يبرز حظر تطبيق تيك توك في مصر كمحور نقاش ساخن في الأوساط الشعبية في ظل مخاوف تتعلق بالقيم المجتمعية والأخلاقية حول تأثير منصات التواصل الاجتماعي على المجتمع المصري.
وتتزايد الدعوات من المجتمع إلى جانب بعض النواب والنشطاء لفرض حظر على تيك توك ، مشيرين إلى جدل يتعلق بعادات وتقاليد المجتمع، بينما يرى آخرون أن التطبيق يمثل منصة إبداعية تدعم الشباب وتعزز الاقتصاد الرقمي.
تيك توك، المنصة الصينية التي أطلقتها شركة “بايت دانس” عام 2016، شهدت انتشارًا واسعًا في مصر، حيث يُقدّر عدد مستخدميها بأكثر من 37 مليون مستخدم، مما يجعل مصر في المرتبة 11 عالميًا من حيث عدد المستخدمين، وفقًا لإحصاءات “We Are Social”.
يعتمد التطبيق على مقاطع فيديو قصيرة تتيح للمستخدمين التعبير عن أنفسهم في مجالات متنوعة، من الترفيه إلى التعليم والتسويق.
لكن هذا التنوع أثار جدلاً حول محتوى التطبيق، حيث يرى البعض أنه يروج لسلوكيات تخالف القيم المصرية التقليدية.
في نوفمبر 2024، تقدم النائب عصام دياب، عضو لجنة الصناعة بمجلس النواب، بطلب إحاطة إلى رئيس الوزراء مصطفى مدبولي ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عمرو طلعت، يطالب فيه بحظر تيك توك نهائيًا، مشيرًا إلى أن التطبيق يساهم في “نشر الفسق والفجور بين الشباب” ويهدد الهوية المصرية.
وأشار دياب إلى أن التطبيق يحتوي على محتوى ينتهك الأخلاق المصرية، وأن هناك قضايا أحيلت إلى القضاء تتعلق بانتهاكات التطبيق.
كما أشار إلى أن 19 دولة حول العالم فرضت قيودًا أو حظرًا على تيك توك لأسباب تتعلق بالأمن القومي، الخصوصية، أو القيم الاجتماعية.
موقف الحكومة والجهات الرسمية
على الرغم من هذه الدعوات، أكد النائب أحمد بدوي، رئيس لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، في أغسطس 2024، أن الحكومة المصرية ليس لديها نية حاليًا لحظر تيك توك.
وأوضح بدوي أن لجنة الاتصالات، بالتعاون مع الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، تعمل على وضع ضوابط جديدة لتنظيم محتوى التطبيق بدلاً من حظره، بهدف الحفاظ على القيم المجتمعية ومعالجة المحتوى المخالف للأخلاق. لكنه لم يكشف عن تفاصيل هذه الضوابط، مما أثار تساؤلات حول كيفية تطبيقها.
من جانبها، استخدمت بعض الجهات الحكومية تيك توك لتعزيز مبادراتها، مثل وزارة الشباب والرياضة التي وقّعت اتفاقية مع التطبيق لإطلاق “مركز مبدعي تيك توك المصري” بهدف توعية الشباب باستخدام المنصة بشكل مسؤول. هذا التناقض بين استخدام التطبيق رسميًا والدعوات لحظره يعكس تعقيد الموقف الحكومي.
وجهات نظر المجتمع
الجدل حول تيك توك ليس مقتصرًا على الأروقة البرلمانية، بل امتد إلى الشارع المصري. فقد انتشرت حملات على مواقع التواصل الاجتماعي، مثل هاشتاج “#حظر_تيك_توك_في_مصر”.
ويصف البعض التطبيق بأنه “مرض” يحتاج إلى “علاج” بحظره، مشيرين إلى أن 80% من محتواه يتعارض مع الأخلاق المجتمعية، فعلى سبيل المثال، عبر عبد العزيز، 61 عامًا، عن قلقه من تأثير التطبيق على الشباب، معتبرًا أنه يصرفهم عن التعليم والقيم الجوهرية.
نص الكوباية المليان.. رؤية تيك توك منصة مفيدة
يوسف، شاب يبلغ 25 عامًا، أشار إلى أن التطبيق يوفر محتوى تعليميًا وترفيهيًا، مثل وصفات الطعام ونصائح عملية، ويسمح بالتعرف على ثقافات مختلفة دون الحاجة إلى السفر.
كما أكدت فريدة، 40 عامًا، أن حظر التطبيق لن يحل المشكلة، بل يجب التركيز على تعزيز التوعية والتعليم لتكوين جيل قادر على مواجهة التأثيرات السلبية للمنصات الرقمية.
حظر تيك توك في مصر يواجه تحديات تقنية وقانونية.
أشار أحمد البنداري استشاري التسويق الرقمي إلى أن المستخدمين المصريين، قد يلجأون إلى استخدام شبكات VPN لتجاوز الحظر، عبر خبرة تقنية عالية مما يقلل من فعاليته.
أكد البنداري في تصريحات خاصة لـ ميجا نيوز أن التطبيق يخضع بالفعل لمراقبة صارمة من السلطات المصرية، حيث تم تقديم إلى الشرطة المصرية بسبب محتوى عدد من المستخدمين، خاصة النساء، بتهم “انتهاك القيم العائلية” بموجب قانون مكافحة جرائم الإنترنت لعام 2018.
من الناحية القانونية، سبق أن رفضت المحكمة الإدارية المصرية دعوى قضائية عام 2021 تطالب بحظر تيك توك، مما يشير إلى أن أي قرار بالحظر يتطلب أدلة قوية وتشريعات واضحة.
واستشهد البنداري بتجارب دول أخرى، مثل السنغال والصومال، أظهرت أن الحظر قد لا يكون فعالًا بالكامل، حيث يستمر المستخدمون في الوصول إلى التطبيق عبر وسائل تقنية بديلة.
التداعيات المحتملة
ونوه البنداري أن حظر تيك توك قد يكون له تداعيات اقتصادية واجتماعية. فالمنصة أصبحت مصدر دخل للعديد من المبدعين المصريين، الذين يستخدمونها للترويج لمنتجاتهم أو عرض مواهبهم.
وأوضح أن حظر التطبيق قد يحد من هذه الفرص، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية التي تشهدها مصر. مضيفاً أن الحظر قد يدفع المستخدمين إلى منصات أخرى أقل تنظيمًا، مما يعقد جهود الرقابة.
من ناحية أخرى، يرى بعض المؤيدون للحظر أنه سيحمي الشباب من المحتوى الضار ويعزز القيم المجتمعية. لكن خبراء، مثل البنداري، يرون أن التركيز على الرقابة على المحتوى والتعليم الرقمي هو الحل الأكثر فعالية بدلاً من الحظر الكلي