أطلق التحالف الدولي لمكافحة التجارة غير المشروعة (TRACIT) بالتعاون مع اتحاد الأعمال في جنوب إفريقيا (BUSA) تقريرًا بعنوان “مراجعة استراتيجية 2025: نحو شراكة وطنية للحد من التجارة غير المشروعة في جنوب إفريقيا”.
يمثل التقرير دعوة عاجلة لتوحيد جهود الحكومة، القطاع الخاص، والمجتمع المدني لمواجهة التحديات المتفاقمة التي تفرضها الأنشطة الاقتصادية غير القانونية على اقتصاد جنوب إفريقيا.
جاء إطلاق التقرير خلال فعالية بارزة عُقدت في جوهانسبرغ، بحضور نخبة من ممثلي الحكومة، الشركات، منظمات المجتمع المدني، وخبراء اقتصاديين. وسلّط التقرير الضوء على التهديدات الخطيرة التي تشكلها التجارة غير المشروعة على الاقتصاد الوطني، مؤكدًا أن مواجهتها تتطلب شراكة وطنية متكاملة واستراتيجية فعالة.
وتناول التقرير تأثير هذه الظاهرة على قطاعات حيوية مثل السجائر، الكحول، الأدوية، المواد الغذائية، والسلع الاستهلاكية المقلدة.
وفقًا للتقرير، تُكلّف التجارة غير المشروعة اقتصاد جنوب إفريقيا حوالي 100 مليار راند سنويًا (ما يعادل 5.56 مليار دولار أمريكي)، مع خسارة يومية تصل إلى 250 مليون راند (13.89 مليون دولار) من الإيرادات الضريبية.
ويبرز قطاع السجائر كأكثر القطاعات تضررًا، حيث يسيطر السوق غير القانوني على 60% من إجمالي السوق، بينما تشكل التجارة غير المشروعة في الكحول نحو 22%.
تتسبب هذه الظاهرة في تآكل الإيرادات الضريبية، تقليص فرص العمل والاستثمار، تقويض العدالة الاقتصادية، وإعاقة الخطط التنموية للدولة.
ويعزو التقرير تفاقم الظاهرة إلى ضعف إنفاذ القانون، انتشار الفساد، غياب التنسيق بين الجهات المعنية، وتداعيات جائحة كوفيد-19.
خلال الفعالية، أكد جيفري هاردي، المدير العام لـ TRACIT، على الحاجة الملحة لتحرك منسق على المستوى الوطني، معتبرًا أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص تشكل حجر الزاوية لبناء اقتصاد آمن وعادل.
وحذّر من أن التهاون في مواجهة هذه الظاهرة سيؤدي إلى أعباء اقتصادية واجتماعية لا تُطاق.
بدوره، قال إستيبان جوديشي، مدير البرامج في TRACIT، إن “التجارة غير المشروعة تهدد استقرار الاقتصاد ونموه، فهي تحرم الحكومة من إيرادات ضريبية حيوية، تشوه السوق القانونية، وتقلل ثقة المستثمرين.
ورغم الجهود المبذولة، تظل هذه الظاهرة متجذرة، وتتطلب استجابة أكثر حزمًا وتنسيقًا بين الحكومة والقطاع الخاص.
من جانبه، وصف كوليكاني ماثي، المدير التنفيذي لـ BUSA، التجارة غير المشروعة بأنها “تهديد وطني”، مشددًا على ضرورة نهج حكومي شامل بدلاً من التعامل المجزأ مع القطاعات.
وأشار إلى أن هذه الظاهرة تقوّض ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة، تعرض المستهلكين لمخاطر المنتجات المغشوشة، وتحرم الخزينة من مواردها.
وأضاف الدكتور غراهام رايت، المدير التنفيذي لمنظمة “الأعمال ضد الجريمة في جنوب إفريقيا” (BACSA)، أن إقبال المستهلكين على السلع المقلدة يعود إلى أسعارها المنخفضة، رغم مخاطرها الكبيرة على سلامتهم والاقتصاد الوطني.
وانتقد ضعف العقوبات الحالية، داعيًا إلى تسريع الإجراءات القضائية وتأهيل أجهزة إنفاذ القانون لمواجهة هذه الظاهرة بفعالية.
قدّم التقرير مجموعة توصيات عملية لبناء بيئة اقتصادية منضبطة، تشمل: إنشاء لجنة وطنية دائمة تضم القطاعين العام والخاص، تحديث أنظمة الجمارك بتقنيات التتبع والذكاء الاصطناعي، إطلاق حملات توعية حول مخاطر المنتجات غير القانونية، تطوير الأطر التشريعية لملاحقة المخالفين، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي لتبادل المعلومات.
كما دعا إلى تعزيز الشفافية في سلاسل التوريد للحد من التزوير والتهريب.ويرسم التقرير خارطة طريق طموحة لجعل مكافحة التجارة غير المشروعة أولوية وطنية، تستند إلى إرادة سياسية قوية وتعاون فعال بين الأطراف، لتعزيز بيئة الأعمال، زيادة الإيرادات العامة، وتحقيق تنمية اقتصادية عادلة.
وتتجه الأنظار إلى مؤتمر الأطراف للإتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ (WHO FCTC) في جنيف نوفمبر القادم، حيث ستُناقش قضايا تهريب منتجات التبغ وتعزيز التجارة القانونية.