يدخل سوق الذهب الربع الأول من عام 2026 مثقلاً بتركة من التقلبات العنيفة التي شهدها عام 2025، حيث يترقب المستثمرون بحذر مسار السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
وفي ظل التوقعات التي تشير إلى اقتراب “دورة التيسير” من نهايتها أو استقرارها عند مستويات معينة، يبرز التساؤل: هل سيحتفظ الذهب بزخمه التاريخي أمام “الفائدة الحقيقية”؟
١. ديناميكية الفائدة: من الضغط إلى الدعم
وفقاً للبيانات الحالية، يتوقع بنك “جي بي مورجان” ومؤسسات دولية أخرى أن يشهد الربع الأول من 2026 استقراراً نسبياً في أسعار الفائدة بعد سلسلة من التخفيضات في أواخر 2025.
تكلفة الفرصة البديلة: تقليدياً، عندما تنخفض الفائدة، تتراجع جاذبية الدولار والسندات، مما يقلل من “تكلفة الفرصة البديلة” لحيازة الذهب الذي لا يدر عائداً.
الفائدة الحقيقية vs التضخم: الملمح الأهم في مطلع 2026 هو “الفائدة الحقيقية” (الفائدة الاسمية مطروحاً منها التضخم). إذا ظل التضخم “لزجاً” (Sticky) فوق مستويات 2.5% مع فائدة مستقرة، فإن العائد الحقيقي سيظل منخفضاً، وهو الوقود المثالي لقفزات الذهب.
٢. “حمى الذهب” لدى البنوك المركزية
لم يعد سعر الفائدة هو المحرك الوحيد؛ فالربع الأول من 2026 سيشهد استمرار “الدورة الفائقة” لشراء الذهب من قبل البنوك المركزية (خاصة الصين والهند).
تنويع الاحتياطيات: تشير التوقعات إلى أن الطلب المؤسسي سيبلغ متوسط 585 طناً لكل ربع سنة في 2026. هذا الطلب الهيكلي يعمل كـ “وسادة أمان” تمنع انهيار الأسعار حتى لو ارتفعت الفائدة بشكل مفاجئ لضبط التضخم.
٣. التوقعات السعرية: هل نرى الـ 5000 دولار؟
تتباين آراء المؤسسات المالية الكبرى حول المستهدفات السعرية في الربع الأول من 2026:
السيناريو المتفائل (Bull Case): يرى “جولدمان ساكس” أن الذهب قد يكسر حاجز 4500 دولار للأونصة في مطلع العام، مدعوماً بضعف الدولار والمخاوف من استدامة الدين الأمريكي.
السيناريو المتحفظ (Base Case): يتوقع “مورغان ستانلي” استقرار الأسعار حول مستويات 4000 – 4200 دولار، معتبراً أن جزءاً كبيراً من تأثير خفض الفائدة قد تم استيعابه بالفعل في الأسعار (Priced in).
. المتغير الجيوسياسي: “علاوة المخاطر”
في الربع الأول من 2026، ستلعب التوترات الجيوسياسية دور “المسرّع” (Accelerator). فإذا اقترنت تحركات الفائدة بضعف في اليقين السياسي العالمي، سيتحول الذهب من مجرد أصل استثماري إلى “عملة أخيرة” (Currency of last resort).
نصيحة للمستثمرين: راقبوا تقارير الوظائف الأمريكية في يناير وفبراير 2026؛ فهي البوصلة التي ستحدد ما إذا كان الفيدرالي سيعيد رفع الفائدة (مما قد يهدئ الذهب مؤقتاً) أم سيستمر في التيسير (مما سيطلق شرارة الانفجار السعري القادم).















