية
هل تجرب الحيلة بنفسك؟
إذا كنت من المصابين بالصداع النصفي، وسبق أن استخدمت الأدوية دون فائدة، فقد تكون هذه الحيلة مناسبة لتجربتها. كل ما تحتاجه هو زجاجة ماء ممتلئة، ووضع مريح في السرير، وغرفة هادئة. لا ضرر من المحاولة، خصوصاً إذا كانت الطريقة آمنة وغير مكلفة، وقد تغيّر مجرى يومك نحو الأفضل.