في ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة التي تشهدها المنطقة، تبرز مصر كعنصر محوري في معادلة الصراع الإقليمي، خاصة مع التكهنات المتصاعدة حول احتمالية هزيمة إيران وما قد يترتب عليها من تداعيات.
تواجه مصر تحديًا تاريخيًا في ظل تراجع الحلفاء الإقليميين وتصاعد الضغوط الدولية. موقفها الثابت ضد تهجير الفلسطينيين يعكس التزامها بالسيادة الوطنية، لكنه قد يقود إلى مواجهة مباشرة مع إسرائيل.
يرى السفير محمد مرسي أن سقوط إيران قد يمهد الطريق لتحقيق طموحات إسرائيل الإقليمية، التي قد تصطدم بموقف مصر الثابت الرافض لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء، مما يضع القاهرة في مواجهة تحديات غير مسبوقة.
هزيمة إيران: بداية مرحلة جديدة
وقال السفير محمد مرسي يُعتبر التخلص من البرنامجين النووي والصاروخي الإيرانيين، إلى جانب إضعاف قوتها الاقتصادية وتحالفاتها الإقليمية، هدفًا استراتيجيًا لإسرائيل وحلفائها.
أكد السفير محمد مرسي أن هذه الهزيمة، إن حدثت، ستُنهي تهديد إيران المباشر، لكنها قد تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الصراع تركز على مصر كعقبة رئيسية أمام “الحلم الإسرائيلي” بإعادة تشكيل الشرق الأوسط.
وفقًا لتحليلات استراتيجية، كشف السفير محمد مرسي أن إسرائيل تسعى إلى الضغط على مصر لقبول تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، تمهيدًا لضم الضفة الغربية وسيناء إلى أراضيها، وهو ما يُشكل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي المصري.
هذا الضغط قد يتصاعد إلى حد التهديد بدخول سيناء عسكريًا، مستندة إلى أن الظروف التي سمحت بوجود قوات مصرية في المنطقة “ج” بسيناء – خارج نطاق اتفاقية السلام – قد تغيرت بعد القضاء على الإرهاب، وفق الرواية الإسرائيلية.
مصر: بين الرضوخ والمواجهة
ونوه السفير محمد مرسي في مواجهة هذا السيناريو، تُواجه مصر خيارين صعبين: إما الرضوخ للضغوط الدولية – بقيادة إسرائيل بدعم أمريكي وأوروبي – تحت ذريعة “حفظ ماء الوجه”، أو الثبات على موقفها الرافض للتهجير، وهو الخيار الأرجح وفق المحللين. هذا الثبات قد يقود إلى مواجهة مباشرة مع إسرائيل، لكنها مواجهة ستواجهها مصر منفردة، في ظل تراجع الدعم الإقليمي.
الواقع الإقليمي: انحسار الحلفاء
تابع السفير محمد مرسي أن المعطيات تشير إلى أن دول الخليج غير قادرة أو راغبة في المخاطرة باستقرار أنظمتها، خاصة مع اكتمال التطبيع مع إسرائيل لبعضها، مما يجعلها بعيدة عن دعم مصر في أي مواجهة محتملة.
وأضاف السفير محمد مرسي: أما دول المغرب العربي، فهي منفصلة جيوسياسيًا عن القضية المصرية، بينما تظل سوريا تحت إدارة نظام يُوصف بالمتعاون مع إسرائيل، ولبنان والأردن في حالة ضعف سياسي وعسكري. العراق، من جهته، سيفقد قوته الإقليمية مع انهيار إيران، تاركًا مصر دون حلفاء فعليين.
في هذا السياق، تبرز تركيا كلاعب إقليمي يتحرك بحنكة، مستغلة التحولات لتعزيز نفوذها دون التورط في دعم مصر بشكل مباشر. هذا يترك مصر كـ”العقبة الأخيرة” أمام طموحات إسرائيل، التي تسعى لتحقيق “عصرها الذهبي” عبر إعادة تشكيل المنطقة.
استهداف مصر: حرب متعددة الأبعاد
ويكشف السفير محمد مرسي أن جهود إضعاف مصر بدأت منذ سنوات عبر استراتيجيات تستهدف إنهاكها اقتصاديًا، أمنيًا، اجتماعيًا، ثقافيًا، ونفسيًا. يُنظر إلى مصر كـ”الجائزة الكبرى” بفضل موقعها الاستراتيجي، قوتها البشرية، وتأثيرها الإقليمي. هذه الحملة الممنهجة تهدف إلى تطويع مصر لتتماشى مع المشروع الإسرائيلي، الذي يُروج له بدعم من الفكر الصهيوني المتشدد الذي يرى في مصر “العدو الحقيقي” رغم اتفاقيات السلام.
إيران وإسرائيل: مقارنة المخاطر
يحذر السفير محمد مرسي من النظر إلى إيران بعين التحيز الديني أو التاريخي، داعين إلى إعادة تقييم الأولويات. بينما تملك إيران وتركيا طموحات إقليمية، فإن إسرائيل تُشكل التهديد الأكثر مباشرة لمصر بسبب الجوار الجغرافي، التاريخ المشترك، والعقيدة السياسية الصهيونية التي تدعمها قوى غربية. هذا يجعل مواجهة الطموحات الإسرائيلية أولوية قصوى للأمن القومي المصري.