أثارت واقعة اتهام الإعلامية مها الصغير بسرقة لوحات فنية ونسبها لنفسها خلال استضافتها في برنامج “معكم منى الشاذلي” جدلًا واسعًا في الأوساط الفنية والإعلامية بمصر.
الحلقة، التي بُثت في يونيو 2025 على قناة ON E، شهدت عرض لوحات فنية نسبتها الصغير إلى نفسها، ليتبين لاحقًا أنها تعود لفنانين عالميين، من بينهم الفنانة الدنماركية ليزا لاش نيلسون والفنان الفرنسي سيتي.
هذه الأزمة ألقت الضوء على دور البرنامج في الترويج غير المقصود لهذه الأعمال المنسوبة بشكل خاطئ، مما أثار تساؤلات حول مسؤولية إدارة البرنامج في التحقق من صحة المعلومات المقدمة.
خلفية الواقعة
خلال حلقة من برنامج “معكم منى الشاذلي”، تحدثت الإعلامية مها الصغير عن شغفها بالفنون التشكيلية، مدعية أنها تمارس الرسم منذ سنوات. تم عرض عدد من اللوحات على الشاشة، بما في ذلك لوحة بعنوان “صنعت لنفسي بعض الأجنحة”، التي قالت الصغير إنها من إبداعها.
لكن الفنانة الدنماركية ليزا لاش نيلسون كشفت عبر حسابها على إنستغرام أن هذه اللوحة، التي رُسمت عام 2019، هي عملها الفني، واستُخدمت سابقًا كرمز للنضال من أجل الحرية. وأضافت أن الصورة المعروضة في البرنامج هي الصورة الأصلية للوحتها دون تعديل، مما يشير إلى انتهاك واضح لحقوق الملكية الفكرية.
لاحقًا، انضم فنانون آخرون، بما في ذلك الفنان الفرنسي سيتي والفنانة الألمانية كارولين وينديلين، ليتهموا الصغير بسرقة أعمالهم أيضًا، حيث شملت اللوحات المعروضة أعمالًا بعناوين مثل “دواركا” و”كيغالي” و”بوشيدو”، والتي تحمل توقيعات الفنانين الأصليين.
ردود فعل الفنانين والجمهور
أثارت الواقعة موجة غضب على منصات التواصل الاجتماعي، حيث وصفت الفنانة ليزا لاش نيلسون ما حدث بأنه “انتهاك صارخ” لاتفاقية برن الدولية لحماية الملكية الفكرية والقوانين المصرية.
وأشارت إلى أنها حاولت التواصل مع مها الصغير وفريق البرنامج دون رد، مما دفعها لنشر القصة علنًا.
كما عبر الفنان الفرنسي سيتي عن صدمته، مشيرًا إلى أن لوحاته ظهرت مع توقيعه وصورة مرسمه السابق، واصفًا الواقعة بأنها “سرقة في وضح النهار” و”فكرة سخيفة” في عصر يمكن فيه التحقق من المعلومات بسهولة.
الإعلامية ياسمين الخطيب هاجمت الصغير، واصفة الواقعة بـ”السرقة الفجة” و”البجاحة الفنية”، مؤكدة أن اللوحات لم تُعد إنتاجها، بل استُخدمت صورها الأصلية مباشرة.
كما أشارت الرسامة المصرية علياء عصام إلى أنها هي من نبّهت نيلسون للواقعة بعد اكتشافها اللوحة المسروقة.
من جانب الجمهور، تصدرت القضية التريند على منصة إكس، حيث وصف مستخدمون الواقعة بأنها “فضيحة”، معبرين عن استيائهم من غياب التحقق من جانب فريق البرنامج.
موقف مها الصغير
في مواجهة الانتقادات، أصدرت مها الصغير اعتذارًا علنيًا عبر حسابها على فيسبوك، قائلة: “أنا غلطت، غلطت في حق الفنانة الدانماركية ليزا، وفي حق كل الفنانين، وفي حق المنبر اللي اتكلمت منه، والأهم غلطت في حق نفسي. مروري بأصعب ظروف في حياتي لا يبرر ما حدث. أنا آسفة وزعلانة من نفسي”. لكن الاعتذار لم يخفف من حدة الانتقادات، حيث رأى البعض أنه جاء متأخرًا وبعد ضغط إعلامي واضح.
رد برنامج “معكم منى الشاذلي”
استجابت إدارة البرنامج بسرعة للأزمة، حيث أصدرت بيانًا عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك، أكدت فيه أن اللوحة تعود للفنانة ليزا لاش نيلسون، وأضافت: “نحترم المبدعين الحقيقيين، ونقدر إبداعاتهم الأصلية في كل المجالات”.
كما نشرت منى الشاذلي تعليقًا عبر إنستجرام، موضحة أن اللوحات المعروضة لم تكن من إبداع الصغير، مع الإشارة إلى أسماء الفنانين الحقيقيين.
وفي خطوة لاحتواء الأزمة، قامت الشاذلي بتعديل منشور سابق أخطأت فيه بذكر اسم فنان فرنسي خاطئ، لتصحيحه إلى الحساب الصحيح للفنان سيتي.
ومع ذلك، أثارت هذه الاستجابة تساؤلات حول إجراءات التحقق المسبق لدى فريق الإعداد انتقدوا غياب الإعداد الدقيق، معتبرين أن عرض لوحات منسوبة بشكل خاطئ يعكس “تقصيرًا مهنيًا” من برنامج بحجم “معكم منى الشاذلي”.
كما أشار البعض إلى أن حذف الحلقة من بعض المنصات الرسمية.
التداعيات القانونية
أعلن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر استدعاء الممثل القانوني لقناة ON E للتحقيق في الواقعة، بعد رصد عرض أعمال فنية دون التحقق من حقوق الملكية الفكرية. وأكد المجلس أن هذا الإجراء يأتي بناءً على انتهاك محتمل للقوانين المصرية واتفاقية برن الدولية. هذه الخطوة تعكس جدية الموقف، خاصة أن اللوحات المعروضة لم تُنسب إلى أصحابها الحقيقيين، مما قد يعرض القناة والبرنامج لمسؤولية قانونية.
هل كان البرنامج مسؤولًا عن الترويج للسرقة؟
لا يوجد دليل مباشر يشير إلى أن برنامج “معكم منى الشاذلي” روّج عن عمد لسرقة اللوحات الفنية. ومع ذلك، يتحمل البرنامج مسؤولية مهنية بسبب عدم التحقق من صحة المعلومات المقدمة من الضيفة مها الصغير.
اللوحات التي عُرضت، والتي شملت صورًا أصلية تحمل توقيعات الفنانين، كان يمكن التحقق منها بسهولة من خلال منصات مثل إنستجرام أو بينترست، حيث نُشرت سابقًا.
الفنان الفرنسي سيتي أشار إلى أن “التحقق يمكن أن يتم بنقرات قليلة”، مما يسلط الضوء على التقصير في إعداد الحلقة.
من ناحية أخرى، رد البرنامج السريع واعتذاره العلني، إلى جانب تصحيح المعلومات، يعكسان محاولة لاحتواء الأزمة.
لكن حذف الحلقة من بعض المنصات أثار انتقادات إضافية، حيث رأى البعض أنه محاولة للتقليل من تأثير الفضيحة بدلاً من مواجهتها بشفافية كاملة.