في خطوة تعكس التفاعل السريع والفعّال من الحكومة المصرية لحماية التنوع البيولوجي، أعلنت وزارة البيئة عن نجاحها في إعادة سلحفاة بحرية مهددة بالانقراض إلى بيئتها الطبيعية داخل محمية أشتوم الجميل بمحافظة بورسعيد، وذلك بعد تلقي بلاغ من إحدى المواطنات التي عثرت على الكائن النادر في حالة صحية متدهورة ، جاء هذا التحرك العاجل تنفيذًا لتوجيهات الدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية والقائمة بأعمال وزير البيئة، التي شددت على ضرورة التعامل السريع مع أي بلاغات تخص الكائنات البحرية النادرة، وضرورة توفير الرعاية البيئية والعلمية اللازمة لها، باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من الثروة الطبيعية لمصر.
وأكدت الوزارة في بيان رسمي أن التعامل مع الواقعة تم بمنتهى الاحترافية والسرعة، من خلال فريق متخصص من الإدارة المركزية للتنوع البيولوجي وفريق الحياة البرية التابعين لقطاع حماية الطبيعة.
مواطنة تنقذ سلحفاة نادرة وتضرب نموذجًا في الوعي المجتمعي
القصة بدأت حين عثرت إحدى المواطنات على سلحفاة بحرية على الشاطئ في حالة ضعف شديد، وبدلاً من تجاهلها، قامت بتوفير الرعاية اللازمة لها حتى استعادت جزءًا كبيرًا من عافيتها، ثم تواصلت مع وزارة البيئة لتسليم الكائن البحري النادر للجهات المختصة.
وقد أشادت الدكتورة منال عوض بهذه الخطوة قائلة: “نشيد بوعي المواطنة ودورها الإيجابي في إنقاذ سلحفاة مهددة بالانقراض، ونؤكد أن حماية كائناتنا البحرية مسؤولية مشتركة تتطلب تضافر جهود الدولة والمجتمع”.
فحص علمي دقيق وتوثيق بيانات السلحفاة
بعد تسلّم السلحفاة، قام فريق متخصص من الحياة البرية بفحصها وتسجيل بياناتها العلمية، وتبين أنها تنتمي إلى فصيلة السلاحف ذات الرأس الكبير (Caretta caretta)، وهي فصيلة مهددة بالانقراض عالميًا، وتخضع للحماية بموجب اتفاقيات دولية، مثل اتفاقية سايتس (CITES).
ووفقًا للتقييم الأولي، فإن السلحفاة صغيرة السن ولم تتعرض لإصابات جسدية خطيرة، مما سهّل اتخاذ القرار بإعادتها إلى بيئتها الطبيعية بعد التأكد من قدرتها على السباحة والتغذية بشكل طبيعي.
“أشتوم الجميل”.. بيئة طبيعية حاضنة للحياة البحرية
تم اختيار محمية أشتوم الجميل ببورسعيد كمكان مناسب لإعادة السلحفاة إلى بيئتها، نظرًا لما توفره من ظروف بيئية آمنة وتنوع طبيعي غني يدعم الكائنات البحرية، خاصة الأنواع النادرة.
وتُعد المحمية من أهم النقاط على ساحل البحر الأبيض المتوسط لاستقبال الطيور المهاجرة والكائنات البحرية، كما تمثل نموذجًا حيًا للتوازن البيئي والتنوع البيولوجي الذي تسعى مصر للحفاظ عليه ضمن استراتيجيتها البيئية المستدامة.
دعوة رسمية من الوزارة للمواطنين: أبلغوا فورًا
وفي ختام بيانها، وجهت وزارة البيئة نداءً إلى المواطنين بسرعة الإبلاغ عن أي كائنات بحرية أو برية نادرة أو مهددة بالانقراض، لضمان التعامل معها بأسلوب علمي وبيئي سليم، يضمن الحفاظ على النظام البيئي المصري.
وقالت الوزارة: “نهيب بالمواطنين التعاون معنا لحماية كنوز مصر الطبيعية، ونشجع كل من يصادف كائنًا نادرًا على التواصل الفوري مع الجهات المعنية عبر الخط الساخن أو صفحات الوزارة الرسمية”.
حماية التنوع البيولوجي.. أولوية وطنية
تمثل هذه الواقعة واحدة من الحالات التي تؤكد التزام الدولة المصرية ووزاراتها المختلفة، وعلى رأسها وزارة البيئة، بحماية التنوع البيولوجي، واعتبار الكائنات النادرة جزءًا من الإرث الطبيعي الذي يجب صونه للأجيال القادمة.
وكانت مصر قد أطلقت خلال السنوات الأخيرة عددًا من المبادرات البيئية، مثل:
مبادرة “إيكو إيجيبت” للترويج للسياحة البيئية.
حملات التوعية بحماية السلاحف البحرية في الساحل الشمالية والبحر الأحمر.
دعم المحميات الطبيعية وتحديث بنيتها التحتية.
إدماج مفهوم التعليم البيئي في المناهج الدراسية.
إشادة دولية بالتحركات المصرية
تلقى دور مصر في حماية الكائنات المهددة بالانقراض إشادة من منظمات دولية، من أبرزها الاتحاد الدولي لصون الطبيعة (IUCN)، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)، حيث تعتبر مصر من الدول الموقعة على عدة اتفاقيات بيئية دولية، وتلعب دورًا محوريًا في حماية الأنواع البحرية.
تُجسد واقعة إنقاذ السلحفاة المهددة بالانقراض وإعادتها إلى محمية “أشتوم الجميل” نموذجًا حقيقيًا للتعاون بين المواطنين والحكومة، وتؤكد أن الوعي المجتمعي يمكن أن يكون خط الدفاع الأول عن البيئة.
وفي ظل استمرار جهود وزارة البيئة بقيادة د. منال عوض، يمكن القول إن حماية التنوع البيولوجي داخل مصر على وجه الوه التحديد لم تعد فقط مهمة بيئية، بل أصبحت مسؤولية وطنية ومجتمعية مشتركة، تتطلب تفاعلًا دائمًا واستعدادًا للتدخل في كل لحظة.